بدون الاستجابة لصرخات الأهل والنداءات الدولية، لوقف إطلاق النار، يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ومع كل هذا وذاك ما زالت طبول الحرب والدمار تقرع داخل حدود اليمن براً وبحراً وجوًا، وحرائق وأدخنة تغطي سماء اليمن، والقصف يستمر والجوع يستمر ويموت أطفال اليمن ونساؤه ورجاله وشبابه، هذا المشهد المضطرب والمستقبل الغامض منذ سقوط صنعاء في أيدي ميليشيا جماعة الحوثي المدعومة من إيران الإرهابية، منذ انقلابهم على الشرعية، واستيلائهم على المال العام ومؤسسات الدولة، وأسلحة ومعدات الجيش الوطني اليمني، ومحاولة إقامة دولة عنصرية طائفية تعود باليمن إلى عصر الذل والمهانة والاستعباد الأسري الطائفي السلالي المقيت القائم على النرجسية والتعصب الأعمى والتمييز.
يشهد اليمن العربي الشقيق بكل أحداثه المرعبة وتجلياته المؤلمة والمأساوية، في ظل غياب الحلول ليتعافى بها اليمن من محنته، كارثة إنسانية من صنع البشر هي الأكثر فداحة في الوقت الراهن المتأزم مع إصرار ميليشيا جماعة الحوثيون بكل ما لديهم في القتال من اقتحام مأرب الغنية بالنفط، ويتكبدون خسائر فادحة وهو ثمن يرون أنه يستحق دفعه من أجل تحقيق مرادهم، في الوقت الذي ترتفع فيه الأصوات المنددة بالوضع الإنساني المتردي للشعب اليمني، بضرورة وقف الحرب، وكارثة الهجوم على مأرب، لاسيما وأن هذا الهجوم يعرض ملايين المدنيين للخطر، مع وصول القتال إلى مخيمات النازحين في الداخل».
لليوم ليس هناك حلول جادة تتجه صوب المعالجة الحقيقية لهذا الواقع البائس المدمر الذي يعاني بسببه اليمنيون قتلاً ومرضاً وعجزاً وتشريداً وتدميراً وحالة معيشية صعبة، من هول ما يعانيه ملايين السكان من جراء الحرب العبثية التي طال أمدها أكثر مما يطاق، إذ إن الاستمرار في هذه الحرب الكارثية، تتفاقم معها مأساة اليمنيين.
تلك المأساة التي يعيشها الشعب اليمني نتاج الصراع العبثي الذي يخدم أجندات أخرى مشبوهة لا علاقة لها بمصالح الشعب اليمني الشقيق.
ودأبت العديد من المنظمات الدولية، على توثيق الحالة المعيشية الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني، والتي نجمت بشكل مباشر عن الحرب، الذين يفتقرون لأبسط الخدمات مثل الغذاء والدواء والمأوى والكساء، والأمن.
ويشار إلى أن منسق الإغاثة في حالات الطوارئ التابع للأمم المتحدة لمجلس الأمن سبق وأن أكد أن معدلات سوء التغذية في اليمن «مستويات قياسية» حيث إن البلاد «تتسارع نحو أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ عقود».
وقال مارك اوكوك، رئيس الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة: «لقد نفد لدينا الوقت»، مشيرًا إلى أن أكثر من 16 مليون شخص بجميع أنحاء اليمن يعانون من الجوع، بما في ذلك 5 ملايين منهم على بعد خطوة واحدة من المجاعة».
في اليمن تتواصل أعمال العنف وتتخذ الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية منعطفاً تصعيدياً حاداً، مع دخول الحرب في اليمن عامها السادس، بمزيد من الخراب والتدمير والفرقة والانتهاكات المروعة عقب انقلاب جماعة الحوثي المشؤوم على الشرعية، وشن حرب شاملة ضد الشعب اليمني في كل المحافظات.
هذا المشهد الدامي في ظل استمرار فصول تلك الحرب، ترك خلفه الآلاف من القتلى والجرحى ودماراً واضحاً وبطريقة ممنهجة لكل البنى التحتية في الدولة اليمنية، حيث تلوح المجاعة ونقص الوقود وغيرها من التحديات الصعبة.
في ظل ما يعانيه اليمن من استمرار الحرب، قد بات وقف الحرب ضرورة ملحة لا يجب إضاعة مزيد من الوقت في سبيلها، حفاظاً على ملايين السكان من أن تطالهم الرصاصة الأخيرة، لضمان حماية المدنيين في هذه الحرب الضروس. كذلك أيضاً حماية الأقليات الدينية والنساء والأطفال وغيرهم، تلك الفئات التي تأثرت جميعها بالصراع أكثر من غيرها.
لابد من وقف الحرب فوراً. لقد حان الوقت لأن يتحد المجتمع الدولي لدعم الشعب اليمني، ووقف نزيف الدماء والفوضى من خلال وقف الحرب في اليمن.