يحدث أحيانًا أننا لا نُفهم بالشكل الصحيح، ونواجه في تعاملاتنا اليومية سوء فهم من قبل المحيطين بنا؛ إذ تُفهم تصرفاتنا وتفسَّر نوايانا بعكس ما نحمله في داخلنا.
هل تقديم سوء الظن هو الطبيعة التي جُبلنا عليها فنتصرف وفقًا لذلك دون أن نشعر؟ أم إن المشكلة تكمن في طريقة توضيحنا لرغباتنا والمشاعر التي تسكننا؟ في الأصل هل نحن مجبرون على تفسير أفعالنا ونوايانا لمن حولنا كي لا نُفهم بشكل خاطئ؟
العوامل المؤثرة على طريقة تفكير الإنسان ومدى تقبُّله للأمور تساهم أيضًا في تشكيل عاداته كالنشأة، والخلفية الاجتماعية، والبيئة المحيطة به. لذا من الطبيعي أن تختلف طريقة فهمنا لتصرفات الآخرين ودوافعهم. أما فهم الناس بشكل كامل فهو أمر أقرب إلى كونه مستحيلاً؛ إذ إن لكل شخص منا تجارب وتوقعات مختلفة عن الآخر؛ وذلك ما يسبب التفاوت في ردود الفعل وإصدار الأحكام، فالتصرف الذي يبدو طبيعيًّا في نظر البعض قد لا يكون كذلك لدى البعض الآخر.
يقول جورج برنارد شو: إن المشكلة العظمى في التواصل هي توهم حدوث ذلك! وكثيرًا ما يقع الناس فيما يسمى بوهم الشفافية؛ إذ يعتقدون أن عواطفهم وأفكارهم واضحة تمامًا للآخرين على الرغم من عدم إفصاحهم عما يشعرون به وما يجري داخل عقولهم.
إن عدم بذل مجهود للظهور بشكل واضح، والتحدث بصراحة عن الرغبات أو الحالات العاطفية، ينتهي بالآخرين لإصدار أحكامهم الخاصة بناء على ما يرونه ظاهرًا، لا على ما يشعر به الشخص تحديدًا. وهذا ما يجعلنا في معظم الأحيان نشعر بأنه، وعلى الرغم من فهمنا لما نريد، وبقدر إدراكنا لاحتياجاتنا، فإن مشاعرنا لا تزال تُترجم بسلبية.
لذلك إذا ما وجدنا أنه يساء فهمنا في كل مرة نرغب فيها بإيصال رسالة معينة أو شعور معين فمن الضروري أن نراقب طريقة تواصلنا مع الآخرين، وأن نسعى إلى عدم إخفاء مشاعرنا، والتعبير عنها بوضوح حتى نُقرأ جيدًا؛ لأنه ليس هناك من يعيش بداخل عقولنا!