«الجزيرة الثقافية» - محمد المرزوقي:
سيرة ملازمة حافلة بالاهتمام باللغة العربية وآدابها، رافقت مسيرة معالي الدكتور أحمد بن محمد الضبيب خلال مسيرته العلمية والعملية، عبر مستويات عملية عدة، منها ما يتصل بالجانب الأكاديمي خلال عمله في جامعة الملك سعود بالرياض، ومن خلال مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعبر إسهاماته في خدمة اللغة العربي وفنونها من خلال عضويته في العديد من اللجان العلمية عربيًّا، إضافة إلى إسهاماته بدراسات علمية وبحثية، ومشاركات منبرية، تُعنى بقضايا اللغة العربية داخل المملكة وخارجها، جاءت إلى جانب العديد من المؤلفات التي أصدرها الضبيب خلال مسيرته العلمية. وجاء امتدادًا لهذه المسيرة في مضمار التأليف كتابه الجديد، الذي صدر عن العبيكان 2020م بعنوان «حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية: دراسة تأريخية تحليلية نقدية».
ويهدف الكتاب إلى دراسة حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية، دراسة علمية، تؤرخ لهذه الحركة منذ أن دخلت المطبعة أرض المملكة عام 1883م، حتى قبيل صدور هذا المؤلف.
ويرى المؤلف أن حركة إحياء التراث تعد حركة فكرية وعلمية وثقافية مضيئة، خاضتها بلادنا، خاصة بعد توحيدها على يد الملك المؤسس عبد العزيز - طيب الله ثراه - حيث نمت حركة إحياء التراث، ونمت بتعدد الجهات التي رعت هذه الحركة من مؤسسات رسمية، وجامعات، ومراكز علمية، ومنافذ نشر متنوعة، كان لها الأثر الكبير في إخراج الجم الغفير من كنوز التراث العربي إلى النور.
وقد ضمّ الكتاب وقفات تاريخية لإسهامات معظم تلك الجهات، ودراسة لأثر كل منها في مسيرة نشر التراث؛ إذ سعى الضبيب في إصداره - من جانب آخر - إلى وضع هذه الحركة في مساقها التاريخي والموضوعي بين حركات الإحياء في البلاد العربية المختلفة، التي تعد المملكة ممن أكثرها نشاطًا في هذا المجال.
وتحقيقًا للأهداف التي وقفت خلف هذا الإصدار وقف الضبيب في كتابه عند معالم حركة الإحياء مواكبًا نشر كتب التراث تاريخيًّا منذ العصور المبكرة، محتفيًا بالريادات الأولى، سواء من حيث دور الأفراد أو المؤسسات الرسمية أو الخاصة، مستقرئًا موضوعاتها المتنوعة، والمؤلفات المهمة التي دار حولها نشاط إحياء التراث؛ إذ لم يقتصر الضبيب في كتابه على الجانب التاريخي في استقرائه لحركة إحياء التراث، بل عمد إلى التحليل والنقد في العديد من فصول إصداره بهدف الوصول بالقارئ إلى أبعاد القضايا التي طرقها المؤلف في كتابه.