الدرعية هي عاصمة الدولة السعودية الأولى ولها قيمتها الثقافية التاريخية التي وثقها الشعر الشعبي في أكثر من منجز أدبي منها هذا الإصدار المتميز (شعراء من الدرعية) جمع وإعداد الدكتورة مشاعل بنت حمود الشبيب، يقع في مائة وتسع وخمسين صفحة. ومما جاء في مقدمة مؤلفة الكتاب: (وفي هذا الكتاب تناولت جانب الشعر الشعبي في الدرعية، لأن تاريخها له أهمية كبيرة على الصعيدين الثقافي والتاريخي حيث كانت الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى ومقر الحكام آل سعود، كما كانت الدرعية مركزاً حضارياً وثقافياً مهماً وشهدت نشاطاً ثقافياً وفنياً ضخماً على مر العصور، ولعبت الدرعية دورا حيوياً كمركز تجاري واقتصادي في المنطقة ويعكس تاريخ الدرعية جزءاً من الهوية الوطنية السعودية حيث أنها مكمّل للتاريخ الوطني السعودي، كما أن تاريخ الشعر الشعبي في الدرعية يحمل قيماً ثقافية وتاريخية تساهم في فهم الهوية والتراث في المنطقة).
وأهدت المؤلفة إصدارها إلى والدها حمود الشبيب -رحمه الله مع إشارتها لسيرة ذاتية مفصلة عن المواقع الرسمية التي تسنمها في خدمة وطنه وكتبت ما نصه: (وقد تدرّج في الوظائف إلى أن أصبح ممن كلفهم ولاة الأمر بتولي بعض إمارات المملكة، حيث عيّن أميراً لحفر الباطن، ثم عيّن أميراً الخرج، ثم محافظ الخرج بعد إقرار نظام المحافظات)، كما عرّفت بشعراء الدرعية الذين ورد ذكرهم في كتابها عبر سيرهم الذاتية المرفقة مع نصوصهم المنشورة مثل الشاعر محمد أبونهية - رحمه الله ومن قصيدته عام 1233هـ ومناسبتها سقوط الدرعية على أيدي القوات العثمانية:
وأبكي على عوجا ربينا بريعها
صغارٍ كبارٍ نشتري ونبيع
للجن ميدانٍ تطارد بركنها
ما غير جدرانٍ كذا وسفيع
ماكن فيها صار للحكم منصى
ولا بني حصنٍ في الطريف رفيع
وعن الشاعر عبدالكريم بن حبشان - رحمه الله قالت المؤلفة (وقد نسخ الشيخ ابن عون قصائد الشاعر عبدالكريم بن حبشان شاعر الدرعية في عهد الدولة السعودية الأولى) وأوردت عدد من قصائده منها قوله:
يا عين هلّي الدمع وان قل دمعك
هلّي الدما مثل العقيق اليمانيا
عسى عبرتي تجلي من القلب حسره
ما كان في قلبي نطق به لسانيا
كما أشارت لنبذة تعريفية وافية بالشاعر ناصر العريني - رحمه الله ومن قصائده قوله:
عسى السحاب اللّي ترزّم بالآفاق
يسقي الوصيل وما تعلّق بذيله
يصبح ربابه طافحٍ حزّة اشراق
أخف من صعب النضايا جفيله
واحتوى الإصدار على أكثر من سيرة ذاتية وقصائد لشعراء آخرين -رحمهم الله منهم على -سبيل المثال لا الحصر-: عبدالله بن خالد، وابن ادريس، وابن جبهان، وابن خميس، ونقلت المؤلفة نص ما كتبه الشيخ عبدالله بن خميس - رحمه الله - عن شاعر الحربيات (العرضة السعودية ) المعروف عبدالرحمن بن سعد الصفيان: (من أنبه الرجال وأحرصهم على الكرم، ومكارم الأخلاق والشجاعة، والمروة، وحسن الذكر، يحفظ الشعر ويقرضه، ويصطفي منه كل لائق ورائق، ويحسن إيراده كما يحسن الاستماع إلى جيده، لا تفارق الابتسامة شفته، ولا يعزب الانطلاق عن محيّاه، متحدث وربما بالغ فيما يعجبه، مظهره فارع، وبزته مقبولة، ويعجبه الثناء، وطني وله قصائد وطنية، وله حربيات في الصدارة، أحسبه في رجال هذا العصر وجيها طيب الذكر).
واستشهدت المؤلفة بأكثر من قصيدة للشاعر عبدالرحمن بن سعد الصفيان - رحمه الله - منها قوله:
سلام يا حرٍ على العالم ظهر
لي طار ناقع له جميع أحرارها
من ماكره حرٍ تنهّض واشتهر
ثم اصطفق في نجد وأمّن دارها
** **
- محمد بن علي الطريّف