في حدث فني يُعَدّ الأكبر في سلطنة عمان اجتمع أكثر من 200 فنان من سلطنة عمان ودول الخليج والدول العربية والأجنبية في الدورة الأولى لمعرض «فن مسقط الدولي» لعام 2023م, ويُقام هذا المعرض بدعم وبشراكة استراتيجية بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب ومركز عُمان للمؤتمرات والمعارض برعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي، محافظ مسقط, ليعكس هذا المعرض الفني روح التميز والتنوع الثقافي ويجذب عشاق الفن والجمال من جميع أنحاء العالم.
وتمثل مشاركة الفن السعودي بمعرض فن مسقط الدولي 2023م بلوحات فنية لفنانين تشكيليين وفنانات من مختلف المناطق المملكة العربية السعودية حدثاً فنياً مميزاً ويعد من الأحداث الثقافية الدولية, حيث جمع الحدث 6 فنانين وفنانات من أجيال مختلفة من المبدعين الذين عرضوا لوحات مميزة نالت إعجاب الجمهور مختلفة بالأسلوب والتقنية ومتعددة بالموضوعات التي تعبر عن أصالة وتتميز بعناصر مستلهمة من هويتهم وترتبط بجذورهم السعودية, عبر أعمال الفنانة د. هناء الشبلي التي استلهمتها من جماليات الخيول العربية الأصيلة التي تفخر بها المملكة في مسابقات الفروسية ومسابقات جمال الخيول لتعبر عن حالات إنسانية وانفعالات عاطفية عبر مجموعة من الألوان الخاصة بها, مروراً بأعمال الفنانة زينب اليوسف التي عبرت عن العلاقات الإنسانية بأسلوبها الخاص للشخصيات, وعبرت الفنانة زكية الصقعبي عن السلوكيات البشرية من خلال رسمها للخيول بطريقة مميزة, وتناولت الفنانة موضي البادح موضوع المرأة برموز تجريدية بألوانها المميزة, وشارك بالمعرض دون الحضور الفنان عبدالله المحيا والفنان شائع بيهان والفنانة خلود الشهراني بلوحات متنوعة بالاتجاهات ومميزة بالأسلوب والتقنيات. وتعكس هذه الأعمال عبر أكبر معرض تشكيلي دولي التقاليد الإبداعية للفنون الحديثة بهدف تعزيز الحوار الحضاري المشترك وإبراز الصورة الحقيقية لتنوع المشهد الفني والثقافي للمملكة العربية السعودية.
وحول أهمية المشاركة الدولية في حدث مهم مثل معرض مسقط الدولي 2022 بسلطنة عمان، وما هو الدور الذي تؤديه المشاركات في ترويج وتسويق الأعمال الفنية وتحقيق المحور الأهم للفنان التشكيلي وهو الالتقاء والحوار والتبادل الثقافي والتعرُّف على التجارب الفنية وخاصة في الفن المعاصر والحديث عن دور المعارض الدولية العالمية في الترويج وتمكين الصناعات الإبداعية وخاصة في مجال الفنون البصرية وتعزيز الإنتاج الثقافي والهوية وحضورها في المشهد الثقافي العالمي، نستطلع بعض آراء من شارك وحضر المعرض.
بداية تقول الفنانة التشكيلية د. هناء الشبلي مديرة إدارتي التخطيط والفروع بالجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت»: إن مشاركتي هذه تعد مشاركة شخصية تمثلني كفنانة سعودية أتت من منطقة الرياض التي أصبحت مقصد الفنانين التشكيلين وبوصلة الثقافة والفنون, وأسعدني جداً الحديث مع زوار المعرض من فنانين ومتذوقين عن التطور الحضاري والثقافي وارتقاء مستوى الفنون بجميع مجالاتها لدينا بالمملكة, وكيف استطاعت المملكة أن تكون قبلة ثقافية للمثقفين كما كانت قبلة دينية للمسلمين وهذا ما يشعرنا دوماً بالفخر والاعتزاز بحكومتنا الرشيدة أدامها الله, وقد شاركت بلوحتين بالمعرض تعبر عن رمز أصيل وهو الخيل واخترت مجموعة ألوان مميزة تدل على معانٍ مختلفة أحببت أن يكتشفها المتلقي عند تأملها, كوني لا أميل لشرح تفاصيل أعمالي الفنية وأركز على شرح فلسفة العمل فقط, وقد سعدت جداً لتجاوب الجمهور مع أعمالي وحرصهم على التعرف على الهوية السعودية عن قرب, وقد حققت مشاركتي الفنية ومشاركة بقية الزميلات والزملاء مجموعة من الأهداف المرجوة التي ننشدها من خلال حضورنا مثل هذه المشاركات الدولية التي تجمع بين ثقافات وفنون من مختلف دول العالم ومن مختلف الأعمار والتوجهات الفنية, مما يمنحنا فرصة تسليط الضوء على جهودنا ونقل ثقافتنا المحلية للمحافل العالمية بصورة مشرفة تعكس رؤيتنا الفنية بطريقة فنية إبداعية, حيث إن الفن والثقافة يعدان من أهم روافد الدبلوماسية الثقافية أو بما يسمى بالقوة الناعمة التي تهدف إلى إيجاد علاقات مباشرة بين الشعوب وتعمل على تغيير وجهة نظر مجتمع تجاه مجتمع آخر, كما حرصنا أيضاً على تحقيق التعارف الثقافي بهدف تبادل المعلومة والخبرة الفنية مما يعمل على زيادة نموّنا المعرفي ويطور من أدائنا الفني مستقبلاً, وأتأمل دوماً أن تدعم حكومات العالم العربي مثل هذه المعارض الدولية إعلامياً وتجارياً من خلال نشر ثقافة الاقتناء لدى المجتمع المحلي والعمل على تسويقه باعتبار الفنون مجالاً للاستثمار العالمي ومنافساً للمنتج الفني الأجنبي».
كما أوضحت الفنانة التشكيلية زكية الصقعبي بقولها: «إن مشاركتي في معرض فن مسقط بلوحتين عن الخيل لها أهمية كبيرة تعبر عن ذاتي من خلال تقديم مثل هذه الأعمال الفنية، ويمكن توضيح رؤيتي الفنية الخاصة التي قارنت بها بين الخيل والإنسان في لوحة اللحظة الأخيرة ولوحة جنوح, وقد أتاح لنا حضور هذا المعرض الدولي تبادلاً بين الثقافة العمانية والسعودية لتعزيز هذا التراث الثقافي, وسعدت بتلقي العديد من التعليقات الإيجابية من الجمهور وهذا يشعرني بالرضا والفخر, كما أني تمكنت ولله الحمد من بناء شبكة علاقات اجتماعية قيمة مع الفنانين والنقاد والمتذوقين للفن, وتعد هذه المشاركة الفنية الدولية تجربة قيمة للنمو الشخصي والمهني».
وذكرت الفنانة التشكيلية موضي البادح: «إنها كانت مشاركة فنية استثنائية بالنسبة لي وجميلة بنفس الوقت حيث إنها تعمل على تعزيز الثقافة بين البلدين وتعكس كرم وتعامل أهل سلطنة عمان الراقي, فقد شاركت بلوحة بأسلوبي التجريدي والتي أثارت فضول جمهور المعرض لمحاولة سبر أغوارها, كما أنني حققت من خلال مشاركتي بناء علاقات اجتماعية مع مجموعة فنانين وفنانات من الجنسيات العربية والخليجية».
وأضاف المنسق الدولي للمعارض الفنان التشكيلي العماني جمال الجساسي بقوله:» إن معرض فن مسقط الدولي من أجمل المعارض الفنية التي تقام على أرض السلطنة, وهو معرض فني يجمع فنانين من مختلف أنحاء العالم, ويحتضن مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض معرض فن مسقط أكثر من 200 فنان من داخل سلطنة عُمان وخارجها وذلك لتشجيع المواهب الفنية وعرضها, وكان فضاءً مميزاً لعرض إبداعات المجالات الفنية المختلفة ويعمل على زيادة الوعي الفني، ورفع مستوى الذوق العام من مختلف الدول ويحقق تبادل الثقافات بين الشعوب, حيث يعتبر الفن رسالة لها أثر عميق على النفس ولها مغزى في الحياة، حيث يكمن الإبداع، والتميز، والأصالة، والتفرد، وهي الوسيلة المثلى للتعبير الإنساني».
**
- إعداد: د. هناء راشد الشبلي