مع تفاقم جائحة الكورونا التي غدت مهدداً للوجود البشري برمته تقاربت الرؤوس حول منضدة الإنسانية وسترتفع عقب انحسار موجة الرعب -بإذن الله- وقد تغيرت المفاهيم والرؤى على المستويات الإنسانية والفكرية والاقتصادية وحتى الروحية.
أظهرت الأزمة هشاشة تحالفات بدا قُبيلها أنها عصيَّة على الشروخ، وانكفأت الدول على نفسها وغدت إيطاليا وأخواتها من الدول المنكوبة في أوروبا جزراً منعزلة؛ ما يعده البعض هزيمة لقيم الاتحاد الأوربي وربما للرأسمالية، فيما مدت دول اشتراكية أياديها -بيضاء منزهة عن الغرض في نظر البعض ومضرجة باستغلالية خفية في نظر آخرين- للدول المنكوبة (الدعم الطبي الصيني/ الكوبي لإيطاليا).
ثم إن عجز الدول الكبرى في مواجهة الكارثة وما أظهرته الإحصاءات من تفاوت بيّن في عدد الأسرّة في المستشفيات والكثافة السكانية لتلك الدول فضلاً عن النقص الحاد في التجهيزات الضرورية يضعنا أمام استفهام عن ترتيب الإنسان في أولويات الصرف.
سيفيق العالم من كابوس الكورونا ليعيد ترتيب بيت الإنسانية وفقاً لمستجدات موضوعية ليس من السهل تجاوزها خاصة على المستويات الفكرية والاقتصادية، وقبل كل ذلك الخواء الروحي الشبيه بسقوط في فراغ لا قرار له، وضآلة الإنسان بالنسبة للكون ومحدودية قدراته، قال تعالى:{حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}.