عبدالعزيز بن سعود المتعب
امتدت علاقتي بالأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن -رحمه الله- منذ الثمانينيات الميلادية وتعرفت عليه عن قرب من خلال الصديق الشاعر الأمير محمد بن خالد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن -رحمه الله- وكان الأمير بدر خاله وجد أبنائه حيث كنّا زملاء دراسة في كلية القانون في جامعة الملك سعود، ورغم حفظي عن ظهر قلب لأكثر قصائد الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن (أبوخالد الغالي) -رحمه الله- وحديثي معه في زياراتي المتكررة له في (الجبيلة) عن -أكثر قصائده- إلاّ أن قصيدته التي عنونها بـ(الدنيا) كانت نقلة في الشعر (من منظور نقدي)، لا تقل عن تميّز قصائده التي يحفظها رفاع الذائقة؛ ففي ثنايا القصيدة نظرة عميقة ودقيقة لتفاصيل لا يراها إلاّ مبدع صاحب تجربة متبلورة تماما تجاوز التميّز إلى التفرّد في شعره؛ لذا كانت وستبقى مختلفة تماماَ في وصف الدنيا:
أطول من الدنيا رجانا فهلها
وأكذب من علوم الليالي المواعيد
وأجمل من الفرحة رضانا بأجلها
ما كل يومٍ للفرح والنصر عيد
الله يجازي النفس ما أكثر جهلها
ترجي القريب اللّي على مثلها بعيد
ما همّها إلاّ ما يطمّن وجلها
لو هو سراب اللال في ميِّت البيد
يالايم الدنيا على ما عذلها
وأموالها صافي الحزن والتساهيد
قد شفتها يومٍ تزايد خجلها
وهي تعتذر من غدرها بالأجاويد
من ذاق حنظلها جفل من عسلها
لا حلوها باقي ولا مرّها يبيد
كم ليلةٍ ترمي قلايد ثملها
في حضني وتسري وهي عارية جيد
سهرتها والعشق ماله بدلها
صدرٍ ولا للشعر روحٍ وتجديد
أقفت بنشوتها وخلّت مللها
وخطّت على وجهي بياض وتجاعيد
وكم صاحبٍ عنّي الخطى ما عدلها
واقبل يدق القاع حزم وجلاميد
قد طاب لي يمنى ويسرى خذلها
وتلّني بيدٍ وصاب العطب إيد
ليته ترك لي يأس روحي وأملها
وحقّه علي الحب لا انقص ولا زيد
القاع يفنى نبتها من محلها
يا حيف يا عذوق الرطب والعناقيد
يرضى الحليم من الحوادث جلَلها
لو طوّحت بالصوت منها المقاريد
كم مجهدٍ له غايةٍ ما وصلها
حنّا نريد وحكمة الخالق تريد