عندما هممت بالمشاركة في مناسبة مهمة تحل على بلدي الثاني (المملكة العربية السعودية)، وهي بيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله). كان لي شرف كبير أعتز به، شاكرة رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) السعودية الغراء، سعادة الأستاذ/ خالد بن حمد المالك، على إتاحة هذه الفرصة لكي أعبر فيها عن فرحتي مع أبناء هذا الوطن الكبير في هذه المناسبة، والتي تتكرر في كل عام.
المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لبلدي الأم دولة الكويت، هما وجهان لعملة واحدة من علاقات أخوية راسخة. السعودية هي واجهة الإسلام ومهبط الوحي، وبلا شك قبلة المسلمين. يقودها ملك حكيم، رافقته معطيات ملهمة، أبرزها الإدارة والحكم والنظرة الثاقبة.
ومحبتي القلبية للمملكة بقيادتها الراشدة وشعبها الكريم أسعدتني المشاركة.
الذكرى التاسعة لاعتلاء الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عرش المملكة العربية السعودية دائماً ما تمثل عبر السنوات الماضية والحاضرة مصدر أمن واستقرار لمملكة العز والكرامة، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى.
وعندما نسترجع الذاكرة السعودية إلى الوراء قليلاً، نجد أنها مثالية ورسالة راسخة يحتذى بها خليجياً وعربياً وإسلامياً.. ففي الخامس عشر من عام 1902م صدح صوت المنادي عالياً وترديده (الحكم لله ثم لعبدالعزيز) وذلك عندما استطاع الرجل العظيم والفارس المغوار الملك عبدالعزيز، ومعه رجاله الأوفياء، استرداد مدينة الرياض، ليكون هذا الأمر النواة الأولى لتأسيس المملكة العربية السعودية التي وصلت إلى العالمية هذا اليوم، وما نشهده من علو كعبها وهمتها التي وصلت إلى القمة بإشراف مباشر من لدن خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز (حفظهما الله).
باتت الإنجازات سمة بارزة في هذا العهد الميمون من الازدهار المجالات محلياً وخارجياً. هي تمثل فترة حكم مفصلية تدار بكل إرادة، عنوانها الأبرز رؤية المملكة العربية السعودية (2030)بقيادة الأمير الشاب محمد بن سلمان.
وخادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فلهم جهود مثمرة لن نستطيع الوفاء بحقهم عند ذكرها، فهم رموز وأعلام للإنسانية والمحبة والشجاعة التي دائماً ما يرافقها الحكمة والرأي السديد وصوابيته بدرجة كبيرة. سيّر الملك المفدى شؤون المملكة منذ تسنمه سدة الحكم بمهارة وخبرة راسخة، وقبلها منذ أن كان أميراً لمدينة الرياض، هدفها بلا شك هو خدمة الوطن والمواطن والمقيم على ترابها الغالي.
هذه المناسبة هي حدث وطني وفرح شعبي لمبايعة مليكهم القائد السابع للمملكة وتجديدها، قدر لهم الله -عز وجل- لنيل هذا الشرف، وتحمل أمانة عهد المبايعة لأنه شعب خير عطوف ورحيم وطيب القلب، ويستحق همة قادة حكماء أمثالهم.
وعند ذكر بعض من الإنجازات المتوالية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، فلقد قطعت المملكة العربية السعودية السعودية شوطًا كبيرًا في عام 2022 نحو مستهدفات رؤية المملكة 2030، انعكس ذلك بشكل واضح في النمو الاقتصادي، محققة تواصل أكبر مع العالم، فضلاً عن تمكين المواطنين وتوفير مستقبل مليء بالفرص.
فمنذ إطلاق رؤية المملكة عام 2016، شهدت السعودية تحولاً تاريخياً اقتصادياً غير مسبوق ونمواً ملحوظًا، بغاية تدركها الرؤية، بناء مستقبل مزدهر ومبشر، من خلال تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة.
وانطلقت رحلة التحول لتمر بـ3 محطات، الأولى ركزت على تغيير الصورة الذهنية وتعزيز الكفاءة وإرساء الأسس بتمكين من الحكومة، حيث كان لها دور رئيسي في السياسات والتنفيذ.
جنت المملكة الكثير من ثمار تلك المحطة، والآن هي في المحطة الثانية، لتعظم أثر الرؤية وتنتقل إلى المرحلة الثالثة التي ستركز على الاستمرارية وتحقيق النتائج المستدامة.
قام الملك سلمان بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية الكبرى في كل أنحاء المملكة العربية السعودية، وأعلن عن مجموعة ضخمة من المشاريع التي سوف تدعم الاقتصاد السعودي بشكل كبير في سبيل تحقيق الهدف الاقتصادي الأكبر للمملكة، وهو تقليل اعتماد البلاد على النفط كمصدر أساسي للدخل في البلاد.
دعم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مجموعة كبيرة من المشاريع والقرارات التي تدعو لإقامة مشاريع ضخمة في مختلف أنحاء البلاد، من أجل تنويع مصادر الدخل في السعودية.
أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، العديد من القرارات التي من شأنها أن تخفف من المعوقات في بيئة الاستثمار والعمل في أنحاء البلاد كافة، وذلك من أجل جلب الاستثمارات الخارجية ودعم الاستثمارات الداخلية.
قام الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بإدخال التعليم الإلكتروني أو التعليم عن بُعد، وذلك من أجل إنشاء المنصات التعليمية الرسمية التابعة لوزارة التعليم السعودية، وقد ظهرت أهمية هذا العمل في فترة انتشار فيروس كورونا، حيث انتقلت العملية التعليمية في البلاد إلى التعليم الإلكتروني بشكل منتظم، ولم تتوقف العملية التعليمية بعد الإغلاق الكبير الذي حدث في البلاد.
تقول الآية الكريمة: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. سورة (القصص: 77).
لاحق الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده، آفة الفساد بسيف الإصلاح، مدفوعين بمطلب شعبي ورسمي على اجتثاث الفساد، وتعقب ومحاسبة الفاسدين، وكل من أضر بالبلد، وغلّب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، واعتدى على المال العام، دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية.
لذا فإن هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، تقوم بدور كبير بالتحقيق في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتحت إشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله).
قام الملك سلمان بن عبدالعزيز بتوسعة ضخمة في الحرمين الشريفين، وذلك من خلال تنفيذ مجموعة من المشاريع العمرانية التي تهدف إلى توسعة وتطوير ساحات وأنفاق وطرقات الحرمين الشريفين في مدينة مكة المكرمة، بالإضافة إلى بناء محطات كهربائية ضخمة، وبناء مولدات احتياطية ومخططات أخرى أدت إلى توسيع الحرمين الشريفين، وبالتالي زيادة في عدد الحجاج الذين يمكن استقبالهم في الحرم في نفس الوقت، ويُعدُّ هذا المشروع من أعظم المشاريع العمرانية التي تم القيام بها في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله-.
يؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز دوماً أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للمملكة والشعب السعودي بشكل خاص، والعالمين العربي والإسلامي بشكل عام، باعتبارها محل اهتمام المملكة، التي تعتبر الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني واجباً قومياً ودينياً حتى يستعيد كامل حقوقه على أراضيه.
يقول جلت قدرته في الآية رقم (59) من سورة النساء: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ). فالبيعة المباركة للملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولسمو ولي عهده، لها منزلة في الإسلام، وهي نظام حكم مرتبط بالدين الإسلامي، فقبيل هجرة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وتحديداً في عام 625م، وتسمى بيعة العقبة الأولى، حيث بايع 12 شخصاً من قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة المنورة، الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) الذي ضاق ذرعاً في مكة المكرمة.
وفي نفس المكان، حدثت بيعة العقبة الثانية في السنة التالية للبيعة الأولى، تأكيداً من الأنصار على نصرة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وزاد العدد ليصبح 73 رجلاً، وتدخل في البيعة سيدتان من الأنصار ليصبح مجموع المبايعين 75 شخصاً.
واليوم البيعة مستمرة وماضية في طريقها بعدما توالت سنوات العهد منذ السنة الأولى (2015) حتى وصلت إلى الرقم (تسعة) لهذا العام (2023)، في تسلسل سنوات البيعة، يبايع السعوديون والسعوديات مليكهم المفدى على السمع والطاعة في المنشط والمكره.. هم يسيرون على العهد والولاء لقيادتهم الحكيمة المتمثلة بالملك وسمو ولي عهده.
أخيراً، وبصفتي الشخصية كمواطنة كويتية- سعودية، أدين لهذه البلاد بالعرفان، حيث ولدت وترعرعت وعشت مع والدي على أرضها المترامية الأطراف.
يشرفني أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات في هذه المناسبة (الذكرى التاسعة للبيعة المباركة) إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود «حفظه الله»، ولسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «حفظه الله»، مجددين الطاعة والبيعة والولاء، سائلين المولى -عز وجل- أن يحفظ قادة هذا البلد الكريم، وأن يديم عليه الأمن والأمان والاستقرار والتقدم والرخاء في ظل قيادته الرشيدة.
** **
نهى الغانم - معيدة بجامعة الكويت - قسم الفقه وأصول الفقه - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية