في عام 2025، الذي أطلقته وزارة الثقافة السعودية ليكون «عام الحِرف اليدوية »، تبرز أمامنا فرصة نادرة للتأمل في العلاقة العميقة بين الحِرفة والحكمة؛ فهي ليست مجرد مهن أو صناعات تقليدية، بل هي فنون متأصلة في جذور الإنسان، تحمل في طياتها قصصًا من الصبر والإبداع والهوية.
هل شعرت يومًا أن المصنوعات اليدوية تحمل سرًا خفيًا لا يمكن للآلة أن تضيفه؟
تمرر يدك على قطعة منحوتة أو نسيج متقن، فتشعر وكأن هناك صوتًا هادئًا يهمس لك قصة تتجاوز حدود الزمان والمكان.
إنها حالة انسجام بين الروح والعقل والعمل، حيث يضفي البُعد الأخلاقي والجمالي على تلك الأعمال رونقًا خاصًا، يحولها إلى تعبير بديع عن الأصالة والقيم الإنسانية.
فكل قطعة يصنعها الحِرفي تحكي قصة فريدة من الجهد والتفاني، كان يعبّر فيها عن ذاته وقيمه ورؤيته للعالم. ويرسم عليها هويته الثقافية لوحةً يدوم أثرها عبر الزمن، لتصبح نبع إلهام للمستقبل.
«عام الحِرف اليدوية» ليس مجرد احتفاء بالماضي أو بتقاليدنا الراسخة، بل هو دعوة لإعادة اكتشاف أنفسنا. إنه تذكير بأن العمل اليدوي ليس أداة تُستخدم، بل انعكاس لروح الإنسان المبدع، التي تضفي على العمل قيمة وخلودًا.
هذا العام يمثل فرصة نادرة للتأمل والعمل معًا. تأمل يعيد إحياء القيم التي تجعل تلك الفنون رمزًا للإبداع والتفاني، وعمل يضعنا أمام مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث وتطويره ليظل حاضرًا بيننا. فما أحوجنا، ونحن نسابق الوقت في عالمنا المعاصر لتلك الفنون التي تعيد الإنسان إلى جوهره الحقيقي، إلى الأصالة والمعنى.
هو دعوة للعودة إلى الجذور، لاستكشاف ما في تلك الصناعات من روح وحكمة قادرة على منح حياتنا معنى أعمق، وأعمالنا حياة أطول، فلنجعل من هذا العام فرصة لنُعيد للروح ما تستحقه من إبداع، وللحِرفة ما تستحقه من خلود.
** **
- نجاة الريس
Najatalrayes@