«الجزيرة» - الاقتصاد - واس:
وجهت وزارة الطاقة، شركة أرامكو السعودية، بالاستمرار في توفير إمدادات الزيت الخام عند مستوى (12.3) اثني عشر مليوناً وثلاثمائة ألف برميل يومياً خلال الأشهر المقبلة.
واستمرت سوق الأسهم السعودية في التحسن، حيث حافظ المؤشر على الارتفاع فوق 1 % ما يعادل 63 نقطة، مع ارتفاع للسهم القيادية خاصة أرامكو والبنوك لترتفع 113 شركة، وبلغت قيمة التداول 3.17 مليار ريال. في الوقت الذي تراجعت الأسهم الأوروبية أمس، إذ طغت المخاوف بشأن انتشار فيروس كورونا على تدابير تحفيز أمريكية كبيرة لدعم الشركات واحتواء الضرر الاقتصادي الناجم عن الوباء.
فقد هبط المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 1.9 بالمئة، فيما تصدرت بورصتا لندن وألمانيا التراجعات. وأغلق المؤشر القياسي مرتفعًا بأكثر من اثنين بالمئة أمس إذا أعلنت إسبانيا عن خطة تحفيز ضخمة لمكافحة الصدمة الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، لكن الأسهم العالمية تراجعت مجددًا اليوم إذ عادت المخاوف بشأن تأثير الفيروس على الأوضاع المالية للشركات إلى الصدارة.
من جهة ثانية تراجعت أسعار النفط للجلسة الثالثة على التوالي أمس لتسجل تراجعا 17 % منذ بداية الأسبوع الجاري بسبب انتشار فيروس كورونا. ونزل خام القياس العالمي برنت 43 سنتا ما يعادل 1.5 % إلى 28.30 دولار للبرميل. مع الاتجاه الهبوطي الذي تتخذه أسعار النفط في خضم حرب الأسعار بين كبار المنتجين والآثار السلبية المتوقعة لفيروس كورونا المستجد «كوفيد 19»، تطفو على السطح عدة تساؤلات تتعلق بالشركات العاملة بالقطاع تتركز حول النظرة المستقبلية للأداء المالي لتلك الشركات وأداء أسهمها وسنداتها.
ويضاف إلى انهيار اتفاق أوبك جائحة كورونا التي تضرب العالم وتؤثر بشدة على الطلب في سوق منهك بالأساس، مع هبوط في الطلب على الخام بنحو 8 ملايين برميل يومياً، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية. في تلك الأثناء، منيت أسهم شركات الطاقة العملاقة بخسائر حادة. حينما تهبط أسعار النفط يصبح الأداء المالي لشركات النفط العالمية في وضع أفضل، هذا ما خلصت إليه دراسة حديثة صادرة عن بوسطن للاستشارات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.
تشير الدراسة إلى أن شركات النفط العالمية تتجه نحو ضبط نفقاتها الرأسمالية والتي تتراجع بطبيعة الحال في بيئة منخفضة لأسعار النفط. ففي الفترة ما بين عامي 2014 و2017 تراجعت النفقات الرأسمالية لشركات النفط العملاقة بنحو 40 % مع تهاوي الأسعار من مستويات 100 دولار للبرميل إلى نحو 50 دولاراً للبرميل في أعمالا لقاعدة مفادها «موارد أقل.. تدبير أفضل».
ولا يتعلق الأمر فقط بتراجع النفقات ولكن بجودة الإدارة. ففي مسح أجرته المجموعة البحثية لنحو 288 مشروعاً نفطياً للشركات الكبرى في ذروة ارتفاع الأسعار ما بين 2003-2008 ونحو 77 مشروعاً في ذروة هبوط الأسعار في سنوات مختلفة من العقد الماضي وجدت أن جودة التنفيذ كانت أفضل في بيئة منخفضة لأسعار الخام.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر، إنه سيحرص على الإبقاء على العمليات وقوة الأوضاع المالية ولا حاجة لرأسمال إضافي لمواصلة إنتاج 12 مليون برميل. ففي ذروة ارتفاع الأسعار تخطت المشروعات التكلفة التقديرية بنحو 46 %، فيما تتضاعف المدة الزمنية المحددة سلفا لإنجاز المشروع، فيما بلغت تلك النسب بالمتوسط في سنوات الأسعار المنخفضة للخام 20 % للمدة الزمنية و6 % فقط للنفقات. وثمة مؤشر آخر على انضباط الأداء المالي لشركات النفط مع تراجع الأسعار ألا وهو كثافة رأس المال والذي يعرف بالمبلغ المستخدم في المشروعات لإنتاج سلعة معينة، ويشير في صناعة النفط إلى مقدار المال المنفق لإضافة برميل واحد من النفط إلى الإنتاج الكلي للشركة. ووجدت الدراسة أن كثافة رأس المال تزيد بنحو 10 % في أوقات ارتفاع أسعار الخام مقارنة مع هبوطه.. وهناك من يرى في هبوط أسعار الخام فرصة أخرى للنمو، إذ تشير ورقة بحثية صادرة عن معهد إدارة الموارد الطبيعية، وهي جهة بحثية تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، إلى أن أوضاع شركات الطاقة الكبرى في بيئة منخفضة لأسعار النفط أفضل من نظيراتها حينما ترتفع الأسعار.
وتقول الدراسة «التجربة أثبتت أن الصناعة النفطية تواجه ظروفاً أكثر تعقيداً حينما ترتفع أسعار النفط بخلاف ما يحدث حينما تنخفض الأسعار، إذ يؤدي ارتفاع الأسعار إلى دفع معدلات ضرائب أعلى وإعادة تفاوض على شروط العقود وتعقيدات أخرى تصل في بعض الأحوال إلى التأميم».
وفي السنوات ما بين 2002-2008 مثال جيد على تعديل بنود التعاقد وزيادة الضرائب على الشركات، إذ تشير الدراسة إلى أن أكثر من 30 دولة قامت بزيادة معدلات الضرائب على أنشطة المنبع لزيادة حصتها من الأرباح في تلك الفترة التي اتسمت بارتفاع أسعار الخام.
وقضايا التحكيم والنزاعات علامة أخرى على الأمر على ظروف أفضل للشركات مع انخفاض الأسعار، إذ تشير دراسة صادرة عن شتام هاوس، بيت الأبحاث الذي يتخذ من لندن مقرا له، إلى أن العلاقة طردية بين أسعار النفط ومعدلات قضايا التحكيم المنظورة أمام مراكز تسوية النزاعات. ففي الفترة ما بين 2001- 2010، التي اتسمت ببيئة مرتفعة لأسعار النفط، زادت قضايا التحكيم الدولي بين شركات الطاقة العالمية والدول التي تنشط بها بنحو 10 أضعاف.
ولكن شركات النفط العالمية تعاني في الوقت الحالي من مخاطر محتملة تتعلق بديونها، بحسب تقرير حديث لوكالة بلومبرغ. وقال التقرير إن الديون المستحقة على شركات النفط العالمية العام الجاري تبلغ نحو 88 مليار دولار في وقت يبلغ فيه رصيدها القائم من السندات نحو 384 مليار دولار.
ونقلت الوكالة عن تقرير حديث صادر عن مورغان ستانلي أن معدلات التعثر عن السداد لشركات الطاقة العام الجاري ستفوق ما حدث بالعام 2016. وتواجه سندات شركات الطاقة العالمية موجة بيع عنيفة في خضم موجة البيع التي تضرب الأسواق، ما تسبب في ارتفاع العائد عليها لمستويات قياسية.