في الأزمات والشدائد تتجلى الصورة الحقيقية للأفراد والمجتمعات بكل وضوح وجلاء، وبلا تزويق أو تحسين أو طلاء، وفي كل مواقف الرخاء والشدة يثبت مجتمعنا السعودي -ولله الحمد- أصالته ومسؤوليته وطيب معدنه، وليس بغريب على هذا المجتمع النبيل في البلد المبارك الذي آمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ونبيًا، ثم أحب وطنه وبلاده ومجتمعه والتف مع قيادته سمعًا وطاعة انطلاقًا من قوله تعالى: أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمر مِنكُمْ .
وفي أزمة كورونا التي طالت جميع بلدان العالم أكَّدت لنا هذه الأزمة قوة التلاحم والتكاتف بين القيادة والشعب، وأظهرت هذه الأزمة تأكيد الولاء والانتماء والحب لحكومتنا الرشيدة الراشدة والشعور بالامتنان لها.
وكما ذكرت ليس بمستغرب من المجتمع هذا الالتزام فعقيدتنا الإسلامية والإيمان بالله ظهرت آثارها عيانًا في صدق التوكل على الله، والاستعانة والاستغاثة به، والاستعاذة به من كل شر ومكروه مع العمل بالأسباب المشروعة، وهذا ما لا يتوافر لبعض المجتمعات مما لا دين ولا إيمان لها خاصة تلك الشعوب المادية التي غيبت الجانب العقدي وتعلقت بالأسباب وخابت، ومما استفدناه من دروس هذه الأزمة الحب والاهتمام المتبادل من القيادة للشعب فقيادتنا الرشيدة لم تتخل عن المواطن والمقيم على حد سواء وامتدت عنايتها ورعايتها لكل مواطن سعودي مقيم في الخارج، وبشهادات الدول المتقدمة أصبحت المملكة العربية السعودية مثالاً يقتدى به في أزمة كورونا.
في حين بينت مواقف بعض الدول أنها لا تمتلك أقل القيم والمبادئ الإنسانية، وأن الغرب بلا أخلاق، بل هو يتاجر بالإنسانية والأخلاق، لقد رأينا ولله الحمد الرعاية الصحية للجميع وبلا مقابل وتحمل الدولة لعلاج المصابين وتوفير أفضل السبل العلاجية في المستشفيات الحكومية والأهلية، وتقف الدول الغربية من المصابين موقف المتفرج فمن لا يملك التأمين فلينتظر مصيرة وهو قرار يختصر كل الانحطاط الأخلاقي للبشرية والنظرة المادية المتوحشة بأبشع صورها.
وكشفت الأزمة في بعض البلدان العظمى أنها هشة من الداخل في مبدأ التكافل الاجتماعي، وأنها بلدان مادية بحتة لا ينبغي علينا الاغترار بالدعايات المنمقة التي نسمعها من هنا وهناك، ومن قدر له أن زار تلك البلدان سيصدم ولن يصدق أنه في تلك البلاد، فهناك بطالة، وهناك فقر، وهناك مشردون في الشوارع بالملايين.
وفي الأزمة شاهدنا تسابق أبناء وبنات الوطن أفرادًا وجماعات في أعمال البر والخير، وهذا تأكيد بأن العمل الخيري الإسلامي هو سلوك عقدي دافعه استجابة لدعوة الله للإنفاق، وهو واجب كما في الزكاة، ومستحب كما في الإنفاق غير الإلزامي.
إن هذه الأزمة خنقت كل ناعق وحقود وحاسد يسعى أن يوجد شقاق بين المواطن والحكومة ويهمش ما تقوم به، وأكَّدت الأزمة ولله الحمد أن المملكة العربية السعودية بلد الخير والإسلام والسلام، وما الحزن على فراق الجمعة والجماعات من الصغار والكبار إلا شاهدًا يثلج الصدر ويطمئن النفس، كما أنها جددت اليقين بقوله تعالى: وَعَسَى أن تَكْرَهُواْ شيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ، هذه صورتنا الناصعة واتضحت الصور المزيفة التي تبين ما الوضع في المجتمعات الغربية وزيف ما يدعونه من حرية وديمقراطية ومساواة من صنع البشر بينما قيمنا وتعاليمنا وتعاملنا من دين إسلامي وعقيدة سلفية معتدلة صافية تحافظ على مقومات الحياة الدنيا والعمل للحياة الأخرى.
نسأل الله أن يحفظ بلادنا وولاة أمورنا، ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يكفينا شر الأشرار وكيد الفجار، وسائر بلاد المسلمين.
** **
alomai1420@yahoo.com