جيبوتي - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد سعادة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية جيبوتي الأستاذ/ عبدالعزيز المطر أن المملكة العربية السعودية لها أيادٍ بيضاء على المسلمين وغيرهم في شتى أنحاء العالم من خلال تقديمها البرامج الإنسانية والإغاثية المتنوعة، منها جمهورية جيبوتي التي حظيت بدعم كبير من لدن القيادة الرشيدة في شتى المجالات.
وأوضح السفير عبدالعزيز المطر في حواره مع «الجزيرة» أن المعهد الإسلامي في جيبوتي يعد من أبرز ما قدمته المملكة العربية السعودية للشعب الجيبوتي وأبناء القرن الإفريقي، وقد بلغ عدد خريجيه (8487) طالبًا وطالبة. مشيرًا إلى المساعدات المالية والعينية التي قدمتها المملكة للأشقاء الجيبوتيين.
كما تناول الحوار عددًا من الموضوعات.. وفيما يأتي نص الحوار:
* كيف تنظرون إلى واقع العلاقات السعودية - الجيبوتية؟
- تتمتع العلاقات السعودية - الجيبوتية بروابط متينة وعرفان منذ نشأتها وإعلان استقلالها حتى الوقت الحالي، ولا تزال المملكة تسهم في مشاريع عدة، تتعلق بالبنية التحتية لجيبوتي، وتقديم المساعدات المالية والعينية لأشقائنا الجيبوتيين، وكذلك السياسة السعودية التي لعبت دورًا في حل النزاع الجيبوتي الإريتري في جدة عام 2018، الذي حضره فخامة الرئيس الجيبوتي السيد/ إسماعيل عمر جيله، وفخامة الرئيس الإريتري. وقد انعكس ذلك في دعم جيبوتي للمملكة على الأصعدة كافة، ولاسيما السياسي منها، عبر تقديم الدعم والتأييد في جميع القرارات.. وتؤمن بالدور الكبير للمملكة في حفظ الأمن والسلام.
* من أعظم الهدايا التي قدمتها المملكة العربية السعودية للشعب الجيبوتي المعهد الإسلامي الذي مضى على إنشائه أربعون عامًا.. فما عدد الذين تخرجوا منه حتى الآن؟ وماذا قدموا لمجتمعهم؟
- في الحقيقة، لقد دأبت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على الاهتمام باللغة العربية تعليمًا وتوجيهًا ونشرًا، ليس فقط داخل المملكة العربية السعودية، بل امتد هذا الاهتمام ليشمل أجزاء كبيرة من المعمورة، منها جمهورية جيبوتي لإتاحة الفرصة أمام الراغبين من أبناء المسلمين وغيرهم لتعلُّم اللغة العربية. وكان اختيار جيبوتي تحقيقًا لرغبة قيادة البلدين الشقيقين، وحرص الحكومتين على نشر العلم والعناية به.
ويعد المعهد الإسلامي في جيبوتي من أبرز ما قدمته المملكة العربية السعودية لجمهورية جيبوتي؛ إذ يضم بين جنباته كوكبة من أبناء الشعب الجيبوتي والدول المجاورة، وغيرهم من أبناء الجالية العربية والإسلامية المقيمين في دولة جيبوتي، الذين تتاح لهم فرصة تلقي العلم في القسم العام بمراحله كافة، أو الأقسام الجامعية في العلوم الشرعية وعلوم اللغة والإدارة والمالية، إضافة للحاسب الآلي. وقد بلغ عدد خريجي المعهد ما يفوق 8487 طالبًا وطالبة.
والحمد لله؛ فإن جميع أنشطة المعهد تحظى بالرضا والقبول، كما أنه يواصل عطاءه بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-، وبتسهيل ومؤازرة من سفارة المملكة العربية السعودية في جيبوتي، وبتشجيع من حكومة جيبوتي الشقيقة بقيادة فخامة رئيس الجمهورية إسماعيل عمر جيله.
* يواجه القرن الإفريقي تحديات كبيرة ومشكلات كثيرة. فما الذي قدمته المملكة العربية السعودية للمسلمين في المجالات الإنسانية والإغاثية؟
- لقد صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في 13 مايو عام 2015؛ ليكون مختصًّا بتقديم البرامج الإنسانية والإغاثية المتنوعة وفقًا للأهداف والمبادئ الإنسانية النبيلة. وقد تمكَّن منذ تأسيسه حتى الآن من تنفيذ 1011 مشروعًا في 44 دولة بقيمة 3.4 مليار دولار. وقد قدمت المملكة العربية السعودية خلال العقود الثلاثة الماضية مساعدات إنسانية، استفادت منها 81 دولة حول العالم، واستضافت على أراضيها نحو 12 مليون شخص من جنسيات متنوعة، وذلك وفقًا لإحصائيات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وبصفتي سفيرًا لخادم الحرمين الشريفين في جيبوتي أود أن أتحدث عن مساعدات المملكة في جيبوتي؛ كونها تقع في منطقة القرن الإفريقي التي تستضيف مشكورة اللاجئين اليمنيين على أراضيها؛ فقد بلغ إجمالي المساعدات السعودية لهذا المخيم ما يزيد على 291 مليونًا، توزعت على 27 مشروعًا في المجالات الإنسانية والإغاثية. أما فيما يتعلق باللاجئين اليمنيين في جيبوتي فقد فاقت المساعدات 250 مليون دولار منذ بدء عمليات عاصفة الحزم، وذلك عبر تسيير قوافل الإغاثة للاجئين اليمنيين الذين خرجوا من بلادهم هربًا من بطش ميليشيات الحوثي الانقلابية. وقد وفر المركز أطنانًا كبيرة طوال السنتين الماضيتين من الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية المختلفة. ففي شهر مايو 2016 وقَّع المركز عقد إنشاء 300 وحدة سكنية متنقلة عالية المستوى، إضافة إلى مسجد ومدرسة داخل المخيم، يمكن الاستفادة منها بعد انتهاء الحرب وعودة اللاجئين. كما يجري توفير ما يزيد على ألفَي سلة غذائية للاجئين اليمنيين في جيبوتي. ولم ينسَ المركز توفير وتقديم المساعدات لجمهورية جيبوتي؛ فالسلال الغذائية والتمور والمستلزمات الطبية تم توفيرها أيضًا للحكومة الجيبوتية؛ لكي يستفيد منها المحتاجون من الجيبوتيين. ودائمًا ما تثمن الحكومة الجيبوتية ما تقدمه حكومة المملكة، ممثلة بمركز الملك سلمان للاجئين اليمنيين في جيبوتي؛ وهو ما أسهم في مساعدة الحكومة الجيبوتية في استيعاب اللاجئين واستقبالهم خلال فترة الحرب حتى يومنا هذا.
* يعد مركز الملك عبد العزيز في جيبوتي منبرًا لنشر الوسطية والاعتدال في القرن الإفريقي.. فهل بالإمكان أن تكشفوا عما قدم في هذا المجال؟
- يعد مركز الملك عبد العزيز في تاجوراء منبرًا للعلم والثقافة ونشر الدين الإسلامي الصحيح متخذًا في ذلك منهج الوسطية في نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيح؛ فهو يقع في محافظة تاجوراء التي تعد من كبرى محافظات جيبوتي. وقد قدم الكثير من الأعمال والثقافات المتنوعة في نشر الدين الإسلامي الوسطي الصحيح عبر تدريس المنهج السعودي في جميع مراحل التعليم العام، وعقد دورات للمعلمين والمعلمات بإشراف المركز مباشرة بطرق ووسائل تدريس المنهج السعودي، فضلاً عن حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي يشرف عليها المركز مباشرة، وعبر اختيار إمام وخطيب للمركز لنشر تعاليم الدين الوسطي الصحيح بين جماعة المسلمين، وإصدار نشرات توعوية بين المواطنين ومرتادي المسجد باللغتَين العربية والعفرية، تحث على تعليم الدين الوسطي الصحيح، وكذلك المحاضرات والندوات واللقاءات في الجوامع التابعة لمحافظة تاجوراء، ونشر تعاليم الدين الوسطي الصحيح من خلالها.
* كيف يمكن أن يسهم أبناء الوطن في مد يد العون والمساعدة للمسلمين في القرن الإفريقي من حيث الإسهام في حفر الآبار وإنشاء المدارس والمساجد؟
- العمل التطوعي هو أحد مبادئ العمل الإنساني. وهنا أشير لمركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية من خلال منصة التطوع التي يقدمها في دول العالم كافة وبدول القرن الإفريقي؛ إذ يحرص على إتاحة الفرصة للراغبين في العمل التطوعي وخدمة الإنسانية، والمحافظة على تنمية المجتمعات.
وأشير للعمل التطوعي الذي يقدمه مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثية في جيبوتي عبر جدولة رحلات عدة لإيصال المواد الغذائية لمخيم اللاجئين في محافظة أبخ. ويمكن الرجوع لمنصة المركز للاطلاع على إيضاحات أكثر بهذا الخصوص. ولا ننسى الدور الذي تقدمه هيئة الإغاثة الإسلامية كذلك. أما فيما يتعلق بإنشاء المدارس فأود الإيضاح أنه توجد مدرسة سعودية في جيبوتي، أُسست عام 1413هـ، الموافق 1993م، بطاقم تعليمي سعودي وعربي، وبفئات التعليم كافة، من الابتدائي حتى المرحلة الثانوية، وتقوم بجهود رائعة في سبيل الظهور بصورة مشرفة أملاً بتمثيل الوطن خير تمثيل. وقد تخرج من هذه المدرسة مَن نراهم اليوم يعملون في جيبوتي في القطاعات كافة.. ودائمًا ما نرى الإشادة بمخرجات تلك المدرسة؛ إذ تقلدت الكثير من الجوائز، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.