عبد العزيز بن علي الدغيثر
(بصراحة) هي ظروف صعبة عالمية، وليست محلية. نعم، والقادم قد يكون أسوأ. جائحة كورونا آثارها ليست مقتصرة فقط على الجانب الصحي، بل انعكاساتها طالت جوانب عدة من مقومات الحياة الأساسية؛ فالاقتصاد العالمي انهار، بل إن الأمر قد يصل لإعلان الإفلاس لدى كثير من المنظمات والدول والكيانات. اليوم الكل قد دخل النفق المظلم إلا من رحم ربي، وساعدته سياسته الاقتصادية المتزنة. الكل تضرر، ولم يعد هناك دول كبيرة، ولا كيانات عظيمة. أعظم الدول وأكبرها اقتصادًا أعلنت الانهيار. والأسبوع الماضي عقد وزير المالية السعودي مؤتمرًا، كان عنوانه الوضوح والشفافية؛ فأعلن أن كل الدعم سيتوقف عن كل شيء ما عدا المواطن وصحته والمحافظة عليه. لقد وضع النقاط على الحروف، ووضع الجميع أمام المستقبل المتوقع والغامض. لقد أكد أن الأمور جميعها ستكون مركزة على صحة الوطن والمواطن، وهذا تنفيذ للأوامر السامية والتوجيهات التي أعلنها قائدنا ملك الحزم والعزم بأن صحة المواطن مقدمة، والهمّ الأول للدولة. وأكد معالي وزير الصحة أن توجيهات ومتابعة سمو ولي العهد انصبت وركزت على صحة المواطن والمقيم، والعمل بعزل الوطن ومن فيه عن وباء العصر بكل السبل. ومن هذا المنطلق المشرف والعظيم أكد معالي وزير المالية أن الدعم المالي للرياضة لن يكون متاحًا. انتهى كلام معاليه.
وأنا أقول إن الدور الآن أصبح مسؤولية كاملة على الأندية ورؤسائها وإداراتها؛ لأنها بالتأكيد ستواجه أوقاتًا عصيبة؛ فلن يكون الاستثمار والرعاة في الوقت الحاضر مندفعين نحو الكيانات الرياضية؛ فبالتأكيد جميع الرعاة سيتوقفون، ولن يكون بإمكانهم تقديم الدعم الذي كان، إضافة إلى أن فرصة الاستثمار ستكون ضئيلة إذا ما أدركنا أن كل مستثمر لن تكون الرياضة وجهته وأمنيتيه مستقبلاً، خاصة في هذا الوقت الصعب؛ فلم يعد للأندية من فرصة سوى الدعم الجماهيري والاستثمار الذاتي لكل نادٍ، وحسب مكانته وموقعه وجماهيريته. وقد تعود الأندية للمربع الأول، وتتكبد خسائر وديونًا، نتمنى أن تتحاشاها حتى لا تقع في المحظور؛ لأن الجهات الرسمية والمنظمات الرياضية لن تتحمل أعباء العقود الفلكية والإسراف في الشروط الجزائية. واليوم لا نملك إلا أن نقول: «كل نادٍ يأكل من زنده والا يقعد».
نقاط للتأمل
- صحيح أن وباء كورونا قد غيَّر الكثير من الأشياء، خاصة نمط كثير من السلوكيات، ونمط الحياة، ليس في التباعد بين الناس أو العمل عن بُعد فحسب، بل الأهم من ذلك هو الترشيد وتغيير نظرة المستقبل، والواقعية في أسلوب التعامل؛ فوباء كورونا أرسله الله لإنقاذ أمور كثيرة، وتغيير أشياء عظيمة، وإن رأيت عودة الحياة لكوكب الأرض؛ إذ تنفست من جديد ومَن فيها مِن أرواح ونبات وكائنات من خلال تنقية الأجواء ونظافة الغلاف الخارجي للأرض حتى طبقة الأوزون التحمت بعد أن كادت تنتهي. فاللهم لك الحمد من قبل ومن بعد.
- يقول المثل الشعبي (اختلط شعيبها في الأبطح).. فاليوم لم نعد نعرف مَن يقيّم مَن؟ أو مَن ينتقد مَن؟ فالناقد والكاتب الرياضي ينتقد فنانًا ومسلسلاً، وفي المقابل نجد فنانًا يقتحم الأجواء الرياضية وتراشقها التويترية. وهذا كله لم يكن ليحدث لولا كورونا وما أفرزه من فراغ قاتل للبعض. بالعربي «لا شغل ولا مشغلة إلا تويتر وعالمه المبحر».
-ستدفع بعض الأندية ثمن تهاونها، وعدم تعاملها الاحترافي في إبرام عقودها مع بعض لاعبيها، خاصة المحترفين الأجانب. وقد أصبح الفيفا أقرب من أي وقت مضى لتخليص حقول اللاعبين من الأندية المتعسرة والرافضة لمخالصة لاعبيها، وقد يكون نادي الاتحاد السعودي - مع الأسف - الأكثر عرضة ليطبق عليه النظام إذا هو لم يُنهِ مشاكل اللاعبين الأجانب، خاصة من غادر دون تسوية، وهذا بالطبع ما لا نتمناه.
-أحترم الأخ والصديق ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم كثيرًا، ولكن أعتقد أنه لم يكن موفقًا وهو يعلن عودة الدوري في شهر أغسطس القادم إذا سمحت الظروف ووافقت الجهات الرسمية المعنية بالأمور الصحية؛ فوضع شروط العودة لا يتفق مع إعلان موعد العودة؛ لأن كل شيء معلق لدينا، خاصة دور العبادة، ويجب أن يتذكر كل مسؤول أن لا ملاعب سيتم فتحها قبل أن تُفتح المساجد. والله المستعان في كل الأحوال.
خاتمة
اللهم اكشف عنا هذا الوباء، يا عالم كل خفية، يا صارف كل بلية، ندعوك بما اشتدت به فاقتنا، وضعف قوتنا، وقِلة حيلتنا، اللهم ارحمنا وأغثنا والطف بنا؛ فلا حول لنا ولا قوة إلا بك يا سميع الدعاء، يا رب العالمين، يا مَن هو على كل شيء قدير.
وعلى الوعد والعهد معكم أحبتي عندما أتشرف بلقائكم كل يوم جمعة عبر جريدة الجميع (الجزيرة). ولكم محبتي، وعلى الخير دائمًا نلتقي.