أعلن مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، مؤخراً، اسم الفائز بالدورة السادسة من جائزة «إثراء للفنون»، لتكريم الفنانين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو المقيمين فيها أصحاب المقترحات الفريدة والخاصة في مجال التراث الثقافي والطبيعي للعالم العربي، التي تقام بالتعاون مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، واستعرضت وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية العمل الفائز مع سيرة مختصرة عن صاحبه الذي من المقرر تكريمه في حفل خاص، يقام في الثامن من فبراير المقبل، في العلا، تزامناً مع فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان العلا للفنون.
جائزة إثراء للفنون ليست أول جائزة فنية وثقافية، ولن تكون الأخيرة في مملكتنا الغالية، الزاخرة ليس بالجوائز الفنية والثقافية فحسب، بل والعقول والمواهب المبدعة والمبدعين في جميع ضروب ومسارات الفنون والثقافة، انطلاقاً من النظرة الثاقبة والفاحصة لقيادتنا الرشيدة ضمن الرؤية الطموحة 2030، التي جعلت من الفنون والثقافة جسراً حقيقياً للتواصل بين الشعوب والحضارات بما تهيئه من فعاليات مختلفة، ومساندة للإبداع والمبدعين.
رؤية ترى في الفنون والثقافة بتجذيراتهما، أدوات لإثراء العقول والعلو بالإنسان المنفتح على جميع الحضارات والثقافات بما يسهم في الارتقاء بمعارفه ومداركه، لترسخ بين حناياه القيم الإنسانية والحضارية الأصيلة في احترام الطرف الآخر بعيداً عن أصوات الانغلاق والتشدد والتطرف والعنف، وما تقود إليه من أضرار سلبية في المجتمعات.
وتوقَّفتُ أمام العمل الفني الفائز «نخيل في عناق أبدي»، والذي كان للفنان السعودي عبيد الصافي، الذي تفوق فيه على أكثر من 900 فنان، ويدور العمل الفني على أشجار النخيل المهددة بالانقراض، تركيبة فنية تدمج الطبيعة والتكنولوجيا للوقوف على التغير المناخي وإمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي للمساعدة في الحفاظ على التنوع الطبيعي، والتي ما زالت أشجار النخيل تلهم الأجيال بأنها رمز قوي من الطبيعة والتراث العربي الأصيل، واستقطبت تلك المنحوتة الضخمة التي يرافقها أداءً مباشراً التي أبدع فيها الفنان عبيد الصافي، اهتمام لجنة تحكيم التي تضمنت خبراء متميزين على مستوى المتاحف والهيئات والمؤسسات الفنية على مستوى العالم، للاقتراب من جماله ورسالته التي صنعت حلولاً لبعض التحديات الأكبر التي يواجهها العالم، وامتدت تلك المنحوتة وهجها للعالم عبر عدسة ذات خصوصية تتعلق ببيئة العلا الطبيعية.
الجائزة التي تعد إضافة مميزة، وهي تثري المشهد الفني والثقافي بجديد استكشاف المعرفة والاعتناء بإلهام الإبداع، وتعزز جودته وقيمته، فإنها تعبر كذلك عن المنزلة التي أصبح يمثلها وطننا المملكة العربية السعودية في المشهد الحضاري الدولي، وأنه ليس مجرد مقر مالي وتجاري، ولاعب مهم في قطاع الطاقة والاقتصاد العالمي، وإنما أصبح اليوم مقرّاً حضارياً وإشعاعاً ثقافياً ينطلق من المملكة إلى العالم أجمع، وهو يحتضن العديد من المناسبات والأحداث عالمية المستوى التي تؤرخ لزمن جديد في التاريخ الذي يتم صناعته هنا مجدداً. إعلان الفائز في الدورة الحالية 2023 فرصة سانحة يتعزز معها الشكر والثناء والتقدير للجهود الواسعة والمتميزة لمركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء)، وكذلك للهيئة الملكية لمحافظة العلا، ودام وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) وطناً للإبداع والمبدعين وللابتكار والمبتكرين.