بيروت - الوكالات:
قال سعد الحريري زعيم تيار المستقبل ورئيس الوزراء السابق إنه لن يعتزل الحياة السياسية، مؤكداً استمرار عمله من أجل مصلحة لبنان، على الرغم من استقالته استجابة للاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكتوبر الماضي.
وأوضح الحريري في خطاب له أمس الجمعة خلال الذكرى الـ 15 لاغتيال والده رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري ، أن حكومته وتيار المستقبل عمل على ضمان الاستقرار في البلاد، من خلال ضبط العلاقة بين رئيس الجمهورية والحكومة طوال فترة توليه رئاستها.
وأضاف الحريري أنه قدم استقالته من منصبه استجابة لمطالب الشارع، معتبرًا أن الحكومة الحالية لا تلبي مطالب الحراك الشعبي بتشكيل حكومة تكنوقراط. ومضى في القول : إن الحكومات المتعاقبة على لبنان واجهت تحديات كبيرة بتعطيل عملها منذ مقتل رفيق الحريري، قبل 15 عامًا.
وأكد الحريري أن لبنان لا يمكن أن يستمر اقتصاديا بمعزل عن دعم الدول الصديقة والمانحة والمؤسسات المالية الدولية، وفى ظل غياب الثقة مع الدول العربية وفى مقدمتها مصر والسعودية والإمارات والكويت وباقي دول الخليج العربي. وقال سعد الحريري : «نحن في لبنان لسنا في جزيرة اقتصادية بمعزل عن دعم الأصدقاء، ومن يرى غير ذلك ليجرب كل النظريات الاقتصادية.. نحن لا نريد أن نغش اللبنانيين ولا نريد أن نقيم سباقا شعبويا، ولكن هل نستطيع أن نعرف كيف نقيم سياحة بلا العرب والمواطن الخليجي؟ هل نستطيع أن نفهم كيف نفتح أسواقا للإنتاج اللبناني بدون الأسواق العربية والخليجية خصوصا؟ هل يمكن لأحد أن يخبرنا كيف سنحمى مصالح ربع الشعب اللبناني، الذي يستفيد من فرص عمل اللبنانيين بالخليج، في وقت هناك من يفتعل مشاكل يومية مع هذه الدول».
وشدد على أن أموال إيران السائلة (الكاش) يمكن أن تحل أزمة حزب الله، ولكنها لا يمكن أن تحل أزمة بلد ، مضيفا : «لبنان لم يعد ممكنا أن يسير بدون سياسات واضحة، وبدون مصالحات جدية مع الشعب اللبناني ومع الدول العربية ومع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية».
وأشار إلى أن موقفه حاسم برفض التطاول على الدول والزعامات العربية، والتورط بحروب منطقة الشرق الأوسط، وأنه إذا كان مصيره في العمل السياسي مرتبطاً بخيار منع الفتنة ومنع تكرار الحرب الأهلية، فإنه يقبل هكذا ثمن. وقال : «بغض النظر عن موقعي السياسي، فأنا مستمر في الدفاع عن لبنان والوقوف في مواجهة الأزمات التي يتعرض لها حتى يمكن للبلاد أن تخرج من حالة الانهيار التي تمر بها». وشن الحريري هجوما حادا على الرئيس اللبناني ميشال عون والتيار الوطني الحر برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، مشيرا إلى أن التسوية التي أبرمها مع عون عام 2016 استهدفت إنهاء الفراغ الرئاسي الذي كان يشهده لبنان، ومنع امتداد اضطرابات الحرب السورية إلى الداخل اللبناني وكذلك منع تدهور الاقتصاد واندلاع فتنة داخلية أهلية.
وأشار الحريري إلى أنه وجد نفسه منذ إبرام التسوية الرئاسية التي ساهمت في إيصال العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مضطرا إلى التعامل مع رئيسين للجمهورية، واصفاً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بـ «رئيس الظل».
وحمّل الحريري فريق التيار الوطني الحر مسؤولية تراكم الدين العام في لبنان وعدم التوصل إلى معالجات لأزمة قطاع الكهرباء التي أثقلت موازنة البلاد وتعطيل مسار العمل في الدولة، مشيرا إلى أنهم يتعاملون بعقلية حروب الإلغاء ضد الخصوم السياسيين. (في إشارة إلى ما عرف بحرب الإلغاء التي خاضها عون حينما كان قائدا للجيش عام 1989 ضد حزب القوات اللبنانية في سبيل استئصاله).