الجزيرة الثقافية - محمد هليل الرويلي:
شاعر وكاتب صحافي, عمل محررًا في (صحيفة الجزيرة 1428 - 1438). التقيته أول مرّة في اجتماع دعا إليه مدير مكتب الجوف الأستاذ (محمد السياط) بعد انضمام صاحبكم لأسرة التحرير أواخر العام 2010.
سيرته تسبقه, وتسبقُ مبادراته, وترْأَبُ تُرقي وتترقى المسالك الفِجَاج وشوَاهِيق القلاع مُلتمعَة, سَناها يُضيء حلو العذوق طلعه في «الجوبة»، اتكأ بوعي يلتقط الصور للطين، ويُطلعه على المُستقبل بين زمانين: رأَس تحرير «مجلة الجوف / 1428 - 1431»، مُنح جائزة الإعلامي المثالي «مركز الدراسات الإعلامية» بالقاهرة 1430. إسهاماته عديدة ومتنوعة في الإذاعة السعودية والإذاعات العربية؛ ما جعله أحد أبرز المراجع الإعلامية, والخازن الأمين لإرث البدايات والهوية الإعلامية في المنطقة بجهود شخصية. إضافة إلى ذلك أسس عضو «أدبي الجوف» القاص والإعلامي الأستاذ (خالد نايف المسلم) أول موقع إلكتروني للإذاعة السعودية، وأول رابطة لمستمعي الإذاعة السعودية. نستضيفه في (ذاكرة الكتب) للحديث حول تجربته القرائية وعلاقته بالكتب.
نقوش على جدار القلب إصداري الأول
كشف الزميل الأستاذ «خالد المسلم» أنّه بصدد طبع أربعة كتب بعد تجربة إصداره (نقوش على جدار القلب) الصادر عن أدبي الجوف، هي: (إضاءات على الطريق, الجوف بالصور, نزهة في حديقة الأيام, الإعلام في منطقة الجوف)؛ وذلك حصيلة لاهتمامه بالإرث الثقافي والاجتماعي ومشاركاته في الفنون التشكيلية والتصوير والخط العربي والنحت, إضافة إلى المعارض في مناطق المملكة والمهرجانات، وبينها «مهرجان الزيتون» الأول بالجوف.
واستعاد المسلم ذلك الشعور - كاد يطير فرحًا - في الثالثة عشرة من عمره, يومها أحضر والده - حفظه الله - كتاب «رياض الصالحين» فقال معبرًا: كدت أطير من الفرح. عكفت على قراءته عامًا كاملًا؟! حينها كنت في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة. حقيقة إن مستوى هذا الكتاب كان أكبر من سِنّي, وقد واجهت بعض الصعوبات في فهم بعض مصطلحاته ومواضيعه والمسائل التي بين جنباته, ولجأت لمعلمي؛ ما جعلهم يولوني الرعاية، وخصوصًا معلم اللغة العربية - غفر الله له - آخذًا بيدي, وموجهًا إلى صقل حبّي القرائي واهتمامي بالكتب. طالما شدّد على قراءة القرآن قائلًا: «إن قراءة القرآن بالشّكل الصّحيح، مع أجر قراءته بتدبر, تُقوّم اللسان، وتحببك للغة العربية».
أما أول كتاب اشتريته من المكتبة، وحرصت على اقتنائه، فهو (كليلة ودمنة)، قرأته بمتعة شديدة. كنت كلما قرأت مجموعة من صفحاته أحكي «لأصدقائي بالحارة» عندما ألتقيهم قرب «أعمدة الكهرباء» وسط حيّنا, فأروي لهم ما قرأت, وكانوا يتشوقون لأكمل لهم في اليوم التالي بقية الفصول. وكنت من رواد (المكتبات العامة) إذ لم يكن يمُر علي أسبوع إلا وأذهب للمكتبة: أتصفح وأطّلع ما عزّز لديّ حُب القراءة, وكان والدي يحضر بشكل شبه يومي المجلات والجرائد الجديدة، وكان بعد اطّلاعه يُشجعني على القراءة.
أسست صحيفة أخبار العائلة
وفي جانب الاستعارات ما زلت أذكر المكان والكتاب الذي استعرته من المكتبة العامة بسكاكا «فرائد الفوائد» من مجالس العلم لمؤلفه أبو خلاد ناصر بن سعيد السيف. أما محاولات الكتابة والتأليف فبدأت محاولاتي الأولية للكتابة وأنا في سن مبكرة أيضاً، فهي لا تقل حبًا وشغفًا عن التجربة القرائية. بدأت ميولي للكتابة والصحافة تظهر فكنت أدوّن «بدفتر» ما يحدث لنا في منزلنا, وأسجل كل شيء طريف وغريب! حتى أني عملت صحيفة صغيرة للبيت، أدوّن فيها (أخبار العائلة)، وتطورت لديّ ملكة الكتابة التي صقلتها بقراءاتي المكثفة، وخصوصًا في مجالي الأدب والتاريخ والثقافة العامة والإعلام، وأصبح لدي ميول لكتابة المقالات والأخبار والتحقيقات الصحفية، وبعد سنوات عديدة تبلور لدي فكرة التأليف والخوض في غمارها، وقررت أن أصدر مجموعة من الكتب. وأول كتاب صدر لي جمعت به كتاباتي، وكنت قد كتبتها في أوقات متفاوتة, وبعض الخواطر والمقطوعات النثرية (نقوش على جدار القلب).
لدي مكتبة خاصة في منزلي تحتوي على أكثر من 2000 عنوان, وكنت أعير بعض الأصدقاء وأستعير منهم, وللأسف فقدت بعض الكتب التي تم استعارتها من مكتبتي. وحاليًا أحرص على وجود الكتب التاريخية التي تتحدث عن تاريخ المملكة على وجه الخصوص في نسخ متكررة في مكتبي لأُهدي بعض زواري من الأصدقاء منها, وتحتوي إضافة إلى ذلك على الكتب القديمة التي أوليها عناية خاصة فأقوم بتجليد أجنحتها وتأهيلها ككتاب (من شيم العرب)، ولا أزال أبحث عن أمهات الكتب, وأقوم بشرائها مهما كلفت لأقتنيها.
وحول المواقف الطريفة وأبرز القضايا خلال الرحلة القرائية قال: من الطرائف التي حدثت مصادفة، وهي في الوقت نفسه موقف غريبة! حدث أن اتفقت وأحد الأصدقاء على أن نتبادل إهداءات الكتب, وبالفعل أحضرت له كتابًا قيّمًا معي. وبوصولي إلى منزله خرج وبيده الكتاب نفسه عازمًا على تقديمه لي كإهداء.
وقبل الختام وجهنا دعوة لضيف العدد الشاعر والإعلامي خالد المسلم ليوجه مصافحة للقراءة الإبداعية بدعوته لأحد العناوين أو الكتب موصيًا بها, فعلق قائلاً: إن الكتب الرائعة والمفيدة كثيرة، لكن أوصي بقراءة كتاب (هكذا علمتني الحياة)
للدكتور مصطفى السباعي؛ فهو كتاب رائع وشيق، يحمل بين طياته الكثير من الفوائد للقراء، ولا يُمل من قراءته، وقد قرأته ثلاث مرات.