«الجزيرة الثقافية - محمد المرزوقي:
«من مشاوير الحياة: سيرة إنسان ومجتمع»، إصدار جديد عن دار تكوين 2020م، للدكتور حجاب بن يحيى الحازمي، الذي يسرد فيه سيرته الذاتية، عبر ست وثلاثين وخمس مئة صفحة من القطع الكبير، بعد أن تردد الراوي كثيراً أمام رغبات المقربين منه من أصدقاء وزملاء مسيرة، وجدهم في الطلب بأن يكتب سيرته الذاتية، التي وصف الحازمي تداعيات الاستجابة لمقترحاتهم قائلاً: أمام إلحاحهم استسلمت لوجاهة الطلب، برغم خوفي من طغيان الوسائل الحديثة على القراءة المتأنية المستوعبة، وخوفي أن أسرف على نفسي بذكر بعض النجاحات التي وفقني الله لتحقيقها - برغم اليتم - فيلحقني بسبب ذلك بعض الإثم، ومع ذلك فقد عدت إلى بعض السير المطبوعة على مستوى وطننا الحبيب، المملكة العربية السعودية، مع الاهتمام بالاطلاع الواسع على بعض السير الذاتية الصادرة عن أدباء وكتاب من أبناء منطقة جازان، عدت إليها فقرأت عدداً مما وقع تحت يدي من تلك السير الذاتية، بهدف الإطلاع، والإفادة من أساليب الراسخين منهم - قدر الإمكان - وبخاصة في صياغة مقدماتهم وخواتيمهم، وفي عرضهم لبعض مراحل حيواتهم، وفي وقوفهم عند بعض المحطات الإنسانية.
هكذا تطل بنا ذراع البوصة باتجاه سيرة قامة.. ومسيرة سامقة.. أمام حالة تأمل.. واستقراء.. ومراجعات.. ليست أمام اتخاذ القرار، وإنما أمام مسالك السيرة التي سيشرع من خلالها الراوي الذي سيقف بالراوي على أولى عتبات الحاية (اليتم)، لتبدأ قافلة السيرة تحمل في ركبها الإنسان (الراوي) والمكان والركب بجمعه عبر مجتمع ظل يحيط بحرف صاحب السيرة الذي سيجد القارئ أنه يطل من خلال هذه السيرة على سير شتى، تتناغم في بناء سرد هذه السيرة.. فهكذا تبدو معادلة كتابة السيرة الذاتية عندما تكتمل أركان حكايتها، وتجتمع عدتها في يد راويها، الذي يتخذ من نبوغ التجربة.. ومدارسة الأيام.. ومعترك الحياة.. مع الإنسان.. والمكان.. أولى جرعة لخط مداد العمر.. على أديم أعمار.. وفضاءات أبصار.. وبصائر.