صالح الحميدان... الأب الصالح الذي لديه قلب كالجنة رحل ليخبرنا أن الرحيل لابد منه وأن الطيب لا يدوم...
فجأة وبلا مقدمات بين يدي الله رحل إليه وأي رحيل.. ربُ غفور وقلبُ حنون.
البكاء بلا دموع والرحيل بلا رجوع بعدها شعورٌ ضيقٌ في القلب يترك الحديث للعين يقرأها (البعض) من السواد.
يتفنن الرسام في لوحته ويفشل عندما تكون المشاعر الحزن لأنها أحاسيس لا توصف.
رحل.. نعم رحل وهذه حقيقة فقد أصبحت العيون كالنهر الجاري تسترجع الذكريات وتلوح لنا بعض الصور واللحظات الجميلة والحزينة التي عشناها سوياً، لكن يخبرنا القدر أنها فقد صور وقد رحل.
بعد رحيله... كيف نعود للحياة فقد ودعها وكان لنا كبوصلة الأمان.
بعد رحيله... عرفنا كيف تصبح الذكرى كبقايا البلور المكسور.
بعد رحيله... ستفقدهُ الطرقات وملامح القلوب المبتسمة.
بعد رحيله... كيف سيرفع الصياد أشرعته للرحلة، وكيف يخبر القلوب البريئة ألا ترحل من صدور الصبيان، ومن يخبر البوصلة ألا تبتعد عن خارطة الزمان.
بعد رحيله... ورحيل غيره عرفنا أن الموت يجعل الناس تتساوى في نفس مقاس القبر.
بعد رحيله... عرفنا أن الرحيل على الأكتاف مر.
بعد رحيله... عرفنا أن تموت نقياً طاهراً خيراً من العيش فاسداً.
بعد رحيله... يجب أن تستعد وتعرف أن الموت يدخل بلا استئذان.
بعد رحيله... عرفنا أنه كان طيباً قبل الرحيل وبعده.
بعد رحيله... عرفنا أن الذي لا يعرف أهمية الحياة يفاجأ بالموت.
بعد رحيله... عرفنا أن الرحيل حق وأن السبب بيد الله، لكن يبقى الطيب طيباً فوق الأرض عمله وتحت الأرض ذكره.
بعد رحيله... عرفنا أن الرحيل ينشر الظلام، والذكر الطيب ينير الحياة بعد الرحيل.
بعد رحيله... عرفنا أن الطيب إذا رحل يرتاح لأنه يعرف أن الدعوات تسبقه لقبره. أما الفاسد فرحيله راحة للناس.
بعد رحيله... عرفنا أن الحياة فيها ذكريات تسبح في بحيرة النسيان، والموت تلك العاصفة التي تحاول أن تجفف البحيرة.
بعد رحيله... عرفنا أن الأعمال الصالحة تكون سبباً في إرسال اسمك إلى السماء.
بعد رحيله... عرفنا أن حب الناس ليس صعباً قبل الرحيل وإنما قبلهُ.
بعد رحيله... عرفنا أن الموت نهاية كل رحلة وبداية حزن.
بعد رحيله... عرفنا أن الموت الحقيقي هو الغفلة وأنت على قيد الحياة.
بعد رحيله... كان يعلمنا أن الأشياء الجميلة تبقى.. لكنه رحل وبقي ذكره الطيب يجدد سيرته الطيبة للأبد.
** **
- بندر عبدالله العزاز