تمتاز المجتمعات في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية بأنها تتكون غالبيتها من الشباب، إذ إن 63 % من المواطنين السعوديين تحت سن الثلاثين؛ إلا أن مجتمعاتنا تتجه نحو التقدم في السن بسرعة. وهذا يجعلني أفتخر بأن المملكة في طليعة حركة عالمية لتعزيز صحة الإنسان، والتي تتمحور في الأساس حول تعزيز الصحة في أي عمر.
شهد متوسط العمر المتوقع في المملكة العربية السعودية ارتفاعًا ملحوظًا، والذي ارتفع من 46 في الستينات ووصل في يومنا الحالي إلى 76 عامًا؛ وعلى الرغم من ارتفاع الأعوام، إلا أن متوسط العمر الصحي في المملكة يبلغ 64 عامًا فقط. وهذا يرتبط بحقيقة أننا كلما تقدمنا في العمر، ارتفع خطر إصابتنا بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب، والخرف، والسرطان. وعلى الرغم من وجود العديد من العوامل المساهمة، إلا أن معظم هذه الأمراض المزمنة مرتبطة بسبب رئيسي واحد: الشيخوخة غير الصحية.
كما شهدنا على مدى عقود اكتشافات طبية أدت إلى زيادة متوسط العمر المتوقع، واليوم، بات من الضروري أن نركز جهودنا على الاستثمار في الاكتشافات التي تضيف حياة صحية إلى أعمارنا. وفي هذا الصدد، تُبنى حاليًا قاعدة أدلة لمناهج جديدة تهدف إلى علاج أمراض الشيخوخة.
واليوم، نجد حماسًا عالميًا لدفع عملية الابتكار والتفاؤل الكبير حول إمكانية إيجاد مستقبل تكون فيه سنوات الشيخوخة أكثر صحة؛ حيث تشير الدلائل إلى أن الأسواق الناشئة تؤيد بشكل خاص الابتكار والقيام بإصلاحات لتعزيز إطالة العمر الصحي، بدءًا من الرغبة في استخدام علاجات وخدمات إطالة العمر الصحي، وصولاً إلى إعادة النظر في مجالات السياسة العامة مثل سن التقاعد.
تمتلك البلدان ذات الكثافة السكانية الأعلى فرصة فريدة لقيادة الابتكار في مجال الشيخوخة الصحية، وذلك من خلال كسر القواعد التقليدية وفتح آفاق جديدة في مجال الرعاية الصحية؛ وذلك من خلال تعزيز الابتكار المسؤول وتشجيع التفكير الجديد في مجال الصحة.
ونظرًا لمرونة الأنظمة الصحية في المملكة العربية السعودية وارتفاع نسبة الشباب بين سكانها، فإنها تعد أرضًا مثالية لإثبات ريادة الأساليب الجديدة في التعامل مع الشيخوخة، والتي تمنح الصدارة لعنصر الوقاية. كما تستفيد المملكة أيضًا من قاعدة ثرية من الأفراد الموهوبين الذين يمكنهم بناء مهن متخصصة وتقديم مساهمات حيوية في مجال الشيخوخة إذا أتيحت لهم الفرصة.
وتشكل الوقاية من الأمراض المزمنة والمرتبطة بالعمر، ركيزة أساسية لرؤية السعودية 2030، وعالميًا، بدأت دول العالم تدرك الحاجة إلى تحفيز التحول من إطالة العمر إلى إطالة فترة العمر الصحي.
كما أعلنت مؤخراً الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة (2021 - 2030) والتي دعت من خلاله إلى اتخاذ إجراءات حثيثة ومحفزة وتعاونية عبر القطاعات المختلفة لتعزيز حياة أطول وصحة أفضل، وقد حددت المملكة المتحدة وسنغافورة أهدافًا لإطالة العمر الصحي للإنسان إلى 5 سنوات، وبدأتا في اتخاذ خطوات ملموسة لتحقيق هذه الأهداف. ومع توقع تضاعف عدد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا بحلول عام 2050 إلى أكثر من ملياري نسمة، بات علينا أن نجتمع بشكل عاجل لتحقيق مستقبل تكون فيه مرحلة الشيخوخة أكثر صحة.
في هذا السياق، يتزامن هذا الأسبوع يومي 29 و30 نوفمبر، النسخة الأولى من «القمة العالمية لإطالة العمر الصحي» بهدف توحيد الجهود الدولية وتعزيز التعاون العالمي لتحقيق رؤيتنا المتمثلة في إطالة فترة العمر الصحي لما فيه مصلحة لجميع الأفراد والمجتمعات. وسنجمع في القمة المئات من العلماء، والأكاديميين، ورجال الأعمال، والمستثمرين، وقادة الشركات، والمنظمات الدولية، وكبار الشخصيات في الرياض، للمشاركة في أول قمة عالمية من نوعها على مستوى العالم.
تعد القمة العالمية لإطالة العمر الصحي أكثر من مجرد حدث، فهي لحظة مفصلية تمكننا من تغيير الطريقة التي نتقدم بها في العمر. وبهذا التعاون، سنكتشف طرقًا لتسريع وتيرة العلوم والاستثمارات لدفع عجلة إطالة العمر الصحي وخلق مستقبل أكثر صحة وازدهارًا للجميع.
** **
- الأميرة الدكتورة هيا بنت خالد بن بندر آل سعود