يبقى احتراف اللاعب السعودي في الدوريات الأوروبية، خاصة الكبرى منها، وسيلة مهمة لتطوير مستواه وصقل موهبته واكتسابه الخبرة الفنية العالية، مما سيعود بالنفع على المنتخبات الوطنية، وهذا النوع من الاحتراف يبدو أنه أصبح هاجساً للاعب الشاب في ظل وجود 8-10 محترفين أجانب في أندية دوري روشن للمحترفين، مما يضعف فرصته في المشاركة في الدوري والمسابقات المحلية الأخرى، ولكن يجب أن يكون هذا الاحتراف احترافاً مكتمل العناصر يخضع لقانون العرض والطلب حسب القيمة السوقية المقدرة لعقد كل لاعب، لكي تستفيد الأندية السعودية من بيع عقده أو إعارته، ويجب أن تكون قيمة عقد اللاعب السعودي المالية متماشية مع المستويات التي يقدمها، ومع قيمة دوري قوي مثل دوري روشن، الذي بات أفضل دوري في الشرق الأوسط، ومتوقع له بمشيئة الله أن يدخل في قائمة أفضل 10 دوريات في العالم قريباً.
وأما أن يقوم السماسرة بعرض المواهب السعودية على بعض الأندية الأوروبية بمبالغ مالية متواضعة، فهذا لا يخدم مشروع الكرة السعودية بشيء كون بعض الأندية في أوروبا تبحث عن لاعبين موهوبين بمبالغ مالية قليلة لكي تسوّق عقودهم بهدف الاستثمار فيهم، ولن يكون هدفها فنياً في المقام الأول، وإذا لم يتحقق مبتغاها تتخلَّى عن اللاعب بمخالصة زهيدة ويعود لناديه، وهو محبط على أن تجربته في الاحتراف الخارجي قد فشلت وقد يقفل هذا الملف للأبد، كما حدث لبعض نجوم الكرة السعودية في الماضي البعيد من دون ذكر الأسماء.
نعم، ليحترف اللاعب السعودي في الدوريات الأوروبية بكل فئاتها، ولكن بشكل طبيعي وبقيمته السوقية التي يستحقها حتى لا يتعاقد معه إلا ناد يرى فيه قيمة فنية عالية ويعتمد عليه في المباريات المهمة وليس لهدف استثماري بحت بحيث يشركه في بعض المباريات الهامشية لتسويق عقده وتحقيق مكاسب مالية من جراء ذلك.
الوضع الطبيعي أن يكون لدينا ما لا يقل عن 50 لاعباً ينشطون في الدوريات الأوروبية بمختلف درجاتها منهم 10-5 في الدوريات الخمسة الكبرى ،ولكن بحفظ قيمة عقد اللاعب السوقية وبأندية تحتاج لخدماتهم لا لتسوّق عقودهم.
بالمختصر المفيد
- إذا كان اللاعب السعودي سيذهب لأوروبا ليبقى على كرسي الاحتياط فبقاؤه في ناديه أفضل له وللمنتخب الوطني، ولذلك يجب أن يذهب اللاعب لأندية تبحث عن سد الثغرات في صفوفها وليس لأندية تبحث عن الاستثمار في عقود المحترفين وهي كثيرة.
- مروان الصحفي وفيصل الغامدي يشاركان باستمرارية مع نادي بيرتشوت البلجيكي وهذا شيءٍ إيجابي لهما وبعكس الموهبة سعود عبدالحميد الذي غالباً ما يكون في الدكة مع نادي روما على الرغم من إمكانياته العالية وما قدمه في المباريات التي شارك فيها يشفع له بأن يكون أساسياً، ولكن كثرة تغيير المدربين في نادي روما قد يكون السبب في عدم منح سعود فرصة أكبر في المشاركة وسوف يحصل عليها قريباً بمشيئة الله ويثبت جدارته.
- على اللاعب السعودي الطامح في الاحتراف في أوروبا أن يستعين بوكيل أعمال ملم بدهاليز الاحتراف هناك وأن يقدم تنازلات مالية في مستحقاته حتى يثبت جودته ثم يستطيع طلب كل ما يريده، ولكن أنا أذهب مع أن تأخذ الأندية السعودية المالكة لعقد اللاعب حقها كاملاً حسب القيمة السوقية لعقده لكي تعوّضه بلاعب محلي أو أجنبي من دون تكبدها خسائر مالية كبيرة.
- أتمنى مع حلول العام 2034 الذي سوف تستضيف فيه المملكة -أعزها الله- نهائيات كأس العالم لكرة القدم أن يكون جل اللاعبين الدوليين السعوديين الذين سيمثِّلون المنتخب الوطني في هذه البطولة يلعبون في الدوريات الأوروبية الكبرى، وهذا سيتحقق متى ما كان احتراف اللاعبين السعوديين في أوروبا وسيلة للاعبين الموهوبين لصنع سيرة ذاتية رائعة في الملاعب الأوروبية وليس بهدف التجربة المحدودة.
والله الموفِّق.
** **
- محمد المديفر
X: @mohdalimod