عند سكون الأصوات، وانعزال الأهل والأصحاب والصاحبات، عندما تظللنا سحابة من الهدوء، وعندما تحركنا رياح الأفكار ، في تلك اللحظة، يأبى القلم إلا أن يُسال في يد الكاتب، إنها لحظة من السكينة تعُم الإنسان وجميع مايحيط به، فالشوارع فارغة ،والمحال مقفلة، والتجوال محظور، وماكل هذا إلا بسبب فيروس لايُرى بالعين المجردة، فيروس أفزع العالم، حتى إن هناك من قارنه بالحروب العالمية وبالأزمات الإنسانية المتعددة، إنها حكمة من الخالق جل جلاله، ودرسٌ للبشرية جمعاء أنه مهما وصلوا من درجات العلم، ومهما اعتلوا في سُلم التقدم والتطور، فإنهم عاجزون أمام هذا المخلوق العجيب، عاجزون عن حل تلك المعضلة التي لم يرَ العالم لها مثيلاً، ولكن من وجهة نظر أخرى، فإن هذا الوباء خلق نوعاً من التفاؤل، حيث وحد العالم جميعا تحت سقف واحد، فالمختبرات الطبية في الدول الكبرى تعيش حالة من النشاط من أجل إيجاد عقار مكافح للمرض، إضافة إلى ذلك، قامت دول ذات خبرة في مواجهة العدوى مثل الصين بإرسال عدد من خبرائها الصحيين إلى أكثر الدول تضررا من هذا المرض كما في حالة إيطاليا الغارقة في مستنقع العدوى، كما أن هذا المرض أظهر للناس عدم صحة ما أشيع عن أن سبب انتشاره هو حرب بيولوجية من دولة إلى أخرى، فالملاحظ أن الداء انتشر حتى في الدول التي تتمتع بتقدم وعناية صحية كما هو الحال في ألمانيا وفرنسا.
وليس من شك في أن هذا الوباء سينجلي عما قريب بإذن الله، وسترجع الحياة كما كانت، ولكن الدرس الأكبر من ذلك وكله هو كيف لفيروس قطره يقاس بأجزاء من المليون من المتر يحدث كل هذه الإصابات والوفيات على مستوى العالم؟.
إننا مطالبون في هذه المرحلة بمزيد من التفاؤل ممتزج بمزيج من الاحترازات التي يجب علينا جميعا التقيد بها، وهذا الفيروس لا يفرق بين تجمع في العمل أو في السوق أو في دور العبادة، ولذا وجب أن تكون هناك مبادرات من جانب القطاع الخاص بالذات لمكافحة انتشار المرض لما له من أهمية في الاقتصاد الوطني إضافة إلى تعدد أجناس العاملين فيه بعكس القطاع الحكومي وهذا يحتم فرضية الإصابة أكثر.