واس - الرياض:
تمثل مجموعة العشرين الاقتصادية التي ترأس المملكة العربية السعودية الدورة الخامسة عشرة لقمة قادتها يومَي السبت والأحد القادمين الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة، والفاعلة في الاقتصادات العالمية التي تمتلك 90 % من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80 % من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثَي سكان العالم.
واستُحدثت مجموعة العشرين عام 1999م بمبادرة من قمة مجموعة السبع لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة بهدف تعزيز الحوار البنّاء بين هذه الدول بعد الأزمات المالية في التسعينيات لتنسيق السياسات المالية والنقدية في أهم الاقتصادات العالمية، والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي. وكان تأسيسها اعترافًا بتصاعد أهمية الدول الصاعدة، وتعاظم أدوارها في الاقتصاد والسياسات العالمية، وضرورة إشراكها في صنع القرارات الاقتصادية الدولية.
وتضم مجموعة العشرين (المملكة العربية السعودية، والأرجنتين، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، والمكسيك، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ثم الاتحاد الأوروبي المكمل لمجموعة العشرين)، إلى جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وتأتي أهمية هذه المجموعة، ليس على المستوى الاقتصادي والتعاون فيما بينها فحسب، بل كونها تمثل ثلثَي سكان العالم، أي غالبية الدول؛ ومن ثم فإن اجتماعات مجموعة العشرين تأتي بنتائج إيجابية حاضرًا ومستقبلاً؛ كونها أيضًا لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فقط، بل تشمل الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية؛ كون الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسة التي قد تنعكس سلبًا أو إيجابًا على الحياة الاجتماعية للشعوب.
وسجّل دخول المملكة كعضو في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم اعترافًا بأهمية المملكة الاقتصادية، ليس في الوقت الحاضر فقط وإنما في المستقبل أيضًا. وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذًا سياسيًّا واقتصاديًّا ومعنويًّا كبيرًا، يجعلها طرفًا مؤثرًا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية التي تؤثر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة.
ويعقد قادة المجموعة دوريًّا اجتماعًا اقتصاديًّا، يبحثون خلاله ما يعين على بناء اقتصادات قوية، ويجابهون ما يعضل من مشكلات اقتصادية تواجهها مختلف دول العالم. ويسعى قادة الدول خلال اجتماعاتهم ووزراء ماليتهم خلال الاجتماعات التحضيرية التي تسبق القمم إلى بلورة الأفكار، وإيجاد الحلول التي تقضي على تلك المشاكل، وتحول دون استمرارها.
وأكد سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مواصلة المملكة، وهي تتولى رئاسة مجموعة العشرين هذا العام، العمل على تحقيق التقدم المنشود في جدول أعمال المجموعة، والعمل مع الدول الأعضاء كافة، خاصة عضوتَي الترويكا دولتَي اليابان وإيطاليا، لمناقشة القضايا الملحة في القرن الحادي والعشرين، ولتعزيز الابتكار، والحفاظ على الأرض ورفاهية الإنسان. وأشاد سموه بالتقدم الذي تحقق في السنوات الماضية على الصعيد الاقتصادي، وضرورة السعي الجاد للوصول إلى الشمولية والعدالة، وتحقيق أكبر قدر من الرخاء.
وتطرق في كلمته إلى أهمية تمكين المرأة والشباب كونهما محورَين أساسيَّين لتحقيق النمو المستدام، وكذلك تشجيع رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والسعي لإيجاد حلول عملية ومجدية لخفض الانبعاثات من جميع مصادرها، والتكيف مع آثارها، وضمان التوازن البيئي في العالم.
وبيّن سمو ولي العهد أن توفير التمويل الكافي لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة يعد أحد أهم التحديات التي تواجه العالم، والحاجة ملحة للتعاون مع البلدان منخفضة الدخل في مجالات عديدة، مثل الأمن الغذائي، والبنية التحتية، والوصول إلى مصادر الطاقة والمياه، والاستثمار في رأس المال البشري. وشدد على أن تلك القضايا ستحظى بالاهتمام خلال رئاسة المملكة للمجموعة العام القادم.
وأكد أن أمن واستدامة المياه، وما يترتب عليها من تحديات بيئية وسياسية، أحد أهم الموضوعات التي تواجه العالم بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، وسيتم العمل مع الدول الأعضاء لإيجاد سياسات توافقية ومجدية لهذه التحديات.
وقال سمو ولي العهد: إن العالم يعيش في زمن الابتكارات العلمية والتقنية غير المسبوقة، وآفاق النمو غير المحدودة. ويمكن لهذه التقنيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، أن تجلب للعالم فوائد ضخمة في حال تم استخدامها على النحو الأمثل. مشيرًا إلى ما قد ينتج من تلك الابتكارات من تحديات جديدة، مثل تغير أنماط العمل، والمهارات اللازمة للتأقلم مع مستقبل العمل، وكذلك زيادة مخاطر الأمن السيبراني وتدفق المعلومات؛ الأمر الذي يستوجب معالجتها لتفادي تحولها إلى أزمات اقتصادية واجتماعية.
وشدّد سموه على مسؤولية العمل المشترك للدول الأعضاء في مجموعة العشرين، ومع جميع الشركاء في العالم لخلق بيئة يزدهر فيها العلم، تعزز زيادة حجم وفاعلية الاستثمار في مهارات ووظائف المستقبل.
وتستضيف المملكة العربية السعودية يومَي السبت والأحد القادمَين الموافقَين 21 - 22 / 11 / 2020م قمة قادة دول مجموعة العشرين للعام 2020م التي ستُعقد في الرياض بشكل افتراضي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وذلك في ضوء الأوضاع العالمية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19).
وستركز دول مجموعة العشرين خلال القمة على حماية الأرواح، واستعادة النمو من خلال التعامل مع الجائحة وتجاوزها، والتعافي بشكل أفضل من خلال معالجة أوجه الضعف التي اتضحت خلال الجائحة، وتعزيز المتانة على المدى الطويل. كما ستسعى إلى تعزيز الجهود الدولية من أجل اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع من خلال تمكين الأفراد وحماية كوكب الأرض وتسخير الابتكارات لتشكيل آفاق جديدة.