أظهرت عدد من قوارير وزجاجات العطور المكتشفة في قرية الفاو الأثرية - 700 كم جنوب غرب مدينة الرياض - مدى ما تتمتع به حضارات وسط الجزيرة العربية وفي مقدمتها حضارة الفاو من ثراء وتطور حضاري واقتصادي.
وتؤكد الدراسات الأثرية أن الجزيرة العربية لم تكن غائبة على مدى العصور عن التطور الحضاري والتأثير الاقتصادي من خلال ما شهدته من حضارات أسهمت في ازدهار القوافل والحركة التجارية التي تربط الشرق بالغرب.
وتتميز هذه القوارير المكتشفة إلى نهاية القرن الأول- بداية القرن الثاني بعد الميلاد، بدقة صناعتها وجمال أشكالها والمستوى المتقدم من الصناعة اليدوية على أيدي حرفيين متميزين.
وهذه القوارير شهدت انتشاراً واسعاً في كل أنحاء الشرق الأوسط، وعثر على نماذج منها في بلدان المشرق، وفي بلاد ما بين النهرين وفي منطقة الخليج العربي، البحرين على سبيل المثال.
وتعد قرية الفاو الأثرية من أكبر وأشهر المناطق الأثرية على مستوى المملكة العربية السعودية. ويحظى الموقع بأهمية تاريخية كبيرة، حيث كانت قرية الفاو عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي، وكانت مركزاً تجارياً مهماً وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج.
وتكمن أهمية قرية الفاو من كونها نقطة عبور للقوافل إلى محطة تجارية مهمة على الطريق التجاري الممتد من جنوب الجزيرة العربية والمتجه شمال شرق إلى الخليج العربي وبلاد الرافدين وشمال غرب الحجاز وبلاد الشام إلى أن أصبحت مركزاً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً في وسط الجزيرة العربية، وعاصمة لدولة كندة لأكثر من خمسة قرون.