«الجزيرة» - سالم اليامي:
متكئًا على خبرة تقارب الـ30 عاماً في مجال العمل والاستثمار الصناعي، تناول معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف واقع القطاع الصناعي والتعديني في المملكة وأهم التحديات التي تواجه القطاع، والآمال والتطلعات والفرص التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها بتوجيهات القيادة الرشيدة وفي ضوء برامج ومستهدفات رؤية المملكة 2030، بالتنسيق والعمل المتكامل مع جميع أطراف المنظومة الصناعية في المملكة.
ولفت معاليه خلال لقاء افتراضي عن بعد عقده مع رئيس وأعضاء هيئة الصحفيين السعوديين ورؤساء تحرير الصحف السعودية إلى أن التحدي الأكبر للقطاع الصناعي هو منافسته للبدائل الاستثمارية الأخرى، وجعل القطاع الصناعي خيارًا أولاً بالنسبة للمستثمر، مؤكداً أن هذا التحدي هو جزء من المزايا التي تملكها المملكة بالنظر إلى حجم ونوعية الفرص الكبيرة المتاحة للاستثمار فيها، انطلاقاً من رؤية المملكة 2030 التي تستهدف خلق نقلة نوعية في هذا القطاع ليخرج من التوجهات المعتمدة في الأساس على الثروات الطبيعية إلى توجهات متعددة ونوعية.
واعترف معاليه بوجود تقصير في القطاع الصناعي، إلا أنه أكد أن هيئة الصادرات تعمل الآن على مشروع باسم «صُنع في السعودية» -وإن شاء الله- سيطلق قريباً.
قطاع الصناعة والتنوع الاقتصادي
في بداية اللقاء قدَّم معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية جزيل الشكر لهيئة الصحفيين السعوديين وعلى رأسها الزميل خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة ورئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين على جهودهم في ترتيب اللقاء.
وقال الوزير الخريف: فخور بأن أكون معكم اليوم، وقد تشرفت بالعمل مع عدد من الزملاء الموجودين بحكم عملي السابق في مجال مرتبط بالإعلام، وهذه العلاقة هي من الأمور التي أعتز بها، ومرحلة عملي تلك بما فيها من علاقات واسعة بالمجال هي مرحلة من العمر جميلة جداً، ويمكن أن تكون المدخل لحديثنا اليوم، وقد كانت تجربتي في المجال الإعلامي من خلال عضوية مجلس إدارة صحيفة الوطن لما يقارب 12 سنة.
وأردف الخريف: منذ بداية تشرفي بتولي مهام وزارة الصناعة والثروة المدنية، والذي بالمصادفة يتزامن اليوم مع إكمال سنة هجرية كاملة لي في المنصب، وقد كانت رغبة كبيرة منذ بداية التعيين للتواصل معكم، ولكن قد يكون تزاحم المهام حال دون ذلك. وأضاف الوزير الخريف: لقاؤنا اليوم يأتي في إطار مد جسور التواصل مع قطاع الإعلام، إيماناً منا بأهمية دور الإعلام في مهمتنا في قطاعي الصناعة والتعدين، وفي الأهداف التي تحاول الدولة تحقيقها من خلال رؤية المملكة 2030، والتي من أهم محاورها القطاع الصناعي، وجميعكم تعلمون أن العصب الرئيس لرؤية المملكة هو التنوع الاقتصادي عبر تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص وظيفية بشكل مستدام، ورفع الناتج المحلي، ورفع الصادرات وجذب الاستثمارات، ولا شك أن قطاع الصناعة والتعدين يسهم فيها بشكل أكبر، والمتابع لرؤية المملكة يجد أن أهم البرامج التي خلقت لتحقيق هذه المستهدفات هو برنامج الصناعة والخدمات اللوجستية، والهدف منه تعظيم الفائدة وتعظيم العائد الاقتصادي من القطاعات الأربعة التي يضمها البرنامج، وهي: الصناعة والثروة المعدنية والطاقة والخدمات اللوجستية.
وأشار وزير الصناعة والثروة المعدنية إلى أنه عندما أطلقت الرؤية وأطلقت معها المنظومات التي تستهدف تحقيق هذه الرؤية تم في حينه إنشاء وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، وأعتقد بأنه مع التجربة ارتأت القيادة أن ملف الصناعة والثروة المعدنية ملف مهم يجب أن يستقل بذاته، ولذلك اتخذ القرار بفصل الوزارة وإنشاء وزارة جديدة تكون معنية بالصناعة والثروة المعدنية.
وأضاف الوزير الخريف: أعتقد بأن هذه من أهم المحطات لأسباب عدة: أولاً: هذا القرار يعطي المهتم برؤية المملكة وخطة تنفيذها انطباعاً بجدية هذه الرؤية والجدية في تحقيق مستهدفاتها، الأمر الآخر -أيضاً- لدينا معطيته الموجودة لدى الجهاز التنفيذي لهذه الخطط في التعامل مع التحديات والأولويات وكيفية تحقيقها، وأنا أتذكر عندما قابلت سمو سيدي ولي العهد قبل اختياري للوزارة، كان هذا الهم الأساسي لدى سموه بأننا اليوم أمام مشوار مهم وأهداف كبيرة يعوّل عليها الاقتصاد السعودي من خلال قطاعات الصناعة والثروة المعدنية، ومهم جداً أن نجد الآلية المناسبة للتغيير، وطرح سموه خيار فصل الوزارة، وكان النقاش شيقاً جداً في ذلك اليوم ولا يمكن أن أنساه حول هذا الموضوع، وما يمكن أن يتحقق من الفصل. وقال الوزير الخريف: من دون شك إن لكل اقتصاد مقوماته، والمعالم التي تميز القطاعات الصناعية في الاقتصادات المختلفة، ومن أهم المصادر التي بودي أن نتشارك الحديث حولها أن وضعنا كاقتصاد وكبلد من حيث الجانب الصناعي والجانب التعديني وهي المهمة التي تتولاها الوزارة والمنظومة وما يمكن أن تحققه المملكة من هذين القطاعين، وما هي التركيبة الموجودة التي تساعدنا على تحقيق هذه التطلعات.
واقعنا الصناعي والطموحات الكبيرة
وبداية ألقي الضوء على أن المملكة -بحمد الله- حققت تنمية خلال 45 سنة، وبلا شك أنها بُنيت على مقومات تتغير مع المتغيرات في الاقتصاد، وأهمها الثروات الطبيعية الموجودة، أهم المنتجات النفطية والمنتجات البتروكيماوية التابعة لها، وما حصل من مشوار للمملكة في تنمية قطاع البتروكيماويات، وظهور شركات تُعَدُّ اليوم عالمية، مثل «سابك»، وفي القطاع النفطي «أرامكو»، وحتى «أرامكو» تدخل في صناعات تحويلية مختلفة.
هذه المرحلة التي بُنيت فيها الكثير من القدرات خاصة في البنية التحتية، سواء في المدن الصناعية مثل الجبيل وينبع أو المدن الأخرى التابعة لهيئة المدن الصناعية «مدن» والخدمات التي يحتاج إليها قطاع مثل القطاع الصناعي أو القطاع التعديني من خدمات نقل وخدمات لوجستية وغيرها. وأردف الوزير الخريف: ما تمثله رؤية المملكة 2030 هو خلق نقلة نوعية في هذا القطاع ليخرج من التوجهات المعتمدة في الأساس على الثروات الطبيعية إلى توجهات مختلفة تنطلق من المكتسبات التقليدية، ولكنها أيضاً تبنى على أساس أحداث نقلات نوعية في القطاع الصناعي والتعديني.
ومن أهم الأمور التي بُنيت عليها هذه الإستراتيجية الصناعية هي المقومات الرئيسة التي تملكها المملكة، سواء في الثروات الطبيعية أو الموقع الجغرافي المتميز أو القدرات المالية الموجودة، أو القدرات البشرية والتي نعتقد أنها عصب النمو القادم، ولذلك رؤية المملكة عندما تبنت هذه التوجهات أخذت في عين الاعتبار أن ما يمكن أن يحققه هذا القطاع يجب أن يكون فيه تكامل مع القطاعات الأخرى كقطاع الطاقة وقطاع الخدمات اللوجستية، ولذلك تم تصميم برنامج مثل برنامج «ندلب» لتحقيق هذه الأهداف.
وأردف الوزير: لو نظرنا اليوم إلى واقعنا الصناعي فمن دون شك أن طموحاتنا كبيرة إلا أن هذه الطموحات مبنية على أساس قوي من المزايا النسبية والمكتسبات والمقومات والممكنات، لذلك فإنني لست قلقاً من هذا الجانب نهائياً، لا من حيث البنى التحتية والبنى البشرية أو القدرات البشرية أو من حيث الإمكانات المالية أو من حيث الموارد الطبيعية أو من حيث بقية المقومات.
التحدي الأكبر وجذب المستثمرين
وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية أن التحدي الأكبر اليوم لقطاع مثل القطاع الصناعي هو منافسة هذا القطاع للبدائل الاستثمارية الأخرى، ويمكن أن يكون هذا التحدي هو جزء من المزايا التي تملكها المملكة، وهي بلد فيها فرص كبيرة للاستثمار يستطيع أي مستثمر أن يختار أي فرص تحقق له عوائد أعلى ومخاطر أقل، ودورنا في منظومة الصناعة التي تدور حولها مجموعة من الجهات والمساعدة في تحقيق الأهداف مثل: الهيئة الملكية للجبيل وينبع، هيئة المدن الصناعية «مدن»، صندوق التنمية الصناعي، التجمعات الصناعية، هيئة المساحة الجيولوجية، بنك الصادرات، والهدف الأساسي هو أن نجعل الاستثمار الصناعي الخيار الأول للمستثمر، وهذا هو التحدي الحقيقي. وأكرر أن التحدي الأكبر لا يكمن في البنى التحتية أو المدن الصناعية أو موانئ فنحن قادرون على إنشائها، ولكن التحدي الأكبر هو أن نجعل القطاع الصناعي جاذباً للمستثمر، ومعلوم أن القطاع الصناعي والتعديني هما قطاعان يحتاجان إلى رؤوس أموال كبيرة، ويحتاجان إلى مستثمر لديه نظرة بعيدة المدى في الاستثمار، وإذا استطعنا أن نفهم هذا التحدي فأعتقد أننا سنكون قادرين على التعامل معه، أما النقطة الثانية فإن ما يميز المرحلة التي نمر بها هو التحول في التقنيات الصناعية على مستوى العالم، وما يمكن أن يقدمه هذا التحول للمملكة ولتركيبتها، وأخص بالذكر ما يمكن أن يقدمه تبني التقنيات الصناعية والثورة الصناعية الرابعة والطباعة ثلاثية الأبعاد وغيرها من أنماط عمل من فرص للمملكة تستطيع من خلالها أن تقفز في تقدمها الصناعي عن غيرها من الدول التي تستخدم الأساليب التقليدية. وفي تقديري أن المملكة لديها مقومات تمكنها من تبني هذه التوجهات الصناعية، أهمها والذي يمكن أن يتناسب مع توجهاتنا الاقتصادية والاجتماعية هو التركيبة السكانية، ووجود النسبة الأكبر من الشباب القادرين على استيعاب هذه التقنيات وتعلمها، والتأقلم معها بشكل جيد، الأمر الآخر هو قدرة المملكة المالية على تبني هذه التقنيات والاستثمار فيها بشكل سريع وجيد، والأمر الثالث المقومات الصناعية الموجودة، ومن أهم ما يلاحظه من ينظر إلى التركيبة الصناعية بالمملكة وتركيزها في مدن مثل الجبيل وينبع والمدن الصناعية، وهذا التنظيم بحد ذاته يخلق -أيضاً- فرصًا في تبني الثورة الصناعية الرابعة، لأنه سيكون لدينا مجمعات صناعية قادرة على التفاعل مع بعض بشكل أو بآخر يخدمذه المصلحة.
وقال الوزير الخريف: هذا من المزايا الرئيسة التي تمكن الشباب والشابات ممن لديهم أفكار خلاَّقة من أن يبدؤوا بإنشاء مشاريع صناعية بتكاليف أقل بكثير مما كانت عليه الصناعة، وهذه من المشاريع التي نتبناها في الوزارة وفي المنظومة بأن يكون لدينا مسار جاذب للمستثمر الذي لديه ابتكار معين أو مشروع نوعي معين، إما أن يكون قادراً على تنفيذ هذه المشاريع من خلال التقنيات الجديدة أو أن تساعده المنظومة من خلال جهاتها مثل الصندوق الصناعي، وذلك بدراسة الفكرة ومحاولة أن تلقى هذه الفكرة القبول لدى المستثمرين الماليين لتطوير هذه التقنية.
وأضاف: عندما ننظر إلى السنوات الثلاث الأخيرة، فإنه من السهل على المتابع المنصف لتسلسل الأحداث أن يعي جدية الدولة في توجهها لتنمية القطاع الصناعي، لأن الجانب التشريعي في القطاع الصناعي هو جانب مهم جداً، بالنظر إلى أن الاستثمار الصناعي بطبيعته هو استثمار يعتمد على نظرة بعيدة المدى، وبالتالي فإن استقرار الأنظمة والتشريعات أمر مهم جداً للمستثمر، ورغبتنا في أن تكون المملكة بيئة جاذبة أيضاً للاستثمارات من الخارج، خاصة في قطاع التعدين الذي يُعَدُّ قطاعاً واعداً، والمملكة على مدى سنوات طويلة لم تستغل إلا جزءًا يسيراً جداً من إمكاناتها التعدينية.
القرارات الحكومية والبيئة التشريعية
وأضاف: لو نظرنا إلى القرارات الحكومية المتعلقة بالبيئة التشريعية، ابتداءً - على سبيل المثال - بإنشاء هيئة المحتوى المحلي، هذه الهيئة التي لها دور أساسي في ترسيخ مبدأ المحتوى المحلي وتصدير المنتجات المحلية، بما في ذلك ما يمنحها نظامها في المشتريات الحكومية، وكذلك هيئة التجارة الخارجية، والتي لا يتجاوز عمرها العام تقريباً، لكن دورها أساسي في حماية السوق السعودي من الممارسات غير العادلة ومن الإغراق من جانب، ومن جانب آخر فيما يتعلق بفتح الفرص للمنتجات السعودية للأسواق العالمية من خلال تفعيل الاتفاقيات الموجودة أو تفعيل اتفاقيات جديدة، وإنشاء الوزارة في حد ذاته دلالة على أهمية هذا القطاع وأهمية التركيز عليه، وأيضاً القرار بأن تكون وزارة للصناعة والثروة المعدنية له دلالته الخاصة، وهذا كان جزءًا من النقاش الذي دار بيني وبين سمو ولي العهد، لأن هناك حرصاً شديداً على أن يكون استغلالنا للثروات الطبيعية المعدنية مرتبطاً بالصناعة لنكون قادرين على تعظيم العائد من هذه الثروات الطبيعية، وبعد ذلك إطلاق بنك الصادرات، وله دور محوري في المساهمة بمساعدة المصدرين على أن يقتنصوا فرصاً كبيرة في الأسواق العالمية ويقدموا الخدمات التمويلية لعملائهم من جانب، أو يكون لديهم أدوات لضمان ما قاموا به من صادرات، رفع رأسمال الصندوق الصناعي، التوسع في المدن الصناعية، التوسع في الجبيل وينبع، وأخيراً رفع الجمارك بقائمة من 575 سلعة لتوافرها في السوق المحلي بإمكانات ممتازة.
وفي جانب التعدين، صدور نظام التعدين الذي سوف يؤسس لقاعدة مهمة من الاستثمارات لأنه تعاطى مع جزئيات مهمة في الاستثمار التعديني، أهمها: الأراضي، حيث كان المستثمر في القطاع التعديني يحتاج إلى مدة زمنية تستغرق من سنة إلى 3 سنوات للحصول على الموقع بشكل نهائي، وهذه المدة بعد النظام الجديد ستتقلص إلى أشهر قليلة.
وأردف الوزير الخريف: الشفافية في نظام التعدين وتعاطيه مع الجوانب المهمة فيما يتعلق بالبيئة والمياه وغيرهما، خلق الفرص للمستثمر الأجنبي، ورافق نظام التعدين إنشاء شركة للخدمات التعدينية ودورها محوري في دعم القطاع وحماية المستثمرين.
الشق الثالث: أن المملكة لفترات طويلة جدًا لم تستثمر أي شيء فيما يتعلق بالمسح الجيولوجي، والرؤية أتت بمشاريع جبارة للمسح الجيولوجي لمناطق كبيرة من المملكة تقدر بثلث مساحة المملكة تقريباً، والسبب أن المسح الجيولوجي مهم لتوفير المعلومات التي يستطيع من خلالها المستثمر أن يختار المنطقة ونوعية المعادن التي يستثمر فيها، وبالنظر إلى جميع هذه العوامل، يتضح أن التأسيس للمرحلة القادمة يستغرق وقتاً، ولكننا نسير في الاتجاه الصحيح، ومن الأشياء الجميلة التي أتت مع مشوار المملكة في رؤيتها هو تغيير التكتيكات للوصول إلى الأهداف، ووجود وزارة للصناعة والثروة المعدنية من الأمور التي تبرز هذا التوجه وتؤسس لمنظومة متكاملة لتحقق هدفاً واحداً.
وأخيراً.. فإن ذلك ما ننظر له في الوزارة والمنظومة التابعة ودور برنامج «ندلب» ودور الحكومة الأكبر، ومن الأشياء التي أعتبرها من المزايا التي حصلنا عليها هو إنشاء وزارة جديدة، ومن أهم المكاسب أننا نختار نموذج العمل الأنسب الذي أسميه شخصياً «وزارة المستقبل» التي تقوم على مجموعة من الكفاءات ويكون لديها كفاءة عالية ولديها مرونة عالية ولديها قدرة على التفاعل مع القطاع الذي تخدمه بشكل مبادرة وليس ردود الفعل، وهذا ما ننوي - بإذن الله - في تأسيسنا لهذه الوزارة بأن يكون دورها تنظيمياً وتشريعياً وإشرافياً، وأن تمكن المنظومة التابعة لها من القيام بالأدوار التي تتعامل فيها مع القطاع بشكل يومي من خلال «مدن» الهيئة الملكية، الصندوق الصناعي، هيئة الصادرات وغيرها، وتمكين هذه الجهات للقيام بعملها بالشكل المطلوب هو من أولوياتي كوزير وفريق العمل في الوزارة وهذا ما نطمح إليه.
وهذا التوجه سوف يخدم القطاعات التي نعنى فيها، وأيضاً يجب أن تعمل معنا الجهات بالتناغم نفسه، وهذا يتحقق من خلال «ندلب» وهي المظلة الأكثر للقطاع الصناعي، والتي تشمل قطاع الطاقة وهو قطاع مهم جداً وممكن رئيس لقطاع الصناعة والتعدين، ومن جانب آخر قطاع الخدمات اللوجستية بما فيه من نقل وموانئ وغيرهما، والمظلة الأكبر هي الحكومة وما تقدمه الجهات الأخرى من سياسات وتشريعات وأدوات تساعدنا على تحقيق أهدافنا.
تطوير آليات الصناعات الوطنية
كما أكد معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية انفتاح الوزارة على وسائل الإعلام، بالنظر إلى أهمية الإعلام في إبرار المشكلات، ولكن بالشكل السليم والصحيح الذي يخدم المصلحة، لافتاً في الوقت ذاته إلى أهمية دور الإعلام في مواكبة التحول الاقتصادي الذي تعيشه المملكة. بدوره تحدث الزميل رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك، فقال: مجرد دعوتكم للقاء رؤساء التحرير وأعضاء هيئة الصحفيين السعوديين هي بحد ذاتها لفتة جميلة من وزارة تريد أن يكون هناك شراكة مع وسائل الإعلام في تحقيق الأهداف المرجوة للصناعة في المملكة. وأضاف: غالباً ما كانت وزارة الصناعة في مرحلة تجارب من خلال ربطها بالمسميات مع وزارة أخرى وليس العكس، أيضاً المدن الصناعية والمناطق الصناعية، نحن دائماً أمام مسميات تثير الانتباه وتجعل الإنسان دائماً ينظر إلى الصناعة وكأنها عمل ثانوي بالنسبة للمنظومة الاقتصادية في المملكة، وأعتقد أنه لا أحد من الحضور وكذلك المواطنين يعرفون ماذا لدينا من صناعات إذا استثنينا «سابك» والصناعات التابعة لأرامكو، لأنه لا يوجد خدمة إعلامية تعرّف الناس بهذا النوع من الصناعات، أيضاً عند زيارة الأسواق المحلية لا نرى من الصناعات المحلية شيئاً، وإنما نرى فقط المنتجات المستوردة من الرديء والجيد في مختلف مجالات الصناعة.
وأردف الزميل المالك: كما أشار معاليكم، لدينا في المملكة جميع المقومات الصناعية من حيث الموقع، الموانئ، المال المتوافر، الإمكانات البشرية، وغيرها، لكن يبدو أن المستثمرين لم يشجعوا كما ينبغي لاستثمار أموالهم في مشاريع صناعية تكون بديلاً أو على الأقل إلى جانب ما هو مستورد إلى المملكة.
وأضاف الزميل رئيس التحرير: احتياجاتنا اليومية غير المعقدة صناعياً يجب أن تكون موجودة في السوق ومعروفة لدى الناس، وأيضاً متوافرة بالكميات والأنواع الجيدة، صحيح أن المملكة قدمت حوافز كثيرة للصناعة عبر تاريخها كتخفيض الكهرباء للمشاريع الصناعية، والقرارات الوزارية تمنح دائماً الأفضلية للصناعات المحلية في تأمين متطلبات الدولة في المناقصات، أيضاً فيما يتعلق بالضرائب التي توضع، نجد هناك تسهيلات للصناعات المحلية، لذلك نحن اليوم أمام وزارة جديدة بفكر جديد ورؤية تنسجم مع رؤية 2030، وبالطموح الكبير الذي يقوده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبتفاعل المواطنين مع هذا التوجه، ونريد أيضاً أن يكون هذا الأمر واضحاً للناس في المستقبل، ووزارة الصناعة والثروة المعدنية يجب أن تطرح مشاريعها ورؤاها وأفكارها وتحفيز المستثمرين لأفكار معينة، كما كانت الوزارة تفعل عندما كان مركز الأبحاث موجوداً، حيث يقومون بدراسات وأبحاث اقتصادية وأفكار ممتازة، ويشجعون المستثمرين والمواطنين على القيام بتلك الأعمال، بالطبع انتهى مركز الأبحاث وحوّل إلى مسمى جديد، وبالتالي يجب على وزارة الصناعة والثروة المعدنية وبهذه الروح التي طرحتها معاليك، يجب أن تكون الوزارة على تواصل مع وسائل الإعلام، بحيث يكون المواطن ويكون المستثمر وحتى المستورد على علم بما تتبناه الوزارة الآن من أفكار جديدة طموحة رغم وجود بعض التحديات التي أشار إليها معاليكم.
تجربة مع القطاع الصناعي لـ 30 عامًا
وفي معرض إجابته عن أسئلة الزملاء رؤساء التحرير وأعضاء هيئة الصحفيين السعوديين، قال الوزير الخريف حول ما ذكره الأستاذ خالد المالك وبعض الزملاء: لا شك أننا مقصرون في القطاع الصناعي، ولدينا مشروع الآن تعمل عليه هيئة الصادرات باسم «صُنع في السعودية»، وسمو ولي العهد متحمس للمشروع، وإن شاء الله يطلق قريباً، وقد أثبتت التجارب الدولية أن ربط المنتج والولاء للمنتج الوطني دائماً يحقق أهدافاً ممتازة للقطاع بشكل عام، سواء فيما يتعلق بولاء المواطن لاستهلاك المنتج، وبالتالي يكون لديه فهم بالمنتج وما يحققه من مكاسب اقتصادية واجتماعية، وخلق فرص وظيفية وما إلى ذلك، أيضاً له انعكاس مباشر على مركز هذه الدول في صادراتها، ونحن من خلال هذا المنبر نرجو أن يكون الإعلام شريكاً لنا في هذا المشوار، ولو نظرنا لتجربة المملكة في مرحلة جائحة كورونا نجدها من أكبر الدول التي توفر فيها المنتجات الأساسية، وكلنا كمواطنين لم نعانِ كما عانت شعوب الدول الأخرى في توفير المتطلبات اليومية من أغذية وأدوية، والسلع الاستهلاكية الأخرى، وقد أثبتت المملكة خلال هذه الجائحة أن لديها مقومات قادرة على النمو إذا وجدت البيئة المناسبة، ولعلي أضرب مثالاً بالكمامات، في ظل الظروف العادية كان إنتاج المصانع التي تنتج الكمامات في المملكة لا يتجاوز 500 إلى 600 ألف كمامة يومياً، وعندما حصلت الجائحة وبدأت هذه المصانع تدرك حجم الحاجة ارتفع إنتاجها من 600 ألف إلى مليون كمامة، ونحن نتكلم اليوم في حدود 3 ملايين كمامة ولدينا مشروع حكومي لزيادة إنتاج الكمامات وسنصل إلى إنتاج 10 ملايين كمامة يومياً وبأسعار وأنواع منافسة جداً، وبالتالي أذكر لكم وأنا ابن القطاع الصناعي، حيث عملت في المجال لنحو 30 سنة، ورأيت الصناعة من زواياها المختلفة، فقد عملت كمدير مصنع، حيث عملت بدوام كامل في الصناعية على مدى 15 سنة، وكنت أبيع معدات صناعية ومستثمر صناعي وإستراتيجي صناعي، وأعلم جيداً عن ماذا أتحدث.
تكامل العمل بين أطراف المنظومة الصناعية
وأضاف الوزير الخريف: ما نحتاج إليه هو أن يثق الناس في هذا القطاع وتكون الفرص موجودة، وجانب التحدي لدينا هو أن سوق المملكة سوق مفتوح وفيه سيولة رهيبة وقوة شرائية ممتازة و5 في المائة جمارك، فمن الطبيعي أنه سوق مستهدف من الجميع، لذلك جزء من دورنا في الوزارة هو حماية هذا السوق.
وأضاف الوزير الخريف: وحول ما ذكره الأستاذ خالد المالك عن مركز الدراسات أود الإشارة إلى أن هناك برنامجاً اسمه برنامج «التجمعات الصناعية»، وهو من الجهات الرائعة في منظومة الصناعة والذي يعنى بدراسة صناعات محددة ويطور مشاريع للاستثمار، ونحن نعمل حالياً على تحويله إلى مركز دائم، ونتوقع أن يكون ذلك قريباً.
وقال وزير الصناعة والثروة المعدنية: إن تعظيم الاستفادة من النفط يشكل هاجساً للحكومة بأكملها، ووزارة الطاقة تقود هذا الملف، وهناك مشروع وطني كبير للاستفادة من النفط وتعظيم الفائدة منه للتناغم مع برنامج «ندلب» والصناعة وخلق الفرص التي تأتي من هذا الجانب، أما فيما يتعلق بأن تكون الصناعة بديلاً للعقار فإن هذا يشكل تحدياً كبيراً لأنه لو وجد الياباني أو الألماني -على سبيل المثال- لو تمكن من شراء أرض بريال وبيعها بمائة ريال ما وضع ريالاً في الصناعة، ولكننا -بمشيئة الله- قادرون على إحداث تغيير في هذا المفهوم بما ينعكس إيجاباً على الصناعة وتطويرها. وأردف الوزير الخريف فيما يتعلق بالتواصل مع وسائل الإعلام: ليس لدينا أي تحفظ، ولظروف نشأة الوزارة، واليوم لدينا الفريق المناسب بهدف التواصل مع الجميع.
وحول البيانات فإن لدينا مشروعاً لتطوير مركز المعلومات، ومن مزايا الرؤية أنها أعطت للمنظومات القدرة على أن تعمل مع بعضها، مثلاً: الصندوق الصناعي لديه كمّ هائل من المعلومات، الهيئة الملكية للجبيل وينبع لديها كمّ هائل من المعلومات، «مدن» لديها كمّ هائل -أيضاً- من المعلومات، كما أن الحوكمة القديمة في الحكومة كانت تعتمد الاستقلالية التامة للجهات تفقد من يقود المنظومة الاستفادة منها، وهذا تغير، وهذا جزء من الأنظمة والتشريعات التي حصلت لتمكين القيادات من تحقيق أهدافها. وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي، قال الوزير الخريف: إن تحويل هيئة الاستثمار إلى وزارة مستقلة أيضاً دليل التوجه، والمستثمرون الأجانب يحتاجون إلى استقرار ووضوح وحرية، والمملكة لديها مميزات كثيرة ومنها الاستقرار المالي وربط الريال بالدولار وحركة الأموال، وإجمالاً أود أن أختم برسالة بأنني أرى وضوحاً وأهدافاً وآمالاً هي أقرب مما نتصورها، والقيادة جادة تجاه تحقيق هذه الأهداف، ودورنا أن نعمل معاً لتحقيقها ونشترك معاً في المسؤولية، وبهذه الروح نحقق هذه الأهداف التي يطمح إليها وطننا الغالي. وفي الختام، قدّم معالي الوزير الخريف شكره لهيئة الصحفيين على الدعوة. من جهته، قدّم الزميل الأستاذ خالد المالك شكره بالنيابة عن هيئة الصحفيين السعوديين لمعالي الوزير، مؤكداً استعداد الهيئة لاستضافة أي لقاءات أخرى مباشرة، وأن أبوابها مفتوحة لعقد أي ملتقيات قادمة، سواء مع الإعلاميين أو المستثمرين، كما أشكر للوزير هذه المبادرة بما تضمنته من وضوح في تشخيص المرحلة القادمة فيما يتعلق بنشاط الوزارة.