ياسر صالح البهيجان
الانتماء الوطني الصادق والحقيقي الخالي من المراوغة والعمالة لأطراف خارجيّة يُعد أحد أبرز عوامل ازدهار الدول والمجتمعات. وعندما تتعرقل التنمية في بلد من البلدان فتّش عن انتماءات الأطراف الصانعة للقرار فيها، ستجد لا محالة طرفًا يرفع الشعارات الوطنيّة في وقت يحمل فيه أجندات خفيّة عابرة للحدود غير منسجمة مع طموحات الوطن والمواطن.
انفجرت الأزمة اللبنانية. خرج اللبنانيون بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم إلى الشارع معبرين عن رفضهم لسياسة النظام الحاكم وأداء مؤسساته. ولم تخلُ الهتافات الجماهيرية من المطالبة بإيقاف العمالة مع طهران، وفرض سيادة الدولة على جميع أراضيها ومن بينها الأراضي التي يحتلها حزب الله في الجنوب اللبناني. الجنوب الذي جعل منه دويلة داخل الدولة اللبنانية. دويلة تتخذ بمفردها قرار السلم والحرب في تهميش علني للمؤسسات الأمنيّة الرسميّة، معرّضة البلاد للدمار ومهددة علاقتها بالدول المجاورة القادرة على مد يد العون لإنعاش الاقتصاد اللبناني.
وعي الشارع اللبناني فاق وعي العديد من الساسة اللبنانيين الذين يعيشون تحت وقع ترهيب حزب الله أو ترغيبه. والحقيقة التي بات ضروريًا إدراكها من قِبل أولئك الساسة أن استمرار حزب الله كأحد المكونات السياسية اللبنانية الصانعة للقرار اللبناني سيكفل إعادة تدوير الأزمة وصناعتها من جديد. متى ما تعارضت مصالح الدولة اللبنانية مع المصالح الإيرانيّة التوسعية والمؤذية فإن الحزب سيدافع بشراسة عن تحقيق مصالح إيران. وقد عبّر إبراهيم الأمين أحد قياديي الحزب عن هذا التوجه عام 1987 قائلاً «نحن لا نقول إننا جزء من إيران؛ نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران». وفي البيان التأسيسي للحزب الذي جاء بعنوان «من نحن وما هي هويتنا؟» كُتب فيه «إننا أبناء أمّة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران».
إزاء هذه التصريحات المُعلنة للعمالة الخارجيّة والتواطؤ ضد الدولة اللبنانية نحن لسنا أمام خطاب تحريضي ضد أحد مكونات المجتمع اللبناني، بل ضد مكون لا يخدم مصلحة وطنه، ولا يمكن ائتمانه على صناعة القرارات التي من شأنها خدمة المصالح اللبنانية داخليًا وخارجيًا.
لحظة حاسمة يمر بها لبنان تفرض على الأحزاب الوطنية الشريفة أن تُعلن رفضها لسياسة «حزب الله» وأن تتخذ موقفًا وطنيًا يحقق مطالب الشعب البسيطة، وأن تكف عن الخضوع لتهديدات الحزب الجوفاء بجر البلاد إلى حرب أهليّة جديدة، إذا لا يمكن لأي دولة ذات سيادة أن تُذعن لترهيب حزب يدين بالولاء لدولة خارجيّة ذات سجل أسود حافل بالدمار والإرهاب والقتل والتهجير.