لم أرَ حياة الفضلاء إلا بالفضل وحياة النبلاء إلا بالنبل وحياة المنجزين إلا بالإنجاز.
هناك قول مأثور أو كلمة مأثورة في الأمثال العربية:
(كل إناء يرشح بما فيه، ويروى: ينضح بما فيه).
يرد القول إيجابيًّا، كما يرد القول سلبياً (الفاضل لا يصدر منه إلا الفضل، و»ما بيطلع من المليح إلا المليح»، و»الثمرة لا تبعد عن الشجرة»).
هذه قصة نجاح فيها دروس تصلح للكثيرين، نعم، بطلها هنا شخص، إلا أن الأبطال الآخرين يشاركوننا بعض دروسها!
فهم طبيعة الأشياء من حولنا يجعلنا ندرك القاعدة القرآنية النورانية:
(الجزاء من جنس العمل) وأثرها واضح في حياة البشر.
الذي يقرأ سير الناجحين المبدعين يظهر هذا المعنى بشكل بارز، وسوف يراه من تأمل سيرة المستشار سعود وأمثاله من رجالات الوطن في كل الأوطان، وهذا أمر محفز للنفس لمواصلة العمل الصالح والعادات اليومية والأعمال المتكررة بنية خالصة لله تعالى.
الناجحون ساهموا في نجاح الآخرين ووثقوا بمواهبهم التي وهبهم الله إياها في سبيل دعم رفاق الطريق وكارهي النجاح أيضاً!
قراءة السير (الذاتية) و(الغيرية) نحن هنا نمارس الكتابة عن النوع الثاني، هي تعتبر نافذة خلاقة وعمل إبداعي مؤثِّر في تشكيل الوعي لدى الصغار والكبار.
هذه محاولة في ترسيخ هذا الفن الأدبي ومنبر جريدتنا الجزيرة الموقر عبر نافذة صفحة (وفاء) (وملحق الثقافة الأسبوعي) لهم الشكر والتقدير في تعزيز هذا الأمر في الذهنية القرائية من الأجيال العزيزة الصاعدة المتوثبة للمعالي.
المستشار سعود وأمثاله كان يبادر ولا يضع حسابات خاصة، وليس ينتظر أو يطلب مواصفات بيئة عمل مناسبة.
الناجح يتغلب على التحديات بعد معونة الله ولا ينتظر تحسن الظروف مِن حوله، بل يعمل ما هو ممكن الآن.
هكذا فعل وجه السعد!
الناجح يثابر وينتظر الحل وليس المشكلة.
ينظر إلى (المشكلة) ويعمل ويتوقع (الحل)، وغيره ينظر إلى (الحل) وينتظر ويتوقع (المشكلة)!
هذا فرق جوهري عميق، وسلوك يفعله الناجحون دائماً.
الناجح -من قبل ومن بعد- يوثّق علاقته بالله طيلة الوقت مهما كانت النتائج، ويعمل على التحسين المستمر بالمحيط الذي حوله، وعنده ذكاء اجتماعي مرتفع،ومع الوقت يرتفع!
المستشار سعود ضمن كوكبة رجالات الوطن الذين خدموا دينهم ووطنهم وما أكثرهم وساهموا في نهضته عبر عمله الذين استمر أربعين عاماً -بفضل الله وحده- ثم مع فريق العمل المميز.
حارب وناضل وكافح منذ صغره وعاش أول حياته يتيماً، ورعته أم فاضلة ماجدة صابرة قوية بالله تضحي بنفسها ومالها، تعلم منها الكثير وما زال إخوته وأخواته يتعلمون من هذه المرأة العظيمة مشعة بنت دخيل الله الغشّام -رعاها الله وأتم عافيته عليها- حتى نالوا مرادهم وبلغوا منازل الناجحين.
بفضل الله وحده
ما أعظمَ شأن الأمهات المربيات (ملكات البيوت) في توظيف القدرات وصناعة القدوات، وتقديم المنجزات! ولهن قصص نفخر بهن على امتداد التاريخ وليس العالم فقط.
مواقف في الذاكرة، وحياة مليئة بالدروس لهذا الرجل العظيم، وهنا إشارة إلى معنى مهم وعميق..
ليس من شرط النجاح أن تكون معروفاً مشتهراً بين الناس؛ فهؤلاء بعض رسل الله الكرام-صلوات الله وسلامه عليهم- لا يعلم عنهم أحد فكيف بمن دونهم؟!
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}.
الناجح يبذل قصارى جهده ولا ينتظر المعاملة بالمثل أو الشكر والتقدير، وإنما عينه على مراضي الله وموعوده، سواء ظهر منجزه للناس أم لم يظهر، ولا ينتظر عدسة (كاميرا)، أو وسم أو تغريدة في تويتر، أو سناب يتكلم عنه، أو عبر تيك توك يعرض منجزاته!
رسالة إلى الشباب الصاعد والجيل المتوثب نحو المجد في توثيق العلاقة الربانية، والصبر على تبعات ذلك والمصابرة على هذا الأمر، وتحسين الذات والتعليم المستمر.
حصل مبدعنا على الشهادة الجامعية التي كانت خارج مدينته، وهو على رأس العمل، ويرعى متطلبات أسرته الناشئة، وثابر وصابر حتى وفقه الله في الظفر بها. ما أجملَ مثابرتك!
كانت وما زالت هذه اللافتة النبوية الشريفة حاضرة في وجدان المستشار سعود ويتمثّلها في سلوكاته.
(وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ…) رواه الإمام مسلم.
عصارة حياته العملية تتلخص في الحرص على تيسير، وتسهيل أمور إخوانه المراجعين قدر الإمكان.
في أحد المسامرات سألته عن بعض أسرار حياته العملية..
أجاب: منذ 11 عاماً لم أخصم على موظف أبداً، ولكن أعالج الموقف بالحكمة والرفق، وإذا كانت هناك حاجة إلى حزم وشدة، فاطلب نقله إلى إدارة ثانية بعد الجلوس معه وحوراه ونقاشه بهدوء.
(أزمة الخليج) 1411 - 1991
كانت (الأزمة) على مستوى بلادنا الغالية، وكانت هناك (أزمة) على مستوى عائلة الضويحي، حيث إن الابن المميز ضويحي وهو أخي الشقيق كان في بدايات حياته العملية ولديه مهمة عمل خارج الرياض، فإذا بالمستشار سعود (أخي لأمي) يبادر بالقدوم من حائل كعادته النبيلة ويخفف من الجهد الذي سيلحق وقتئذ والدي -غفر الله له-.
لذا والدي حمّاد الضويحي -غفر الله له- كان يحبه ويقدر مواقفه الطيبة ويعتبره أحد أبنائه البررة.
حين كنا صغاراً يأتي الجميل من مدينة حائل بعد أن يستأذن من والدنا -غفر الله له- وتصحبه والدتنا -رعاها الله- فكانت هذه طريقته في كل عام حتى بلغ الصغار مبلغ الكبار. لا ننساها لك!
انطلق الناجح ومسيرة النجاح عام 1402 بالرياض، (محاسباً) في بنك التسليف السعودي سابقاً (بنك التنمية الاجتماعية).
ثم بعد أعوام من الصبر والكفاح،عمل في المكتب الخاص لأمين مدينة الدمام.
ترقى لعدد من المناصب والمسؤوليات حتى نال بعد جهد و عطاء مستحق (مدير الإدارة القانونية بالمنطقة الشرقية).
رحل عن موقعه وغادره بنجاح، وبقي في قلب ووجدان الكثيرين، ولا تزال تروى قصة كفاح!
أحبابه ورفاق دربه من داخل العمل وخارجه عملوا له مشكورين الاحتفال في مقر عمله، ثم أحبابه في مدينة حائل والدمام، والعمل قائم بعد -مشيئة الله- على عمل احتفال في مدينة الرياض. ما أكثرَ أحبابك!
درس نجاح آخر
حين (استقر) في الرياض، (قرر) الانتقال للمنطقة الشرقية! وهو قرار بالغ الأهمية مع بداية حياته العملية.
آثر الاقتراب من بيئات عمل محفزة تساعد على تطوير الذات، وتحقق الطموح المنشود له ولأولاده.
وهذا ما حصل -بفضل الله وحده-.
هذا معنى يقدمه لنا المستشار سعود وهو متكرر في كل العصور: (زامر الحي لا يطرب)، وقالت العرب (أزهد الناس في العالم أهله وجيرانه)، وقيل أيضاً (مثل العالِم كالحمّة (العين الحارة الماء) يأتيها البعداء ويزهد فيها القرباء).
هذا؛ لأن البيئات الجديدة -غالباً- تجعلك أكثر مثابرة وتحدياً لإثبات الذات.
على خلاف البيئات التي ألفها الإنسان.
(القاعدة هذه قد لا تناسب بعض الأنماط من الشخصيات، ويكون ضررها عليهم أكثر من نفعها).
إن الأفراد والمجتمعات عليها تدرك مصطلح (تحدي الرخاء) أو (خيانة الرخاء) ومعناه: العيش السهل فترة طويلة من الزمن، والحياة ليست كذلك دائماً.
والذي يغفل عن هذا، يصبح عرضة للأخطار أكثر من غيره.
قال الإمام الشافعي:
وَالجَدُّ يُدني كُلَّ أَمرٍ شاسِعٍ
وَالجَدُّ يَفتَحُ كُلَّ بابٍ مُغلَقِ
والأديب مصطفى صادق الرافعي
يقول:
ومن لم يعانِ الجدَّ في كل أمرهِ
رأى كل أمرٍ في العواقبِ خذلانا
مشهد مؤثّر عالق في النفس لا يمكن للقلم تجاوزه!
أعوامه الأولى من زواجه الذي أُقيم في حائل، كان حريصاً على إخوته الصغار واحترم وصية والدهم وقام بها خير قيام.
وأشركهم منزله وفي مقدمتهم والدتنا الغالية وظل يتابع ويرصد ويوجه سلوك شباب مراهق بعين المربي وروح الأب.
وكلنا يدرك أشواق الشباب في مطلع حياتهم الزوجية، وهواجسهم في حياة خاصة، إلا أن أخي السخي الوفي النقي أبو محمد آثر هذا الأمر دون أن تتأثر حياته الخاصة. ما أنبلَ روحك!
حتى السَّاعة لديه كرم ضيافة وحسن استقبال، وهذا توفيقٌ من الله هداه إليه، ثم لرفيقة الدرب ونصيفة القلب أم محمد المرأة الصالحة الناجحة الكريمة وهي سليلة بيت عريق فاضل.
بعد أربعين عاماً من العطاء الذي قارب الجوزاء..!
- ما شاء الله لا قوة إلا بالله- جاءت هذه المشاعر المدفونة منذ أعوام في صدر أخيك الصغير، وهي حاضرة أيضاً في نفوس أولادك وأحبابك.
) د. محمد |عبير|بشائر|عبدالله
زيد |يوسف| أسامة.
انقلوا عن عمكم فهد:
والدكم.. قصة فرح!
-ما شاء الله لا قوة إلا بالله-
ها هو الآن..
يقف عن الركض في مضمار العمل، ولكنه لم ولن يتوقف في مضمار الحياة.! -بارك الله-
** **
فهد الضويحي - أبو عمر - مدير الإدارة القانونية بالمنطقة الشرقية