«الجزيرة» - الاقتصاد:
قال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين الناصر: «لقد تجاوزنا المرحلة الأسوأ» في أسواق النفط، مشيرًا إلى أن تعافي الطلب على الطاقة أمر يدعو للتفاؤل بشأن النصف الثاني من عام 2020، وإن الدول أصبحت الآن على استعداد لمواجهة أي موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد، في حال حدثت، لا قدّر الله.
جاء ذلك في حواره مع نائب رئيس آي إتش إس ماركت، دانيال يرجين، خلال محادثات أسبوع سيرا، حيث تحدث الناصر عن استمرار الأعمال أثناء الجائحة، وكيفية استفادة أرامكو السعودية من خبراتها السابقة إبان تفشي متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في عام 2012، مما عزز جاهزيتها لمواجهة الجائحة، وأهمية أن تكون سلاسل التوريد أقرب وأقوى، إلى جانب تطبيق الدروس المستفادة من الولايات المتحدة الأمريكية في تطوير مواردها من النفط الصخري، والاستراتيجية وراء الاستحواذ على سابك، وغير ذلك.
وحول تحول أرامكو إلى شركة مساهمة قال الناصر: لم يطرأ الكثير من التغيير عدا أن الأمر أصبح رسميًا الآن. فقد كنا نعمل في السابق كما لو كنا شركة مساهمة بالفعل، حيث كان للشركة مساهم واحد، وكنا نقدم نفس التقارير لمساهمينا. بدأت جائحة فيروس كورونا المستجد في التأثير على الأعمال منذ شهر فبراير، ولكن لم يتغير الكثير في طريقة تأدية أعمالنا، باستثناء أننا نتابع الآن النتائج وتوجهات المستثمرين في السوق من خلال مراقبة سعر السهم يوميًا. وبخلاف ذلك، نتواصل الآن بشكل أكبر مع المحللين، فقد بات لدينا المزيد من المساهمين الذين نتعامل معهم.
وعن توقعات أسواق النفط على المدى القريب، أضاف: لقد تجاوزنا الأسوأ، تجاوز سعر خام غرب تكساس الوسيط حاجز 40 دولارًا بعد أن كان أقل من 40 دولارًا. وفي شهر أبريل كان الطلب يتراوح بين 75 و80 مليون برميل في اليوم وكان العرض كبيرًا في ذلك الوقت. وحاليًا يناهز الطلب 90 مليون برميل في اليوم. وأنا أستبشر خيرًا بشأن النصف الثاني من هذا العام. وخير دليل على ذلك ما تشهده الصين اليوم، حيث يصل الطلب إلى 90 في المائة تقريبًا. وفي البنزين يبلغ الطلب حوالي 95 في المائة في الصين. ويتجه البنزين والديزل إلى بلوغ مستويات ما قبل الجائحة. ولا يزال وقود الطائرات في مستوى متأخر نظرًا لاستمرار انخفاض مستويات السفر جوًا. وستبدأ المزيد من الدول في الانفتاح، ونرى ذلك ينعكس في الطلب على النفط الخام. هناك توقعات مختلفة تتراوح بين 95 و97 مليون برميل في اليوم بنهاية العام. والأمر يعتمد على ما إذا ستكون هناك موجة ثانية من جائحة فيروس كورونا المستجد أم لا. ولكنني في الوقت ذاته أقل توجسًا بشأن ظهور موجة ثانية لأنني أعتقد أننا أفضل من ناحية الاستعداد في الوقت الحالي، وكذلك لدى جميع الدول وجميع المؤسسات الطبية، فقد تعلمنا الكثير خلال الموجة الأولى.
وتحدث الناصر حول جائحة فيروس كورونا المستجد: الدروس المستفادة من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والشراكة مع جونز هوبكنز وقال: رغم أن متلازمة الشرق الأوسط التنفسية كانت أقل ضررًا مقارنةً بجائحة فيروس كورونا المستجد، فقد تعلمنا الكثير من الدروس خلال تلك الفترة التي ساعدتنا في التصدي للجائحة. بدأنا ذلك المشروع المشترك مع جونز هوبكنز في عام 2013 مما عزز قدرتنا بشكل كبير على التصدي للجائحة.
والتعاون بين شركة ومقدم خدمات طبية متميز يعود بالتأكيد بقيمة كبيرة، لأن أي جائحة تبدو خطرًا فرعيًا عندما ننظر إلى المخاطر المؤسسية لشركة مثل أرامكو. لقد بدأت مسيرة استعدادنا وجاهزيتنا قبل الآخرين بكثير، حيث بدأنا الاستعداد مبكرًا في شهر فبراير لمواجهة الجائحة، وذلك بالتعاون مع جونز هوبكنز، مع العمل على ضمان توفر جميع الإمدادات الضرورية في شهري مارس وأبريل.
وعن عمل القوى العاملة خلال جائحة فيروس كورونا المستجد قال: إن غالبية القوى العاملة لدينا ذات طابع صناعي. ومع استمرار الأعمال، فقد بلغنا الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة في بعض الأوقات. كما استمر العمل في الحقول كافة والمعامل التابعة للشركة بسلاسة، وبدرجة عالية من الموثوقية خلال هذه الجائحة. وفي حين لجأ أكثر من 50 في المائة من العاملين بالوظائف المكتبية للعمل من منازلهم، حافظ جميع العاملين في الحقول على وجودهم، خاصة في المناطق النائية والبحرية. وتمكنّا من إدارة هذه الظروف إدارةً حصيفة من خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية كافة اللازمة للمحافظة على سلامة العاملين وصحتهم من جهة، والمحافظة على مرونتنا التشغيلية خلال هذه الأوقات من جهة أخرى.
وحل حرص أرامكو على الأمن الإلكتروني خلال الجائحة أشار، لقد استفدنا من منصب كبير مسؤولي الرقمنة في الشركة ومن امتلاك إحدى أفضل البنى التحتية لتقنية المعلومات. وقد منحنا كذلك 30.000 جهاز كمبيوتر للموظفين ليتمكنوا من العمل من منازلهم.
ومع دخول الموظفين لشبكة الشركة من منازلهم، تعيّن علينا الاهتمام بالمسائل المرتبطة بالأمن الإلكتروني. ومع وجود العديد من المخترقين الذين يستهدفون شركات الطاقة، توجب علينا التأكد من قدرتنا على السماح للموظفين بالدخول إلى الشبكة، وحماية شبكتنا في نفس الوقت.
وتتربع مسألة الأمن الإلكتروني على سلم أولوياتنا. وسيكون العمل من المنزل واستغلال الشبكات اثنين من الدروس المستفادة من هذه الجائحة بعد اجتيازها، بمشيئة الله. ولكن في الوقت نفسه وعلى الرغم من حجم الإنتاجية المرتفع والوفورات التي يمكن تحقيقها من العمل عن بُعد، يتعين علينا حماية أنفسنا من (تهديدات) الأمن الإلكتروني، خاصة مع بروز الحاجة لتوفير حماية حقيقية خلال هذه الأوقات».
وحل مرونة الإنتاج- زيادة الإنتاج من 9.7 إلى 12 مليون برميل في اليوم في غضون 20 يومًا فقط، ثم خفضه إلى 7.5 مليون برميل في اليوم، أوضح الناصر: هناك ثلاثة عناصر لها أهمية كبيرة، إذ يتعين عليك أخذ مواردك الموجودة في باطن الأرض ومرافقك السطحية والبنية التحتية للتصدير بعين الاعتبار والتأكد من موثوقيتها الكبيرة وخضوعها للاختبارات لمثل هذه الظروف. فعندما اختبرنا المنظومة برمتها خلال 20 يومًا بغية زيادة الإنتاج من 9.7 إلى 12 مليون برميل في اليوم، توجب علينا التأكد من عمل نظام المضخات، بما في ذلك مرافق التصدير، بكل سلاسة.
ويُعزى الفضل في ذلك إلى احترافية موظفي وموظفات أرامكو والتزامهم، وكذلك إلى الدعم الذي يتلقونه من عائلاتهم، والذي كان له دور محوري. فقد تمكنوا من تحقيق ذلك خلال الجائحة، حيث تعين عليهم العمل في الحقول الموجودة في الأماكن النائية. وتوجب علينا كذلك الاستعانة بكامل القوى العاملة لدينا والعمل على مدار الساعة للوصول إلى الطاقة الإنتاجية القصوى المستدامة، والتأكد من المحافظة على أقصى مستوى للموثوقية الذي تجاوز 99 في المائة.
من الجدير بالذكر أن زيادة حجم الإنتاج يشكل تحديًا أكبر من خفضه، لأن عملية الخفض عادة ما تتم بوتيرة أبطأ. ولتحقيق ذلك، يتعين التعامل مع انخفاض الغاز وانخفاض التدفئة وانخفاض المنتجات، وهي أمور نمتلك الأدوات اللازمة للتعامل معها. إلا أن مسألة زيادة الإنتاج والتأكد من عمل المرافق كافة وفق أعلى درجات الموثوقية الممكنة يتطلب الكثير من العمل.
وحل الأزمات الأخيرة وأهمية قوة سلاسل التوريد وقربها، قال:
لقد اضطر كثير من المعامل والمصانع والموردين من أوروبا والصين وأماكن أخرى، ممن يدعمون أرامكو السعودية، إلى إيقاف أنشطتهم بسبب حالات الإغلاق.
وقد كان لذلك تأثير مؤقت على الشركة، لكن وبفضل مستويات المخزون المثلى التي تمتلكها الشركة وبرنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة (اكتفاء)، والذي وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى 56 في المائة، فإن غالبية المواد تُصنع داخل المملكة، وهو أمر ساعدنا كثيرًا.
وساعدنا ذلك خلال الأزمة، عندما تعرضت معامل الشركة في خريص وبقيق لاعتداءات. وأكدت جائحة فيروس كورونا المستجد من جديد على الأهمية الكبيرة لقرب سلسلة التوريد من أماكن مزاولة الأعمال. وبالنسبة للعولمة، من حيث سلاسل التوريد، فقد أثبتت نجاحها ونجاعتها. ولكن بسبب الطبيعة الحساسة للحادث الذي وقع في بقيق وخريص أو الإغلاق الذي حدث في العديد من الدول، فإن وجود سلسلة التوريد بالقرب من المستخدم النهائي بات أمرًا شديد الأهمية في الوقت الحالي.
وعن التعافي سريعًا في أعقاب الهجمات على معامل بقيق وخريص، أشار: لدينا أيدي عاملة على أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة واصلت الليل بالنهار في عملها، وسلسلة التوريد الخاصة بنا كانت تعمل على أكمل وجه، وحصلنا على جميع قطع الغيار والمعدات اللازمة لإعادة تشغيل المرافق. كذلك، ساعدنا شركاؤنا في المملكة وخارجها في إعادة تشغيل هذه المرافق.