حين ترى الحروفَ بين ناظريك تتقافز تودّ أن ترقص على الورق أو في مساحة بيضاء افتراضيّة من مواقع التواصل الرقمي، فلا تتركها تنتظر كثيراً، اعشقها خذ بيدها، هدهدها بين أصبعيك، ضُمّ معها الحركات، حتى تصنع بفكرك وإبداعك، كلمات تكتب لتقرأ، وتعجب، تناقش ويختلف معها، هذا من البديهيات أن الكل ليس في سلّة المعجبين واحدة، بل الاختلاف هو نجاح ما سطّرتْ، بانقسام مَنْ يقرؤوك إلى قسمين مؤيدٍ ومختلف ولربما لثالث مُعارض يحترم ما كتبت وإن اختلف معك!
فلا تكن أيها الكاتب بائساً، يائساً، شاتماً حظّك العاثر أن الناقد لم يعجبه ما كتبت، لا تحمّل نقد ما كتبه في نصك أكثر مما لا يحتمل، تظلّ وجهات نظر نتفق، نختلف معها فهذا وارد في عالم الكتابة، فلتحمد الله أن ذاك الناقد الدكتور أو الدكتور الناقد تفضّل على قراءة ما كتبت!
بدل أن يصبح مغرقاً في أبحاثه حول القديم يعيش مع جرير مرّة ومرات مع الفرزدق وأغلب الظن مع المتنبي وعنترة ...
المهم مِنْ كلِ هذا هو: ألا تحبط أيها الكاتب من أي رأيٍ، تعليق، نقد، مداخلة لم تعجبك، بل كما أن الحروف غازلت فكرك، وهيتَ لك كتابتها، فكن سكناً لها وسكناً لك، وكل ما أثير حول كتابتك، ثق أنه في صالحك ينمّيك، يفتح لك مدارك التميّز، يخرجك من دائرة نصك، إلى فضاء السماء الثامنة، هناك تجد الغيمات حبلى بحروفك، فانثرها قطراتٍ قطرات ندى ندى، لتعمّ بنفعها فائدة كل مَنْ قرأها!
ثنتان لا تجتمعان، كاتب بائس وناقد فاشل.
أعرفُ أني ربما أقول ربما أني تماديت في اتهامي بفشل الناقد، لكن الحقيقة لا بد أن تقال لتكتب بملامحها وممالحها، لأن لدي بعض العشم في البقية الباقية منهم، والسؤال والذي أظنه مهماً.
مَنْ هو الناقد الذي نريد أن يُحَلِّل كتاباتنا؟
نريدُ ناقدا يهتمّ بكتاباتنا، بواقعنا، بهمومنا؟
لا يستجرّ ما فات، ومات، ما لنا ولنقد الجمالي وما علاقة ما كتبه بن شداد في واقع كتاباتنا وما يبدعونه الكتّاب!
نريدُ ناقداً بكثرة سلبياتنا، يُخْرج لنا أضواء الإيجاب، سلاسة الحروف، جماليات التراكيب والمعاني، أوصافاً يُصفّق لها..
نريدُ ناقداً ليس لديه أجندة فقط لا يكتب إلا لأسماء معروفة أتخمِت في الإعلام..
نريد ناقداً يلتفت لما يبدعه الشباب وليس إلا لكتابات النواعم، حتى لو كتبن «السلام عليكم» لحللها الناقد وكتب عنها مجلدات.
نريد ناقداً نفسه رضيّة كـ حرفِه، عيناه تبرقان كماء زلال سطره ...
وللأمانة هناك نقّاد نحترمهم ونجلّ كتاباتهم، ونعتزّ بمدحهم واختلافاتهم، ونصائحهم، لأن الناقد من وجهة نظري وما يكتبه نص ثان داخل نص الكاتب مثل مخرج المسرحية فهو يبدع ككاتبه وهكذا ...
سطر وفاصلة
إذا وصلت لنقطة بين أن تتقدّم وتتأخّر فاحسم الأمر بقياس المسافتين أيهما أقرب، نعم هذا ما قصدت أن تُفَكّر الآن!
فالتفكير هو الخلاص من القياس الخنّاس.
فهو أول نقطة بين مختلفين بين عدويين بين قامتين، به تسمو إلى انخاذ القرار الذي به تعلو في الصعود أو تنزلق في وحْل الكلمات.
** **
- علي الزهراني (السعلي)