جواهر الدهيم - «الجزيرة»:
طور فريق بحثي عالمي بقيادة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) تقنية فحص جديدة يمكنها اكتشاف وعمل تسلسل جينومي لسلالة الفيروسات التاجية (SARS-CoV-2) التي ينتمي إليها فيروس كورونا (كوفيد - 19)، إضافة لفيروس الإنفلونزا والفيروسات الأخرى في دقائق باستخدام جهاز محمول بحجم الحقيبة، ويتوقع أن يُحدث هذا الجهاز ثورة في طرق الكشف عن الفيروسات ومكافحة انتشارها بفاعلية كبيرة.
تم تسمية جهاز الفحص باسم نيرفانا (NIRVANA)، وهو نتاج تعاون مثمر بين «كاوست» ومعهد سالك الكندي ووزارة الصحة السعودية وعدد من الجامعات السعودية، يقول البروفيسور مو لي، أستاذ العلوم الحيوية المساعد في «كاوست»: «يمكن استخدام هذه التقنية لاكتشاف سلالة الفيروسات التاجية (SARS-CoV-2)، وفي نفس الوقت اكتشاف الفيروسات الأخرى».
أمضى البروفيسور لي ست عدة سنوات كباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر إيزبيسوا بيلمونتي في معهد سالك، وفي صيف عام 2020، فكر في طريقة للاستفادة من خبرته في مجال الهندسة الوراثية لمكافحة جائحة فيروس كورونا، وتساءل عما إذا كان نهج الكشف عن الجينات وتسلسلها الذي يستخدم تقنية تضخيم الحمض النووي متساوي الحرارة المعروف بـ (RPA) قد يكون أسرع وأرخص وسهل الاستخدام والتنقل مقارنة بطرق فحص فيروس كورونا الحالية.
وبخلاف فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، الذي يستخدم درجات حرارة منخفضة وعالية لفصل خيوط الحمض النووي ونسخها، يستخدم فحص (RPA) البروتينات بدلاً من التغيّرات في درجات الحرارة لتحقيق نفس الشيء، وتتيح هذه التقنية للباحثين نسخ امتدادات أطول من الحمض النووي، والبحث عن جينات متعددة في نفس الوقت.
عمل لي عن كثب مع علماء مختبر إيزبيسوا بيلمونتي لتصميم جهاز نيرفانا لفحص عينات فيروس كورونا والإنفلونزا والفيروسات الغدية البشرية وفيروس كورونا البشري من غير سلالة السارس في وقت واحد، واستخدم الفريق جهاز نيرفانا لفحص 10 عينات إيجابية لسلالة فيروسات كورونا، و60 عينة غير محددة، وعينات من مياه الصرف الصحي التي تحتوي على فيروس كورونا بالإضافة إلى فيروسات أخرى، واستطاع الجهاز تحديد حالات كل العينات بشكل صحيح، إضافة لحصر نطاق مصدر الفيروسات في العينات الإيجابية، وتمييز السلالات من الصين وأوروبا، على سبيل المثال.
يقول البروفيسور خوان كارلوس إيزبيسوا بيلمونتي، مؤلف مشارك وأستاذ التعبير الجيني في مختبر سالك: «طريقتنا فعالة جداً في الكشف عن الفيروسات ورصدها، ولا تتطلب بنية تحتية باهظة الثمن كالتي تحتاجها طرق الفحص الأخرى، كما يمكننا بواسطة جهاز فحص محمول واحد أن نتحصل على نتائج قد تحتاج عمل فحصين أو ثلاثة وباستخدام أجهزة وأدوات مختلفة».
تجاوزت حالات الإصابة بفيروس كورونا أكثر من 100 مليون حالة حول العالم، الأمر الذي فرض على الحكومات والهيئات الصحية ضرورة عمل فحوصات للناس لوقف تفشي الفيروس، ومن ناحية أخرى، يعد تتبع انتشار السلالات المتحورة الجديدة من فيروس كورونا - التي تتفاوت استجابتها للعلاجات أو اللقاحات - أمرًا بالغ الأهمية، وهنا تظهر مميزات جهاز نيرفانا حيث إن صغر حجمه وسهولة حمله تجعله مناسباً جداً للكشف السريع عن الفيروسات في المدارس والمطارات والموانئ، كما يمكن استخدامه أيضًا لمراقبة أي تفش جديد للفيروس في مياه الصرف أو القنوات المائية، يقول البروفيسور لي: «صممنا الجهاز ليكون مرناً للغاية، ويمكننا تكييفه بسهولة لمعالجة مسببات الأمراض الأخرى، الجديدة منها والناشئة».