إن من أبواب الخير العظيمة التي رغب ديننا الحنيف الإتيان بها وحث عليها، ألا وهي الصدقة.
والصدقة لها مقاصد ومعان جليلة وفوائد عظيمة للمتصدق والمتصدق عليه.. منها أن الصدقة تقي العبد كثيرًا من الشرور والمصائب، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «وهذا شيء معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به, لأنهم جربوه، حتى لو كانت هذه الصدقة من ظالم أو كافر، فإن الله يدفع عنه بها كثيرًا من الشرور والمصائب».
وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: «ما نقص مال من صدقة».
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».
قال تعالى: {وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ}.
فأوجه الخير التي يحبها الله عزَّ وجلَّ ورسوله الكريم كثيرة منها، الصدقة الجارية التي تستمر للعبد بعد وفاته، حفر الآبار، بناء المساجد، طباعة الكتب، دعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم، والأوقاف الخيرية على الفقراء والمساكين ونحو ذلك، من أوجه الصدقات المختلفة.
ومن مواقف النبي صلوات ربي عليه المختلفة في تربية المؤمنين، ومنهاجه في تربية النفوس على الخير، ومن ذلك ما جاء في الابتسامة وأنها صدقة وخير، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس. قيل: يا رسول الله من أين لنا نتصدق؟ قال: «إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق وتسمع الأصم وتهدي الأعمى وتدل المستدل عن حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف. فهذا كله صدقة منك على نفسك». وفي رواية الترمذي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة».
فهذه بشارة لكل مسلم أراد أن ينفق في مرضاة الله، بأي طريقة أو وسيلة يرى أنها نافعة، ولا يكتفي ذلك ويقف عن سد الحاجات المادية بين الناس، بل يتجاوز ذلك ليكون نظامًا لتربية الروح والنفس والسلوك الاجتماعي في الأسرة وبين المجتمع له ولغيره، فليقدم ولا يتردد وبما أننا في موسم الزرع والحصاد، ومضاعفة الأجور والحسنات في شهر رمضان عن غيره من الشهور, ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام أجود الناس عطاءً بالخير، وكان أكثر جوده في رمضان، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان، حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل عليه السلام، كان أجود بالخير من الريح المرسلة».
فاغنم أخي المسلم الصائم بالإكثار من الصدقات في رمضان، والإنفاق على المحتاجين، والأهل، والأقارب طمعاً في نيل الثواب والأجر المضاعف كما يتجلّى فضل الصدقة في رمضان في أنها تأتي في زمان مخصوص فضل الله فيه الأعمال الصالحة والعبادات الخيرة، التي تدعو للفخر والانتماء لكيان المؤمن الحق.
وبما أننا نمر بقضاء أوقات صيامنا بالحياة العملية بين العمل والزملاء، وخروجنا من المنازل لقضاء حاجاتنا اليومية المعتادة، وكما هو معروف الزحام وشدة السير في الطرقات ومن أجل ألا نجرح صيامنا، ونكسب أجر وثواب صدقة كتم الغيظ.
ما عليك أخي الصائم إلا التعبير بالمنهج السلوكي الذي تعلمناه من رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه «إني امرؤ صائم».