«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
مكنت مبادرة المملكة العربية السعودية «الأسبوع العربي في اليونسكو» 22 دولة عربية مشاركة، من إبراز مكنونها الثقافي في فضاءٍ رحب، يرسخ العمل الثقافي والحضاري عربيًا ودوليًا، بما يسهم في النهوض بالثقافة وتطوير مجالات التربية والثقافة والعلوم على المستويين الإقليمي والعالمي. كما بذلت اللجنة الوطنية السعودية للتربية والثقافة والعلوم، مجهوداتٍ حثيثة لإظهار المشاركات، بالصورة التي تنسجم مع تلاقي الثقافات بين الدول العربية، خلال هذا الأسبوع العربي الذي ينظم لأول مرة في تاريخ عمل الدول العربية مع «اليونسكو» منذ أكثر من نصف قرن، ما يدلل على مكانة المملكة في التواصل الحضاري والتعايش الثقافي، إذ يشكل احتفالًا بالثراء الثقافي للعالم العربي عبر الآداب والفنون المتعددة.
وشكرت هذه الدول المملكة لمنحها هذا الفضاءً الفسيح للحوار بين الثقافات، بداية من تسليط الضوء على الثراء الثقافي والحضاري العربي مروراً بعرض الجوانب المتعددة من ثقافتها، في العروص الفنية والفلكلورية والعروض الشعبية، مع مخاطبة شعوب العالم في هذه التظاهرة عبر 15 عنصرًا ثقافيًا غير مادي تجمع بينهم، مسجلة في قوائم منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، عبر رسائل ثقافية حضارية تعزز الحوار والسلام العالمي، والدعوة لتبادل المعرفة والخبرات في شتى المجالات، وذلك من مقر المنظمة في باريس.
كما شملت أعمال هذه المبادرة 7 ندوات عن اللغة العربية، والخط العربي، والأدب العربي، والذكاء الاصطناعي، والتعليم والفن التشكيلي، والتراث الثقافي غير المادي، والتراث العالمي، إضافة لأنشة مصاحبة تمثلت في العروض الموسيقية، و4 معارض، هي المعرض الثقافي، ومعرض الخط العربي، ومعرض صور عن المواقع التراثية في العالم العربي، ومعرض المنتجات الثقافية العربية.
يدكر أن المشاركات الثقافية الـ 15 تعتبر أدوات فعالة ورسالة سلام للعالم، وهي تأكيد على تجسير التواصل الثقافي والحوار بين الشعوب لبناء عالم يسوده السلام والتعاون عبر الروابط الإنسانية، فيما تشمل هذه المشتركات حداء الإبل، والنخيل، والخط العربي، وطبق الهريس، والنقش على المعادن من ذهب وفضة ونحاس، وأشعار التغرودة، وفن تربية الصقور، وفنون حياكة السدو، وأطباق الكسكس، وسباقات الهجن، والقهوة العربية، فضلًا عن الهداية والعيالة والمجلس والرزفة، حيث تمثل في مجملها فسيفساء فنون الثقافات العربية الممتدة عبر التاريخ.
ويبقى لمبادرة المملكة «الأسبوع العربي في اليونسكو» دورها في إثراء المشهد الثقافي والتراث العربي وتعزيز مكانته على الساحة الدولية، مما يرسخ العلاقات الثقافية والتنموية مع دول العالمين العربي والإسلامي، وبما يمكنَ العمل الثقافي والتربوي والعلمي العربي من الحضور الفاعل عالميًا.
وتستند المبادرة إلى ثراء الثقافة العربية وحضارتها العريقة، وتراثها المتجذر، وغزارة إسهاماتها الإنسانية على مر العصور، تعكس قصة نجاح أول تجمع عربي في اليونسكو، ويعمل على تجاوز الحدود الجغرافية وتحقيق أهداف طموحة، وتعاون حقيقي لإبراز ثراء الثقافة العربية، والتعريف بها في موقع يشهد حضور مسؤولين وشخصيات ثقافية من مختلف دول العالم في مقر اليونسكو.
من جهة أخرى قدم جناح المملكة عرضاً شاملاً عن الصقور الحرة أمام الزوار من مختلف شرائح المجتمع من مثقفين ومفكرين وممثلي السلك الدبلوماسي ومسؤولي الدول المشاركة ممثلي الوفود الدائمة للدول العربية في اليونسكو بالعاصمة باريس، مما يعكس هذا الموروث المتجذر في تاريخ المملكة والمعبر عن ثقافتها وتاريخها الأصيل.
وتعرف الزوار بمختلف جنسياتهم على أنواع الصقور التي تختلف بأشكالها وألوانها، فيما تتجه وفقًا لهواة الصيد بالصقور في المملكة لثلاثة أنواع رئيسية في مقدمتها الصقر «الحر» الذي عرفه العرب قديمًا، ثم «شاهين البحر»، و»شاهين الجبل»، ويليها أنواع أخرى، حيث يعدّ «الحر» أفضل أنواع الصقور وأكثرها صبرًا وتحملًا للجوع ومقاومة الأمراض، وأجملها شكلًا، كما يتميز الحر بما يسمى عند الصقارين بـ»الطلعة» وهي سرعة انطلاقته التي تصل إلى 300 كم بالساعة.
كما أتاح الجناح السعودي من خلال الأسبوع العربي شرحاً عن ثقافة الإبل، حيث جذب الجناح أنظار الزوار، بما يحتويه من معروضات تؤصل المكانة الراسخة للإبل، وتعزز حضورها على المستوى الدولي، باعتبارها موروثا يشكل جزءا من الثقافة والأصالة السعودية، وأحد المكونات الأساسية للبناء الحضاري للبلاد منذ القدم.
وتفاعل الزوار خلال الفعالية مع محتويات الجناح الذي أسهم في جعل الإبل أيقونة ثقافية سعودية وسط باريس، حيث تمثل هوية المملكة، وتعكس قيمها الأصيلة في مجالات التاريخ والثقافة والحضارة.
ومن خلال الجناح السعودي الذي يستقبل الزوار على مدى يومين، تعرف منسوبي وزوار اليونسكو من جميع أنحاء العالم على العلاقة الرابطة بين الإبل والثقافة السعودية، حيث تمثل عنصرا مصاحبا لكافة أفراد المجتمع منذ القدم في العادات والتقاليد والآداب كالشعر والنثر والأمثال.