يحق لكل إنسان أن يتغنى بحب بلاده، وأن يطرب بالحديث عن أمجادها، وأن يزهو بإنجازاتها ومعجزاتها، وأن يفخر بتطورها وتحضرها، ولكن عندما يكون الحديث عن المملكة العربية السعودية، فإنه يكون قطعًا حديثًا استثنائيًا بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
إن المملكة العربية السعودية هي وطن توطدت أركانه، واكتملت مقومات نجاحه، وتحققت مكونات نهضته وتقدمه؛ فقد أنعم الله - سبحانه وتعالى - علينا في هذه البلاد بقيادة حكيمة واعية رشيدة نذرت نفسها ووقتها وجهدها في سبيل خدمة الوطن والمواطنين والمقيمين على أرضه منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يحفظهما الله.
ويأتي هذا العهد الزاهر تاجًا على صدر الزمان، حيث بلغ فيه الإنجاز أسمى مراتبه، ووصل معه الإتقان أعلى درجاته، إِذ أصبح لدى المملكة رؤية طموحة هي رؤية (2030)، التي من أهم أهدافها الاقتصادية تنويع مصادر الدخل في المملكة، وهو هدف تكرر في الخطط التنموية الخمسية العشر الماضية، إلا أنه لم يتحقق - بشكل واضح - إلا بموجب هذه الرؤية، فقد قللت المملكة كثيرًا من اعتمادها على النفط كمصدر وحيد تقريبًا، وأخذت تتجه بقوة نحو الاقتصاد القائم على المعرفة، وتحقيق التنمية المستدامة في كافة المجالات.
وفي إطار حرص خادم الحرمين الشريفين واهتمامه، وحكمته وعمق تفكيره وبُعد نظره، فقد وجه -حفظه الله- باستثمار طاقات الشباب وإمكاناتهم، فجاءت قيادة شابة تمتلئ بالنشاط والحيوية والتفوق والتألق، وتتسم بالجد والاجتهاد والتفاني والإخلاص، وهي تتمثل في - أبها صورها - في صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع -وفَّقه الله- الذي قطع على نفسه عهدًا أن يواصل العمل ليل نهار حتى تصبح المملكة في طليعة دول العالم المتقدم في مختلف مجالات الحياة.
وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- التوفيق والنجاح حليف هذه القيادة في اختيار الكفاءات القادرة على خدمة الوطن والمواطنين والمقيمين، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، والزمان المناسب، وقد كان هذا دأبها منذ مراحل التأسيس الأولى، حيث تتشكل الحكومات من صفوة المجتمع الذين يحملون أعلى الشهادات، ويمتلكون أفضل التجارب والخبرات، ويتميزون بالجهد الوافر والعطاء الزاخر.
والمملكة اليوم تسير بخطى واسعة واثقة في مجال التخطيط والتطوير والتأطير والتقعيد والتقنين في مختلف قطاعاتها، وتعتمد الحوكمة والوضوح والشفافية في كافة منهجياتها، وتسعى إلى تحويل بيئات عملها إلى بيئات تحكمها مؤشرات قياس الأداء، ويسود فيها التفوق والتألق والإبداع.
وإذا كان الباري - عز وجل - قد أنعم علينا بقيادة حكيمة وحكومة رشيدة، فإنه قد اختص هذه الأرض المباركة بشعب أصيل نبيل جميل، يعبدالله على بصيرة، طيب القلب نقي السريرة، كله وفاء، وهو رمز الإباء، فيه قوة، وعنده نخوة، فيه شهامة، ومنه الكرامة، لديه وعي كبير، وفيه خير كثير، ينتهج الموضوعية والوسطية والاعتدال، وينبذ الإرهاب والتطرف والانحلال، يعشق السلام، ويعيش في وئام، يقف دائمًا صفًا واحدًا خلف قيادته في لحمة وطنية قوية كعادته، يسمع التعليمات، وينفذ التوجيهات، ينشر المعلومات، ويحارب الشائعات، ويتحمل تبعات المسؤولية، ويترفع عن السلوكات الفضولية، منهجه سليم، وطريقه قويم.
وقد أثبت التاريخ أن الشدائد والأزمات هي الاختبار الحقيقي لحكمة القيادات، وقوة الحكومات، وصلابة الشعوب، ومتانة الأنظمة والتشريعات، وأصالة المنجزات والمكتسبات.
وبحمد الله وتوفيقه، فإن بلادنا الحبيبة لم تمر بأزمة، إلا وقد خرجت منها، وهي أشد قوة وصلابة من ذي قبل، وأقرب دليل على كل ما قيل النهج الحضاري، والأسلوب الراقي، والطريقة السليمة التي تعاملت من خلالها المملكة مع جائحة فيروس كورونا المستجد، التي ما زالت تعصف بالعالم كله متقدمه ومتأخره، كبيره وصغيره، قويه وضعيفه، غنيه وفقيره دون أي استثناء أو تمييز.
وقد تنبهت المملكة إلى خطر هذا الفيروس في وقت مبكر جدًا، واتخذت كافة الإجراءات والتدابير والاحتياطات الاحترازية اللازمة للمحافظة على الأمن الصحي، والأمن الغذائي، والأمن الاقتصادي، والأمن النفسي والاجتماعي، محققة بذلك التوازن في المعادلة الصعبة، والمتمثلة في الاهتمام بصحة الإِنسان، وتخفيف الآثار السلبية على الاقتصاد.
وقد تجسَّدت المنهجية التي اتبعتها المملكة في الكلمة التاريخية التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين بهذه المناسبة، عندما أكَّد -حفظه الله- على أننا في هذه البلاد نؤمن بربنا إيمانًا راسخًا، ونتوكل عليه توكلاً تامًا، ونأخذ بالأسباب في كل الأحوال، وعليه فإن المملكة استطاعت أن تحقق النجاح المطلوب، بل إن تتفوق وتتألق وتتميز على غيرها من دول العالم.
وفي الأوقات الصعبة وعند الشدائد والأزمات كالتي تحدق الآن في العالم كله، فإن الدنيا بقضها وقضيضها تتطلع إلى الرجال العظام الذين يمتلكون الصفات القيادية والمزايا العبقرية التي تمكنهم من مواجهة التحديات والتغلب على المعضلات.
ويكاد العالم كله يجمع على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- يأتي في طليعة زعماء العالم القلائل الذين يتحلون بتلك المزايا والصفات.
وعلى هذا الأساس، وفي إطار الدور القيادي الريادي المتميز المتنامي للمملكة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وانطلاقًا من مواقف المملكة الإنسانية المشهودة، فقد استثمرت المملكة فرصة رئاسة مجموعة العشرين، ودعت إلى قمة استثنائية افتراضية تضم قادة هذه الدول، إضافة إلى مختلف المنظمات والهيئات والاتحادات ذات الصلة، وقد تم عقد هذه القمة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، وهي تهدف إلى توحيد الجهود في سبيل التصدي لخطر هذه الجائحة، وحشد الدعم المادي والمعنوي لكافة الشعوب المتضررة منها.
وكانت المملكة قد دعمت منظمة الصحة العالمية بحكم أنها المظلة العالمية الكبرى في المجال الصحي، ومدت يد العون والمساعدة للصين كأول متضرر من هذا الوباء، وهي تقف اليوم مع إيطاليا كأكبر متضرر منه حتى الآن.
وفي ظل هذه النجاحات الباهرة، والإنجازات الهائلة، والمواقف المشرفة، فقد أصبحت بلادنا صرحًا شامخًا في سماء الإنسانية ترنو إليه الخلائق في كل مكان، وأضحت دوحة وارفة يتفيأ ظلالها القاصي والداني، وغدت قوة مرموقة يحترمها الأصدقاء ويحسب لها الأعداء كل حسبان.
فسر بنا يا وطن العز والمجد والفخر والشموخ والحب والسلام نحو قمم العُلا، وهامات المعالي، ومنصات التتويج على الدوام، وعين الله التي لا تنام دائمًا تحميك، وقيادتك الحكيمة بالعزم والحزم تعليك، وشعبك الوفي بالروح والدم يفديك.
وفي الختام، فإننا نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير بأن يديم على هذا الوطن الغالي نعمه العظيمة كي يواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء، وأن يحفظ بلادنا، وبلاد العرب والمسلمين، وبلدان العالم كلها أجمعين من هذا الوباء الفتاك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.