لم يكن ابن عم فقط بل أخ وصديق ورفيق درب لنصف قرن ونيّف، تقارب فكري كبير وآراء كثيرة تجمعنا في الكثير من القضايا، مفكر وفيلسوف دبلوماسي سابق، شغل منصب القائم بالاعمال بسفارتنا بالصين الشعبية بمنتصف التسعينات وقبلها بسفارتنا في هولندا، وقد حالت ظروفه الصحية دون الاستمرار بمسيرته الدبلوماسية، كان شاعرا جزلا طوّع الكلمات والمعاني وجعل من قلمه (اصبعاً سادساً) طوع به مردة شعره، حيث قال:
الاصبع السادس حِمم بركان ثار استبشري
يا مزعلة كل النساء صار اصبعي السادس حمم
تأججت نار الحشا وأول ضحية خنصري
مع بنصري وسبابتي والوسطى ذابوا والقلم
بالكف الايمن شمرت ابهامي اقصد خنجري
تنقش على جدار الزمن توقيعها تبصم بصم
ووصف حالته حينما يداعب مارد شعره قائلاً:
بي تنازع سكرتين وبي جنون وعبقريه
بي عتيق الشوق قطر خمرها واشرب عنبها
وامتزج خمر انتظاري بالكؤوس الشاعريه
كاس حب وكاس فرقا وكاس ثالث من سببها
انتفض عرق الخفوق ولا احد يشره عليه
القلم مرفوع عني وانشدوا كاهن عربها!!!
أما عن كبريائه فقد صوره قائلاً:
كبريائي يرفض اخضع وانحني
ايه اموت ولا تموت الكبرياء
الشموخ بهامتي من معدني
معدن اصلي بالدجى يلمع ضياء
ديدني هو ديدني هو ديدني
لا تزلف لانفاق ولا رياء
والذليل اللي يريد يذلني
يستخير وتنكسر عينه حياء
يعتذر لي و يتأسف ينحني
كالموالي في حضور الاولياء.
كما وصف شياطين شعره قائلاً:
جو شياطين الشعر لي سجدي
الف والف والف شيطانن مريد
والف كاهن والف عرافن لدي
والف بندق والف قناصن يصيد
سبعة الالاف خلوا هدهدي
يحضر بلمح البصر عرشن بعيد
عرش خلي زارني في مرقدي
يبتسم لي يحمله سبعة عبيد
والقلم صورة عصا موسى بيدي
اصبعن سادس ضرب بحر القصيد
وعن وحيدته الجوهرة حفظها الله قال:
الجوهره بنتي وهي قرة العين
قرت عيوني يوم ربي وهبها
بنت الطنايا والخوال القحاطين
تبخترت تفاخرت في نسبها
وكان للطنايا نصيب في شعره:
ثارت براكين الطنا ثارت جنون الشمري
قصيدتي عنوانها من ينطح السيل العرم
شمس المعارف في يدي وإنسان جني عبقري
من عبقر الوادي حضر ما ينتظر حبة خشم
حل القصاص من ابرهه هو يحسب ان عودك طري
واصحاب فيله كلهم عابد وثن عابد صنم
ذلك غيض من فيض إبداع وفكر تميز به فقيدنا الغالي، تغمدك الله يا ابا الجوهرة ووالدينا وامواتنا واحبابنا بواسع رحمته وجمعنا بهم بالفردوس الاعلى بلا حساب ولا عقاب، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- حمود عوده الشمري