«الجزيرة» - الاقتصاد:
نشر مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» تعليقًا حديثًا يبحث دور الصناديق السيادية-سواءً أكانت صناديق استقرار على المدى القصير أم صناديق ادخار على المدى البعيد-في تحقيق الاستقرار المالي والتنمية المستدامة في المملكة.
ويتزامن التعليق مع تقدم صندوق الاستثمارات العامة إلى المركز الثامن بين أكبر الصناديق السيادية في العالم حيث بلغت أصوله النقدية 360 مليار دولار، وتعتبر إدارة الثروة النفطية لتحقيق أقصى قدر من رفاهية الأجيال الحالية والقادمة إحدى المشاريع البحثية التي يهتم بها خبراء المركز.
وأكد التعليق الذي أجراه نادر الكثيري الباحث في برنامج الاقتصاد الكلي ونمذجة الطاقة أن الصناديق السيادية تساعد على الحد من مخاطر تقلبات الإيرادات النفطية من خلال ضمان استقرار الإنفاق الحكومي في مواجهة تقلبات أسعار النفط، كما تعمل على إيجاد مصدر مستدام للدخل إلى جانب تحسين المساواة بين الأجيال، وعزل الاقتصاد عن الآثار السلبية المرتبطة بالاعتماد على عائدات النفط.
وحدد التعليق ثلاثة تحديات تواجه اقتصادات الدول المعتمدة على الإيرادات النفطية، تتمثل في أن النفط يوفر إيرادات غير مؤكدة بسبب تقلبات أسعاره في الأسواق العالمية، وأنه يعتبر موردًا ناضباً غير متجدد، بالإضافة إلى أن صناعة النفط تعد صناعة كثيفة رأس المال، حيث تخلق فرص عمل أقل مقارنة بالصناعات الأخرى.
كما بحث التعليق تأثير العوامل المختلفة على إدارة صناديق الاستقرار وتحديد ما يتم ادخاره خلال فترات الانتعاش النفطي، ومقدار السحب من الصندوق عندما تكون الأسعار منخفضة، ومن أبرز تلك العوامل التوقعات المستقبلية لإيرادات النفط، وحجم الصندوق، وقدرة الدولة على الاقتراض في فترات الانكماش لتمويل ميزانيتها المالية العامة.
ويوضح التعليق الإستراتيجية الاستثمارية المناسبة لصناديق الاستقرار ودور التمويل بالدين، إذ يجب أن تكون أصول صناديق الاستقرار سهلة التسييل، وجاهزة لتحقيق أهدافها المتمثلة في حماية اقتصاداتها من عدم الاستقرار المالي، خاصة أن الإدارة السليمة لهذه الصناديق أمر حاسم لنجاحها في التخفيف من تقلبات الاقتصاد الكلي، وتتطلب التكامل مع مصادر تمويل العجز المالي البديلة.
وخلص الكثيري إلى أن المملكة تمكنت إلى حد ما من فصل الإنفاق الحكومي عن تقلبات عائدات النفط، باستخدام احتياطيات الحكومة التي تحتفظ بها مؤسسة النقد العربي السعودي كعازل ضد صدمات أسعار النفط، وأن صندوق الاستقرار يوفر حماية على المدى القريب ضد تقلبات عائدات النفط ويقلل من عدم اليقين المالي ويخلق مناخًا أكثر قابلية للتنبؤ.
كما أوصى الكثيري في تعليقه إلى أهمية الدور التكاملي الذي تؤديه إدارة صندوق الاستقرار مع مصادر التمويل البديلة -بما في ذلك إصدار سندات الديون المحلية والدولية- لتقليل التكلفة الإجمالية للاقتراض وأن وجود صندوق ثروة سيادي يساهم في تحويل الثروة النفطية تحت الأرض إلى أشكال أخرى من الثروات فوق الأرض، إذ يحول الصندوق الأصول النفطية من خلال الاستثمار في الأصول الأجنبية إلى أصول أجنبية تحقق عائدات من أصول مالية بدلًا عن العائدات النفطية. كما يلعب صندوق الثروة السيادي دوراً مهماّ في المساهمة في تنويع الاقتصاد من خلال الاستثمار المحلي في صناعات استراتيجية تساهم في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين وجذب استثمارات القطاع الخاص في قطاعات حيوية.