من المشاهد في الوسط الرياضي، خاصة في الفرق المحلية لكرة القدم، أن ضعف أو عدم نضج روح الفريق وتماسكه أصبح من العوامل المهمة، بل العنصر الأكثر مفارقة بينهم في الدوريات المحلية، ويكاد يكون من المسلّمات الرياضية صعوبة فوز فريق رياضي يفتقر إلى التماسك والترابط ووحدة الانتماء لهذا النادي وجماهيره؛ إذ أثبتت الدراسات أنه لا يمكن أن يحقق التفوق الرياضي بالاعتماد فقط على لاعبين يمتازون بقدرات متفوقة بدنيًّا وحركيًّا رغم أهميتها القصوى، ولكن ليست كافية وحدها لتحقيق الإنجازات الرياضية المستهدفة. إذن، يبقى حجر الزاوية الذي تحرك عن مكانه كثيرًا في الفترة الأخيرة، وهو التماسك بين الفريق الواحد وروحه المعنوية، وما تبع ذلك من الاستقرار الإداري والإشرافي لهذا النادي الذي أصبح له الآثار السلبية الواضحة على المنتج النهائي، وهي المباراة كحصيلة نهائية مشاهدة على أرض الميدان.
فلعبة كرة القدم هي لعبة جماعية، وفوزهم في هذه اللعبة أو المباراة هي حصيلة جهد كل لاعبي الفريق بالإجماع، وهذا يعطي مؤشرًا على مدى تعاونهم وانسجامهم، وتلاقي خواطرهم لصنع التكتيكات والتمريرات التي تدهش المشاهدين، وتتفوق على الفريق المنافس في الوقت نفسه؛ وبالتالي قد تتحقق أهداف تؤدي إلى فوزهم في هذه المباراة. ومن هنا فقد اهتم علم النفس الرياضي بدراسة تماسك الفريق الرياضي انطلاقًا من فكرة أن تفوق الفريق الرياضي وتراصف وحدته وانسجام تحركاته تتأتى من خلال التماسك بين أعضاء الفريق كوحدة واحدة، ونسبة الارتياح بينهم، وتلاقي أفكارهم وإماءاتهم مما ينعكس على أدائهم اللحظي وسرعة حركتهم دون تأخر في صناعة الهدف.
ومن هذا المنطلق فإن روح الفريق وتماسكه والبُعد عن الأنانية والفردية ودرجة الانتماء هو محصلة القوى الدافعة لاستمرار وبقاء الفرق، والحفاظ عليها من التصدع أثناء حالات الأزمات كحالات الهزائم المتكررة للفريق؛ وبالتالي نجاح الفريق الرياضي. وهذا النجاح أو الفوز مرتبط بزمن، وهو زمن المباراة في كرة القدم مثلاً؛ فتركيز الفريق على هذه المهمة، وإجادة العمل سوية في زمن محدد، والتفاعل الديناميكي.. كل ذلك يساعده على التفوق، وتحقيق الأهداف والانتصارات والبطولات؛ مما يولد لدى الجميع الشعور بالسعادة المشتركة؛ وبالتالي زيادة الرابطة بينهم، وحبهم وولائهم للفريق والنادي، وجاذبيتهم نحوه، والاستمرار في عضويته.
لذا فمن الضروري أن يعمل المدرب واللاعب وإدارة النادي والأجهزة الإشرافية والإدارية سوية لضمان تماسك الفريق وروحه المعنوية، وإدراك بُعدها في نتيجة المباراة إلى جانب العوامل الأخرى، مثل المهارة والمقدرة والتقنية لدى اللاعبين.
ومع تطبيق وزارة الرياضة استراتيجية دعم الأندية ونظام الحوكمة بمعايير محددة على الأندية الرياضة كافة، وجودة تنفيذها، مع إضافة أو تعديل بعضها، قد يساهم في تعزيز التماسك، والارتقاء بالسلوك الرياضي، وتطوير الفرق، ودعمها باتجاه التفوق؛ الأمر الذي ينعكس على أداء هذه الفرق مقابل الفرق المنافسة.
** **
عمر العمري - مدير وحدة العلاقات العامة والإعلام التربوي في جامعة الإمام