الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله وبعد:
تقع الغزالة جنوب مدينة حائل على بُعد (100) كيلٍ على الطريق المؤدِّي إلى المدينة النبوية في سفح جبل رمَّان من جهة الغرب، وشمال وادي الشعبة.
أسَّسَها حليان بن راضي بن حماد الحميضي سنة 1175هـ تقريبًا مع أولاده الخمسة(1). وأساس البلدة بئر قديم مورد للماء.
وقد كان لآل حليان من أهل الغزالة موقف عظيم من هذه الحملات التركية على نجد والبلاد السعودية حيث تصدوا لهذه الحملات دون العقيدة والعرض والمال، وجاءتهم الحملة على غرة ولم يكن بلدهم مسورًا وإنما لكل أسرة منهم «مقصورة» خاصة، ولم يكن لهم حامٍ بعد الله إلا سيوفهم، ولم ينتظر بعضهم بعضًا ولا الغُيب منهم، فكتفوا بمن حضر بقلوب ملؤها الإيمان واليقين وأنهم يَدفعون بغي هؤلاء الغزاة عن العقيدة والعرض والمال، ( ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) فنصرهم الله، وفشلت الحملة وولت مدبرة، كما فشلت من قبل على بني عمهم في قفار، التي هي من أعظم المعارك في تلك الجهة وكما أحسن أبناء عمهم في معركة قفار المعروفة فقد أحسنوا هم في هذا الموقف. وقد انقرضت بعض البيوتات منهم بسبب هذه الحرب.
ولموقفهم هذا أكرمهم الإمام تركي وأمر ببناء سور جامع لبلدتهم، وأمر لهم ببعض البنادق، وأكرم وفادتهم.
أخبرني عبد الرحمن بن حمود الرشيد وغيره من أهل الغزالة أن الأتراك حاصروا الغزالة، وأنهم قتلوا الأتراك الذين حاصروهم، وذهب وفدٌ من الغزالة بعد ذلك برئاسة عمر بن عبد الله بن حليان بن راضي بن حماد العنبري الحميضي إلى الإمام تركي فأكرمهم، وأمر ببناء سور لبلدتهم.
وأخبرني الدكتور عبداللطيف الرباح عن أبيه أن الإمام تركي أعطاهم عدداً من البنادق لحماية بلدتهم.
وذكر ابن بشر أن حسين بك أبو ظاهر قصد جبل شمر في عام 1237، وطالب بالزكاة منذ رحيل إبراهيم باشا، وأنه سار على ناس من البوادي، وأخذ إبلهم، وضرب على أهل الجبل ضربات من لأريل، ونزل الحصون(2).
ومع ما حصل لهم من قتل إلا أنه بورك في بقيتهم فأكثر عددهم واتسعت دارهم؛ والعرب تقول» بقية السيف أنمى».
وقد أثنى عليهم الشعراء وخلدوا موقفهم في الدفاع عن الدين والعرض والدار وعلى اجتماع كلمتهم على هذا العدو الباغي.
قال رشيد بن بُشيَّر العمران توفي 1339هـ تقريباً:
دَارٍ وهي دار العصاة المنَاعِير
أخوان حِلَوه كلَّهم رَبع أخيار
وجدُودهم عدّوا بروس المقاصير
شبًّوا على العسكر لهيب من النَّار
وقال ضيغم بن ناصر بن ثويني فيهم:
رسم الحمى باطراف بلدانهم شيف
رسمه رجاجيل ومن شافهم خاف
ليا جيت مع حَدَّة قليب الهياييف
سلِّم على اللِّي ذبَّحوا دولة أشراف(3)
من العوشزية للخشوم الرواديف
هكا الجماعة ما يزين بالاوصاف
من جَاب حِقران طعَسهم ولاشِيف
جذَّاب ريش هف مع رأس مِيهَاف
وقال فوزان بن عبدالله العقيل الطابي (4) في مدح أهل الغزالة:
إلى ضاق صدري فضت مع ريع سرهيد
تطري عليّه سجةٍ للغزالة
الديرة اللي شوف اهلها لنا عيد
الله على يا حميد شوفة رجاله
أمراء الغزالة آنذاك:
(1) عمر بن عبد الله، كان أميراً في زمن الإمام فيصل بن تركي، وهو وافد أهل الغزالة على الإمام تركي بعد المعركة.
(2) عبيد بن عمر بن عبد الله.
(3) عبد العزيز بن عبيد بن عمر. وهذا ليس له عقب، وكان يقال له: المجفي لكرمه وجوده؛ وهو من أهل المضافات المشهورة، وكان سنة 1295 أميراً على الغزالة توفي سنة 1315.
- وفي الدولة السعودية الثالثة أيدها الله أكرمتهم وثبتت وجعلت منهم ثلاثة معرفين، وأعيانهم كثير منهم في حائل الأستاذ عيسى بن عبدالله الحليان أحد وجهاء منطقة حائل الآن، والأستاذ صالح بن عبد الله الفيصل كان أميراً لعدة بلدات في منطقة حائل وآخرها محافظ محافظة الشملي.
ونختم هذا المقال بحمد الله تعالى وشكره على ما من به علينا من نعمة الإيمان والسنة والأمن واجتماع الكلمة، ونسأل الله تعالى أن يديم على بلادنا المملكة العربية السعودية نعمة الأمن والأمان والإيمان، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الهوامش:
(1)عبد الرحمن بن حمود الرشيد، توفي 1420هـ.
(2) عنوان المجد 1-463.
(3) رويتها عن عدد من أهل الغزالة.
(4) فوزان العقيل الطابي توفي سنة 1340.
المراجع
- عنوان المجد في تاريخ نجد لابن بشر، تحقيق وتعليق: عبدالرحمن آل الشيخ، ط4 (الرياض: دارة الملك عبدالعزيز، 1983).
- تاريخ المملكة العربية السعودية، عبدالله الصالح العثيمين، الطبعة الأولى 1416هـ.
- المعجم الجغرافي لشمال المملكة للشيخ حمد الجاسر.
- وثيقة نسب الحميضات.
- عبد الرحمن بن حمود الرشيد.
** **
- كتبه: أ. د. عبد العزيز بن محمد الفريح