بريدة - عبدالرحمن التويجري:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم أن بلادنا ومنذ تأسيسها على يد الملك المؤسس -رحمه الله-، قامت على ترسيخ قيم الاعتدال والتعايش الحضاري، مشيراً إلى أن هناك تأصيلاً للتعايش في بلادنا الغالية وهو اجتماع المسلمين في بيت الله الحرام وفي مسجد رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، من جميع الجنسيات والمذاهب في مكان واحد خلف إمام واحد، مفيداً بأن هذا هو قمة التعايش الكبير بعيداً عن العنصرية والمذهبية، حيث يعطي صورةً ناصعة البياض عن روح الإسلام ورسالة الإسلام ووحدة المسلمين، سائلاً الله تعالى أن يديم علينا وعليكم ذلك، وأن يغفر لمن وحد الإمامة في الحرمين الشريفين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-، الذي كان له اليد الطولى في توحيد الإمامة، بعد ما كان لكل مذهب مقام يصلي خلفه.
وقال سموه: إن اجتماع المسلمين في الحج والعمرة واجتماع الزائرين لمسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأمن والأمان والألفة والمحبة بين المسلمين، وإن تعايش محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام مع الأديان الأخرى ومواقفه مع جاره اليهودي، وسماحته التي هي لنا أسوة حسنة نقتدي بها، مشيراً إلى أن هذا هو من أسمى وأعمق معاني التعايش.
وأضاف سمو الأمير فيصل بن مشعل: أما من طرف المملكة العربية السعودية فمن مظاهر التعايش هو الاستقرار والتوازن مع غير المسلمين أفراداً ومؤسسات وحكومات، والانفتاح على جميع العالم دون النظر لعرق أو دين، مفيداً بأن المملكة العربية السعودية سعت من حيث الثقافة والعادات ومن جانب الاعتدال ومواجهة الإرهاب والمتطرفين إلى نشر ذلك في مناهج التعليم وفي حياة الناس العامة، وتأسيس مراكز عالمية للاعتدال ونشر الشريعة السمحة مثل مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين الأديان والثقافات، ومركز حوار الحضارات، ومعهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال، وتأسيس مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز للإغاثة والأعمال الإنسانية، ودعم حكومتنا الرشيدة للمراكز الإسلامية المشابهة لذلك في الدول الأخرى، واستمرار الدعم الكبير لمثل هذه المراكز التي تنشر قمة الاعتدال وسماحة الشريعة الإسلامية، وتعزيز التعايش بين الأديان وحفظ كرامة الإنسان، مشيراً إلى أن ذلك كله يبين جهود المملكة في ترسيخ التعايش، مرحباً بالضيوف الذين تكبدوا عناء السفر للوصول إلينا في هذا المؤتمر أجمل ترحيب، مشيراً إلى أنهم ليسوا ضيوف وإنما هم أهل دار، سائلاً الله أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته وأن يديم هذه الألفة والمحبة بين المسلمين، وأن يجعل هذا المؤتمر من دراسته وبحوثه ما ينفع الأمة الإسلامية.
جاء ذلك في كلمة لسموه بمناسبة افتتاحه يوم أمس الثلاثاء للمؤتمر الدولي «جهود المملكة في ترسيخ قيم الاعتدال والتعايش الحضاري» المفاهيم والممارسات، الذي تنظمه جامعة القصيم، مُمثلة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بحضور معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الداود، والمستشار بالديوان الملكي الأستاذ الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي، ومعالي مستشار رئيس جمهورية مصر العربية الديني معالي الدكتور أسامة السيد محمود السعيد، وأمين عام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان، وراعي المؤتمر الإستراتيجي الشيخ منصور بن علي القرعاوي، ووكلاء الجامعة وعمداء الكليات، وعدد من المتحدثين، من داخل المملكة وخارجها.
من جهته، تحدث معالي مدير جامعة القصيم المشرف العام على المؤتمر، عن مضي وطننا الغالي للسير بخطى ثابتة بتوفيق من الله تعالى، نحو تحقيق خُطَطِه وأهدافه بنجاحات متميزة، مستصحباً في ذلك دستوره القائم على الكتاب والسنة، وفق رؤية إستراتيجية شاملة تقوم على مبدأ التكامل في جميع الأصعدة لتنمية مستدامة نحو وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، يقوم على الإنسان السعودي الذي هو عمادها وجوهرها.
وأوضح مدير جامعة القصيم أن هذا المؤتمر الذي تنظمه الجامعة، يأتي تأكيداً للجهود الكبيرة للمملكة في نشر المفاهيم الصحيحة للإسلام، ولإلقاء الضوء على تلك الجهود في مجال التواصل الإنساني القائم على الاعتدال والوسطية، الذي تقوم به وترسخه أجهزة الدولة ومؤسساتها وفق مبدأ إسلامي ثابت، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر جاء ليناقش عددًا من المحاور، تضمنت التأصيل الشرعي لقيم التواصل الإنساني ومعالجة إشكالياته، والخطاب الشرعي السعودي وأثره في نشر مفاهيم التواصل، ودور المؤسسات الشرعية والثقافية الحكومية وغير الحكومية في تجسير العلاقة مع الآخر، والجهود الدبلوماسية في تعميق معاني التواصل المشترك، ودور المؤسسات الإغاثية، بالإضافة إلى تجارب شخصية رائدة، رافعاً الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على ما تلقاه الجامعة من دعم لا محدود، ولسمو أمير القصيم على تشريفه وتشجيعه لمناشط الجامعة المختلفة.
بعد ذلك أفاد رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر وكيل الجامعة للتخطيط والتطوير والجودة الأستاذ الدكتور خالد باني الحربي أن المملكة العربية السعودية أرست -ولله الحمد- قواعد متينة منذ تأسيسها وجعلت الإسلام منهجا وممارسة وسياسة وتربية، حتى عهد راعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، لافتاً الانتباه إلى أن جامعة القصيم قد أولت أهمية بالغة لهذا الجانب استشعاراً من دورها الاستراتيجي الذي يجسد تطلعات مملكتنا الغالية، وتجسيداً لهذا الدور من خلال إقامة هذا اللقاء العلمي النوعي بطبيعته والذي جاء ليسلط الضوء على بعض من جهود المملكة الكثيرة والمتنوعة.
وكشف الحربي أن اللجنة العلمية للمؤتمر بقيادة عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بالجامعة الدكتور خالد بن عبدالعزيز أبا الخيل، قد استقبلت العديد من الملخصات والأفكار البحثية منذ إعلان تنظيم المؤتمر، عبر مشاركة أكثر من 9 دول بقرابة 30 باحثًا مشاركًا لتغطية محاور وأهداف المؤتمر، مقدماً الشكر للجهات المشاركة على ما قدمت لإنجاح هذا المؤتمر.
ومن ثم ألقى معالي مستشار رئيس جمهورية مصر العربية الديني الدكتور أسامة السيد كلمة المشاركين بالمؤتمر التي أشاد فيها بجهود المملكة الكبيرة في مجال الاعتدال والتعايش، منها إنشاء رابطة العالم الإسلامي التي أنشئت قبل ستين سنة، حيث استمرت على مدى عقود حاضنة لعلماء المسلمين من المشرق والمغرب للتدارس في القضايا الكبرى التي تهم المسلمين، مشيراً إلى جهود المملكة الحثيثة في هذا المجال في مثل وثيقة مكة المكرمة التي تم توقيعها في شهر رمضان من عام 1440هـ، وتأصيل قيم الوسطية والتعايش بين الأديان والثقافات والأعراق والمذاهب المختلفة بالعالم الإسلامي، مختتماً حديثة نيابةً عن ضيوف المؤتمر بالتمنيات بالتوفيق والنجاح والسداد للجميع، متمنياً للمملكة العربية السعودية وأرض الكنانة مصر، ولأوطاننا العربية والإسلامية الأمن والازدهار والرخاء.
إثر ذلك قدم عرضاً مرئياً عن المؤتمر الذي تستمر فعالياته على مدى يومين، ويهدف إلى رصد الجهود السعودية المتعلقة بترسيخ قيم الاعتدال والتعايش الحضاري على جميع المستويات، وبيان أثر الخطاب الشرعي السعودي في نشر مفاهيم التعايش الحضاري، كما يهدف إلى التأصيل الشرعي لقيم التواصل الإنساني ومعالجة إشكالاته، وإبراز دور المؤسسات الشرعية والثقافية الحكومية وغير الحكومية في تجسير العلاقة مع الآخر، والتعريف بالجهود الدبلوماسية السعودية وكذلك المؤسسات الإغاثية، في تعميق معاني التواصل المشترك واستلهام التجارب السعودية الرائدة على مدى السنوات والعقود الماضية.
وفي الأخير كرم سمو راعي الحفل المشاركين والداعمين في مؤتمر «جهود المملكة في ترسيخ قيم الاعتدال والتعايش الحضاري» المفاهيم والممارسات.