«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكدت الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي ديمة بنت يحيى اليحيى، أن التقنيات الرقمية اليوم لم تعد فقط وسائل للاتصال وتعزيز الكفاءة، بل باتت تمثل أيضًا محركات أساسية لتشكيل استراتيجيات السياسات الدولية؛ نظرًا لدورها في تعزيز المرونة الرقمية والاكتفاء الذاتي اللازمين لحماية «السيادة الرقمية» وضمان استقلالية القرار في صياغة مستقبل الشعوب ضمن الاقتصاد الرقمي العالمي.
وخلال محاضرة ألقتها اليحيى في معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية بعنوان «التحوّل الرقمي والدبلوماسيّة المعاصرة» بحضور عدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظّمات الدولية المعتمدة في المملكة العربية السعودية، أوضحت أن العلاقة بين التقنية والدبلوماسية «علاقة تكامليَّة» مشيرةً إلى أن هذا النوع من الترابط يقدّم فرصًا وتحدّيات في الوقت نفسه حيث يمكن للتقنية أن تكون محفّزًا للتعاون والابتكار والنمو الاقتصادي من جهة، كما يمكنها أن تزيد من حدّة الصراعات وتؤثر على الأمن والسلم.
وتطرّقت إلى عددٍ من الجوانب المتعلّقة بالدبلوماسية التقنيّة، موضحةً أن «السيادة الرقمية» ترتكز على مرونة الاقتصاد الرقمي واكتفاء الدولة الذاتي من البنية التحتية الرقمية، وحماية بياناتها، والسيطرة على تقنياتها، مما يتيح لها اتخاذ قراراتها بعيدًا عن أي تدخل خارجي، ويمثل تحقيق «السيادة الرقمية» خطوة حاسمة نحو تعزيز الأمن الوطني والابتكار، مع ضمان التحكم الكامل في الموارد الرقمية لمواكبة التغيرات العالمية.
وسلطت اليحيى الضوء على التهديدات المتزايدة في العالم الرقمي، مثل: الأعطال المفاجئة والهجمات السيبرانية والمعلومات المضللة، مشيرة إلى أهميتها كخطر حقيقي على الأمن الإقليمي والدولي، مقدمة استراتيجيات لمواجهتها، مثل: تعزيز التعاون والتنسيق الدولي الرقمي، وتطوير الأطر القانونية والتنظيمية، وتشجيع الابتكارات التقنية المحلية لرفع مرونة الاقتصاد الرقمي وتعزيز «السيادة الرقمية».
وعدت اليحيى أن المملكة العربية السعودية تقدِّم مثالًا عمليًّا على كيفية الاستفادة من التقنية لتحويل الاقتصاد وتعزيز مكانتها العالمية من خلال «رؤية 2030» وعدد من مشاريعها الطموحة، مشيدة في هذا الإطار باستراتيجيات المملكة المتعلقة بالبيانات والذكاء الاصطناعي.
واستعرضت الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي، عددًا من الحالات التي تستحق الدراسة على صعيد دولي، لافتة في هذا الصدد إلى أن الجانب المظلم للعصر الرقمي، من شأنه أن يخلق ويطوّر عددًا من التحديات من ضمنها الهجمات السيبرانية، مطالبة الدول بتبنّي حلول مبتكرة وتعاونية، مؤكدة أن بناء بيئة رقميّة آمنة هو مسؤولية مشتركة تتطلّب استراتيجيات منسّقة.
ودعت إلى تبنّي معاهدات ومواثيق دولية تعترف بالحاجة إلى التعاون الدولي المتعدد الأطراف وتعزيز المرونة الرقمية وحماية السيادة الرقمية للدول، مشددة على الدور المحوري الذي تلعبه الدبلوماسية في تعزيز التعاون الرقمي الدولي، وحفظ الأمن في المجتمع الدولي لتتمكن الشعوب من اغتنام الفرص الواعدة في الاقتصاد الرقمي، وتلافي مخاطره.
يذكر أن منظّمة التعاون الرقمي، منظمة دولية متعددة الأطراف، تأسست في نوفمبر 2020، وتضم عضوية 16 دولة عضوًا، تمثل مجتمعة ناتجًا محليًا إجماليًا تتخطى قيمته 3,5 تريليونات دولار، وعدد سكان يتجاوز الـ 800 مليون نسمة؛ 70 % منهم تحت سن الـ35، وهي منظمة دولية متعددة الأطراف تسعى إلى تمكين الازدهار الرقمي للجميع من خلال مد جسور التعاون لتوحيد جهود التحول الرقمي ودعم المصالح المشتركة.