أجرى الحوار - عيسى الشايجي - تمام أبوصافي:
أكد وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، رفض البحرين للعدوان التركي على سوريا، وحذّر الشيخ خالد بن أحمد في حوار خاص لـ«الأيام» البحرينية من استغلال الأوضاع التي تمر بها سورية، وغياب السيطرة في مناطق شمال شرق الفرات لابتلاع أراضٍ سورية من قبل تركيا، كما حدث بعد معاهدة «سايكس بيكو» عند انتزع لواء الإسكندرون. وفي شأن المنطقة، اعتبر الوزير أن الاتفاق النووي الإيراني قد مات، مشدداً على أن أي اتفاق جديد مع إيران يجب أن يشمل القنبلة الذرية، وتطوير الصواريخ وأنشطة إيران التخريبية، ودعم الجماعات الإرهابية كي ينجح.. خليجياً، شدد الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة على أن أمن واستقرار السعودية يشكل أكثر من مسألة حيوية بالنسبة للبحرين، بل هي قائمة على تاريخ ومصالح ونظرة أمنية مشتركة لكل بلدان المنطقة. معتبراً أن المجتمع الدولي قد تعامل بحكمة مع الاستفزاز الإيراني عبر الهجمات الإرهابية على منشآت نفطية سعودية وعدم الانجرار إلى حرب بالقول «إن تنجر لحربٍ وفق قواعد وأسس الطرف الآخر.. وفيما يلي نص الحوار:
• شاركتم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها 74.. ما أبرز محطات هذه المشاركة؟
* في الواقع كان هناك جهود كبيرة، أعلنّا علاقات دبلوماسية مع تيمور الشرقية، وسان مارينو، وكذلك مباحثات مع دول في أمريكا الجنوبية، الحمد لله البحرين لديها علاقات مع مختلف دول العالم، وكذلك عقدنا اتفاقيات مع إندونيسيا حول السفر والتنقل، وكذلك التشاور السياسي مع كثير من الدول، وهذا مستمر على مختلف المستويات في الوزارة، وكانت فرصة جيدة للالتقاء بالكثير من أشقائي وشقيقاتي من مسؤولين من عدة دول، كذلك أوضحنا في كلمتنا موقفنا من عدة قضايا، كما تعلمون هذا الاجتماع بمثابة موسم وهو أسبوع الأمم المتحدة في سبتمبر، ونحن نحرص على تعزيز علاقاتنا مع الدول في هذا الموسم، وشاركنا كذلك في فعالية يوم الضمير العالمي الذي أطلقه صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، كما كانت هناك فعاليات لمركز الملك حمد للتعايش السلمي الذي أبرز الصورة الواضحة للمجتمع البحريني، لله الحمد، البحرين تحظى بإعجاب واحترام كبيرين من مختلف دول العالم.
• سنعود إلى ما قبل موسم الأمم المتحدة.. كيف ترون نتائج زيارة نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى الولايات المتحدة ولقاءه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
* بلا شك كانت زيارة طيبة وأكدت عمق العلاقات بين البلدين الصديقين وامتدادها، والاحترام والتقدير الذي تحمله أعلى القيادات الأمريكية لسمو ولي العهد تدلل بشكل واضح على عمق هذه العلاقات العريقة والمتجددة والتي تتجه دوماً نحو الأفضل؛ لأنها مبنية على الثقة والفهم الأعمق والنظرة المشتركة، الولايات المتحدة شركاؤنا، ونحن نقدر هذه الشراكة جيداً، ونسهم مع أشقائنا بتوضيح الأمور في المنطقة، وهم يستمعون بشكل جيد للبحرين، ولولي العهد الذي دائمًا يزور بشكلٍ دائمٍ هذا البلد الهام في العالم، بالطبع نتائج الزيارة كانت جيدة جداً، وسعيدين بما تحقق خلال الزيارة الأخيرة.
• سننتقل إلى الملف الإقليمي ونبدأ من الهجوم الإرهابي على منشآت نفطية في الشقيقة المملكة العربية السعودية، هناك تأكيدات أمريكية أن خطر تكرار هذه الهجمات ما زال قائماً رغم ما اتخذ من تدابير عسكرية ودفاعية.. ما تقديركم للوضع الراهن في ظل وجود قيادات في النظام الإيراني تتخذ من الإرهاب نهجًا لها؟ وما الدور الذي تلعبه البحرين عبر انضمامها لمبادرة حماية أمن الملاحة في منطقة الخليج؟
* دعونا نعود إلى ما قبل هذا الاعتداء، لقد قامت إيران بأعمال كثيرة منها الاعتداءات على السفن، والتدخل في شؤون دول المنطقة عبر مساعدة الجماعات الإرهابية، وبالتالي إيران لديها تاريخ في هذا الشأن، وهم مستمرون به إلى هذه اللحظة، والسؤال الذي نريد أن نوجهه للقيادة الإيرانية، هل أنتم متمسكون بهذا النهج الذي لا يؤدي فقط لسوء العلاقات الإيرانية بجوارها، بل أيضاً إلى عدم الاستقرار في المنطقة والدمار والتخريب، إذا كانت إيران تريد أن تبقى على هذا النهج، فحتماً هم من يتحملون نتائجه، وفي المقابل هل نحن نريد الإساءة لإيران؟ أستطيع أن أجزم بأنه لا دولة في المنطقة أساءت لإيران في كل تاريخها، لا في عهد الجمهورية الإسلامية، ولا قبلها، ولم يحدث أن تآمرت أي دولة على إيران، أو موّلت أي جماعات إرهابية داخلها، لذا المنطقة كانت دائمًا وأبداً وستظل تطمح لعلاقات طبيعية قائمة على حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وليس لدينا أي نية لدعم تغيير أي نظام، بل نطمح أن تجنح إيران لعلاقات أفضل وتغيِّر سياساتها إزاء دول المنطقة، خلاف ذلك سوف ندافع عن أنفسنا، ولن نخطط ضد أحد، لذلك انضمامنا إلى مبادرة حماية أمن الملاحة في الممرات المائية في الخليج ما هو إلا عمل لضمان الأمن والسلام والاستقرار وحرية الملاحة، وليست خطوة موجهة ضد أحد، ومن يشعر بذلك فهذا إحساسه الخاص الذي لا نعلم دوافعه. أما فيما يتعلق بأمن واستقرار المملكة العربية السعودية، فهذه مسألة بالنسبة لنا أكثر من حيوية، ونراها قائمة على تاريخ ومصالح ونظرة أمنية مشتركة لكل بلدان المنطقة، ولا أحد يقبل أن يحدث اعتداء بهذا الشكل، وكلنا نعرف -وبحسب المعلومات- أن الاعتداء جاء من إيران، لذا أكرر لسنا دعاة حرب، بل دعاة سلام، ونأمل أن تعيد النظر إيران بمواقفها، وألا تكرر هذه الاعتداءات الإرهابية بأي شكل من الأشكال، وإذا رأينا التزامًا من إيران بعدم تكرار هذه الاعتداءات، فهذه سوف تكون خطوة جيدة، أما إذا استمرت إيران بمثل هذه الاعتداءات سواء على المملكة العربية السعودية أو أي من دول المنطقة، فنحن دول مسؤولة عن شعوبها، وعن مكانتها، ولديها أصدقاء كثر في العالم، ولن يتم السماح بالاستمرار بهذا الأمر.
• هل تعتقدون أننا قد نكون هدفاً لمثل هذه الاعتداءات؟
* أي بلدٍ في المنطقة قد يكون هدفًا.
• ماذا عن موقف المجتمع الدولي؟
* بلا شك، إن المجتمع الدولي وحلفاءنا حذرون بالتعامل مع الموقف، ومن الحكمة عدم الانجرار إلى حرب بسبب استفزاز يمكن التحكم فيه، فأن تنجر لحربٍ وفق قواعد وأسس الطرف الآخر، فليس بالضرورة أن تكون نتائجها لصالحك. لكن بالطبع هدفنا وهدف المجتمع الدولي في النهاية هو كبح جماح هذا النظام، وتغيير سياساته. هناك ما يسمى بـ»الضغط الأقصى»، واليوم النظام الإيراني يعاني اقتصادياً بشكل كبير بسبب هذه الضغوطات، ومن المتوقع خلال فترة من الزمن أن تؤثر عليه بشكل أكبر. وما رأيناه من هجمات على منشآت نفطية سعودية، واعتداءات على سفن، إلا محاولة لتخفيف هذه الضغوطات. نحن دول نعي مصلحتنا، ونعمل مع حلفائنا بالتزام مشترك، ولن نرد على أي استفزازات بالطريقة التي يريدها المستفز.
• أكثر المآخذ على الاتفاقية النووية الإيرانية أنها انحصرت في جوانب تتعلق بالأنشطة النووية الإيرانية، ولم تعالج واقعياً الأنشطة الإرهابية لإيران ودعم وتمويل الإرهاب.. بتقديركم، هل سياسات «الضغط الأقصى» قادرة على دفع إيران للجلوس على الطاولة والخروج باتفاق يعالج كل الأنشطة الإيرانية وتغيير سلوكها إزاء دول المنطقة؟
* دعينا نعود للاتفاقية، صحيح إن الاتفاقية انحصرت بالشأن النووي، لكنها فعلياً لم تغطِ الجوانب كافة التي تتعلق بالأنشطة النووية، فمسألة عدم حصول إيران على القنبلة الذرية هي مسألة حيوية، ليس لأننا لا نريد أن يكون لدى إيران قنبلة ذرية، بل لأننا لا نريد في المنطقة سباق تسلح مشابهة في المنطقة لأنه سيفتح أبوابًا خطيرة، لذلك كانت الاتفاقية مؤقتة، وكان يسمح لهم بالعودة لذات الأنشطة بعد فترة من الزمن، وهذا معطى خطير جداً، إذ يجب ألا تسمح الاتفاقية لإيران بتصنيع أي سلاح نووي. النقطة الأخرى أن الاتفاق لم يغطِ مسألة تسليح الصواريخ، والآن بعد الهجوم على «بقيق» و»خريص» والدقة التي رافقت أسلوب عمليات الاعتداء على جوارهم الإقليمي، فقد أصبحت مسألة عدم تطوير الصواريخ مسألة أساسية أكثر من موضوع تصنيع القنبلة الذرية.
وبالتالي لن يكون هناك أي اتفاق نووي جديد وناجح ما لم يغطِ عدم حصول إيران على القنبلة الذرية، وعدم تطوير الصواريخ، النقطة الأخرى هي الدور التخريبي الذي تقوم به إيران في المنطقة، ومنه دعم الميلشيات، وإسقاط الدول، والسيطرة عليها، وهذا يجب أن يتم تغطيته في أي اتفاقية توقع مع إيران. لنكن واقعيين، الاتفاق النووي الإيراني السابق قد مات، حتى الأوروبيين سمعنا منهم بوضوح إن الاتفاق الذي وقع سابقاً يجب أن يعاد النظر بكل ما احتوى، وهذا الذي نطمح له، لأننا في النهاية نريد وضع سلام واستقرار في المنطقة، لا نريد وضع حرب دائم ولا أحد يرغب بالحرب، ونريد علاقات طبيعية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإذا هم أرادوا فأمامهم مستقبل واعد، وسوف نكون شركاء معهم في تنمية المنطقة، والجميع يتذكر جيداً كيف انتقلت إيران من فترة الستينيات كعدو يهدد ويطالب بأرض، إلى حليف وشريك في المنطقة لاسيما بعد العام 1971. كذلك إيران ليست بالبلد التي لا تعي الأمور، والساسة الإيرانيون يعلمون جيداً كيف يخرجون أنفسهم من المشاكل، وعندما قرر الإمام الخميني إخراج إيران من الحرب العراقية الإيرانية اتخذ القرار، وقال حينها مقولته الشهيرة «أنا كما أتجرع السم»، لقد كان حينها قرارًا حكيمًا أخرج إيران من ورطة، لذلك الإيرانيون قادرون على التطلع بنظرة حقيقية وشاملة للمنطقة، وليس أن يعرض اتفاقية عدم اعتداء، والتي يعرف الجميع أطرها جيداً، فيما تبقى الميلشيات التي تعتاش على النظام الإيراني موجودة ومسلحة ولها نفوذ يفوق قوة الدولة. وهذا الأمر يجب أن يكونوا واقعيين بالتعامل معنا حياله، كذلك عندما تطرح مبادرة حماية الممرات المائية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وتذهب إيران لطرح مبادرة أخرى، والسؤال لماذا تعاملت إيران مع هذه المبادرة على أنها موجهة ضدهم؟ هذه المبادرة لحماية أمن الملاحة في المنطقة، وإيران هي أول المستفيدين منها فيما لو تعاونت مع المبادرة، الواقع إن ما تحتاج إليه إيران هو أن تغيّر نظرتها للمنطقة، وتكف عن التعامل مع دول المنطقة كما لو أن جوارها عدائي، في حين إن التاريخ يثبت أن جميع الممارسات العدائية كانت دوماً موجهة من إيران لدول المنطقة وليس العكس، لذلك نعود ونكرر ما نطمح إليه هو أن تغيّر إيران سياساتها في المنطقة.
• اليوم إيران موجودة في أكثر من دولة عربية عبر ميلشيات تابعة لها هناك، في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، في المقابل لم نصل حتى الآن إلى موقف عربي؟
* دعوني أعطي مثالاً، عندما بدأت تركيا عدوانها على سوريا، كان هناك تحرك عربي من عدد من الدول العربية، ودعت الجامعة العربية لاجتماع، دائماً كان هدفنا أن يكون هناك دور عربي فاعل إزاء الملف السوري، وهذا ما أكد عليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عندما قام بزيارة إلى البحرين العام الماضي، واجتمع مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وكان هناك موقف موحد إزاء سوريا، كذلك عندما اجتمعنا في نيويورك مع المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية ستافان دي ميستورا وكان الاجتماع يضم حينها «البحرين، السعودية، الإمارات، الأردن، ومصر»، وأكدنا للمبعوث دي ميستورا على أن هدفنا أن يكون هناك دور عربي فاعل مشترك لمساعدة السوريين، وهذه السياسة لم تتغير، لذلك رأينا ردة الفعل إزاء العدوان التركي على سوريا والتي تترجم موقف هذه الدول العربية إزاء السوريين، ونحن نتطلع إلى أن تستقر سوريا، وألا تنتهك سيادتها، وأن يعود إليها الأمن والاستقرار، ويعود السوريون إلى مدنهم وقراهم، ونتطلع إلى أن يستقر اليمن، وأن تبتعد إيران وترفع يدها عن هذا البلد العربي، وعندما نتحدث عن الحوثيين، فلا ننسى أنهم أحد الأطراف التي وصلت إلى حل عبر المبادرة الخليجية، لقد كان الحوثيون جزءًا من الحل السياسي، وحضروا عدة اجتماعات في الرياض، لكنهم انقلبوا، وهذا أسلوب معروف لدى الإيرانيين وميلشياتهم سواء الحرس الثوري الإيراني أو غيرهم، وبالتالي إذا تخلى الإيرانيون عن دعمهم لهم، وعاد الحوثيون إلى عمقهم العربي وعادوا إلى محيطهم العربي فهذا سوف يكون الحل لليمن أن يستقر.
• أريد أن أبقى في العدوان خصوصًا العدوان التركي على سوريا.. ما تقديركم للمشهد اليوم عندما نتحدث عن توغل عسكري تركي في أراضٍ سورية؟
* هذا انتهاك لسيادة دولة عربية تمر بمرحلة صعبة، فهل يجب أن نترك بلدًا شقيقًا -بمنأى عن الظروف التي مرت بها سوريا- ويتم استغلال عدم وجود سيطرة للسوريين في هذه المناطق كي يتم انتهاكها وشن عدوان عليها؟ لنكن واقعيين، لقد انتهكت السيادة السورية عدة مرات بعد اتفاقية «سايكس بيكو» وتم انتزاع لواء الإسكندرون ومحيطه وضمه إلى تركيا، فهل نحن نشهد الآن مرحلة جديدة لابتلاع أراضٍ من دولة عربية وضمها لتركيا ونقف مكتوفي الأيدي؟ إذا لم نتحرك فسوف نتحمل مسؤولية كبيرة إزاء ما يتعرض له هذا البلد العربي الشقيق، لذلك نتطلع إلى تحقيق نتائج الاجتماع الذي دعت إليه الجامعة العربية بطلب من مصر، ونتطلع أن يكون لنا موقف، ويجب أن يكون هناك موقف عربي، ونتمنى أن يكون موقف الدول ينسجم مع لغة البيان الذي سيصدر، يجب أن تكون رسالتنا واضحة إلى جميع دول الجوار، وكما نرسل رسائل واضحة إلى إيران، فيجب أن تكون رسالتنا واضحة إلى تركيا، وهي رفضنا التام لانتهاك سيادة أي دولة عربية، وإذا كانوا يتطلعون إلى علاقات طيبة مع الدول العربية فأبوابنا مفتوحة، وإذا استهدفوا دولنا العربية فنحن سنقف بوجه هذا العدوان الذي تعرضت له سوريا ومن قبلها العراق.
• أكثر من عامين على الأزمة القطرية ومازلنا نرى من الدوحة مواقف عدائية تجاه ساحات عربية وتجاه البحرين حين حاولت بث نعرات طائفية -مؤخراً- وفشلت محاولاتها.. السؤال ماذا تبقّى من خطوط الرجعة أمام الدوحة؟
* خط الرجعة بيدهم، ولسنا مهتمين متى يقررون أن يتراجعوا عن سياساتهم، ولسنا بحاجة لهم، ولا يملكون أي دور حيوي في منظومتنا الخليجية، وحتى من قبل الأزمة لم يكن للدوحة أي دورٍ فاعل، بل دور مخرب، وعلاقاتهم مع النظام الإيراني الذي يعتبرونه -رغم سلوكه وأنشطته- أقرب إليهم من محيطهم الخليجي الذي تمتد فيه عروق شعبهم ودولتهم، المكالمة التي أجرها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني مع الأتراك لتقديم الدعم للعدوان التركي على سوريا، فنحن ندافع عن الشقيقة سوريا، والقطريون يدعمون «شقيقتهم» تركيا بعدوانها على سوريا. فهذه سياساتهم، وإن غيّروا هذه السياسات وأخذوا ما في نفوس أشقائهم من مطالب حقيقية تضع العلاقة في الطريق الصحيح، فهذا شيء لا أحد يرفضه، لكن إن استمروا في هذه السياسة فهم الخاسرون، وهم الذين يقفون في الموقف الخطأ، وهم الذين تخلوا عن مبادئهم، وعن أي دور يمكن أن يقوم به أي بلدٍ عربي مثل قطر تجاه أي قضية عربية أخرى، هم يرون أنفسهم مختلفين، وهذا أمرٌ يرجع لهم والوقت بيدهم، لكن واقعياً وجودهم من عدمه لا يعني لنا شيئًا في هذا الوضع.
• ما تعليقاتكم حيال الأوضاع التي تشهدها الساحة العراقية؟
* نحن لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى. وكما تتذكرون، عندما انتفض الشعب الإيراني بعد الانتخابات التي أجريت في منتصف العام 2009، لم نقل كلمة واحدة، وكما لا نريد أن تتدخل الدول الأخرى في شؤوننا، فلا نريد أن نتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى، بالطبع هذا لا يعني إن ما يحدث في العراق لا يؤلمنا. نحن نتمنى الاستقرار للعراق ولشعبه الذين نعتبرهم إخوة لنا، ونتمنى أن يتخلص العراق من أي تدخل خارجي، فالتدخل الإيراني في العراق والهيمنة على أحزاب سياسية هناك هو أساس المشكلة، لكن بالطبع ثقتنا عالية بحكومة عادل عبدالمهدي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، وعلاقتنا مع وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم علاقة قوية، ونتمنى أن يتخلص العراق من الظروف التي يمر بها بما يعود بالخير على العراق والعراقيين.
• ما المشاريع التي تمكنت وزارة الخارجية من إنجازها في سياق برنامج العمل الحكومي لاسيما أنه قبل سنوات كانت هناك تقارير تشير إلى أن وزارة الخارجية لم تستخدم المخصصات المالية كافة التي رصدت لها لتنفيذ المشاريع؟
* قبل كل شيء سياسة وزارة الخارجية هي من ضمن برنامج عمل الحكومة، ولا تخرج عن هذا النطاق، وهي تقوم على تقوية العلاقات البحرينية، وتثبيت الحضور الدبلوماسي البحريني في الدول -وفق الخطة الموضوعة- وتعزيز مشاركات البحرين في الاجتماعات الدولية، وهذا يتوازى مع تطبيق سياسة جلالة الملك حمد بن عيسى في الشأن الخارجي، وأستطيع القول إن البحرين -بفضل هذه السياسات- تحظى باحترامٍ كبيرٍ من مختلف دول العالم، وفي كثير من اللقاءات التي نعقدها مع دول أخرى نستشف من الأسئلة التي تطرح إن الهدف منها اكتساب معلومة أو خبرة البحرين بالتعامل مع عدة مجالات لاسيما في مجال التعامل مع المسائل السياسية في المنطقة، وكذلك التطور الاقتصادي والتوازن المالي، بالإضافة إلى التعامل مع المسائل الحقوقية، بلاشك إن البحرين قطعت شوطاً كبيراً، نحن لا نقول إننا نموذج يجب اتباعه، لكن إذا رأت الدول ذلك، فهذا شيء نفتخر به. بالطبع لدينا مشاريع كثيرة، وخلال فترة عام تمكنا من فتح عددٍ من السفارات في عدة عواصم «الخرطوم، البرازيل، كوالالمبور»، ونحن الآن بصدد افتتاح سفارتنا في روما بشكلٍ رسمي لاسيما بعد صدور المرسوم الملكي بتعيين سفيرنا هناك. ولدينا أهداف وهي تغطية دول مجموعة العشرين، حيث تمكنا من افتتاح سفارات في 14 عاصمة من هذه المجموعة، والمتبقي 6 عواصم، كذلك يجب تغطية الدول التي تشكل مركزاً دولياً للمنظمات الدولية ومنها العاصمة النمساوية، وهي من العواصم التي نتطلع لافتتاح سفارة فيها في الخطة القادمة، وكذلك أستراليا التي تعتبر البحرين من أقدم حلفائها في منطقة الخليج العربي، ولدينا أيضاً خطة في أفريقيا، لذلك نحن نسير وفق خطة.
• ماذا عن التعيينات التي تأتي من خارج كوادر الوزارة لاسيما المتعلقة بتعيين السفراء؟
* هذا شيء طبيعي في كل أنحاء العالم، في كل دولة هناك من يسمى بـ»الدبلوماسي المحترف»، والذي بدأ حياته المهنية كدبلوماسي، ومن ثم تدرج في مهامه الوظيفية، وهناك التعيين السياسي، وقرار هذا التعيين يعود لقيادة البلد وما يرونه مناسبًا، لأن السفير في النهاية هو ممثل لجلالة الملك في الدولة التي يعين فيها، وهذا الأمر لا ينحصر في البحرين، بل في كل دول العالم، لأن مسألة تعيين السفراء هي مسألة سياسية في المقام الأول، والجهاز الذي يعمل معه ويساعده في أداء مهمته هو من كوادر الخارجية، لكن هذا لا يمنع أن يكون هناك شخصيات قادرة على تمثيل بلدهم على أكمل وجه من خارج كوادر وزارة الخارجية.
• وضعت الخارجية هدفاً أساسياً هو جعل المرأة عاملاً أساسياً لتحقيق تطلعات الوزارة.. كيف يبدو موقع المرأة اليوم في الوزارة؟
* اليوم نحو 40 % من العاملين في الخارجية هم من النساء، وفي المناصب العليا، فيوجد لدينا وكيلة وزارة وهي الشيخة رنا بنت عيسى آل خليفة، وبعضهن في مناصب مديري إدارات، ولدينا كذلك سفيرة لدى بروكسل وهي بهية الجشي، وكان لدينا عدة نساء خدمن كسفيرات للبحرين في عدة عواصم، من بينهن بيبي العلوي، هدى نونو، الشيخة هيا بنت راشد التي كانت أول سيدة عربية تتبوأ منصب رئيس الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكثيرًا ما يصادف أن يكون لدي اجتماع وأجد أن معظم الحاضرين من الجانب البحريني هم من النساء، وهذا الأمر بالطبع يبعث على الفخر، وبلاشك هذا التطور يتماشى مع توجيهات جلالة الملك، وينسجم مع طبيعة المجتمع البحريني، المرأة فاعلة في مجتمعها تماماً كما هو الرجل، ونستفيد من خبراتها وذكائها، والكثير من الذين ينضمون إلينا هم من النساء، وأغلب الكوادر العاملة في سفاراتنا في الخارج هم من النساء.