د. محمد عبدالله الخازم
البعض لا يعرفني جيدًا أو هو جُبل على التصنيف؛ فيعتقد -ظلمَا- أن ملاحظاتي وآرائي النقدية تعني أنني عدو للمنظمات وقادتها، ولست ممن يقدر الجهود الكبيرة. وعليه أبدأ بالتوضيح أن لدي أكثر من قبعة ألبسها؛ فعند كتابة المقال أطرح فكرة وملاحظة ورأيًا، طبيعي أن تكون مختلفة، تتلمس بعض ما أراه يستحق التطوير، وإلا فما جدواها؟ تلك مهمتي ورهاني الدائم على تقدير الآخرين لدوري هذا. لكن لدي القبعة الأهم التي لا تبرز في كتاباتي ومشاركاتي الإعلامية، ألا وهي التقدير لكل من عمل، وكل من اجتهد، وكل من بنى، وكل من أسس في وطننا، والاحترام لكل من أسهم في تعزيز مسيرتي وسيرتي. اليوم سألبس قبعة التقدير، وأكتب عن شخصية تستحق ذلك، أولاً لحجم العطاء والبناء الذي قدمته، وثانيًا لحجم الدعم الذي قدمته للكثيرين ممن كانوا ضمن فريق البناء لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية. أكتب عن البروفيسور يوسف العيسى -متعه الله بالصحة والعافية-.
يوسف العيسى قاد - كتنفيذي - بناء جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية منذ البداية، بدعم مديرَي الجامعة بالتأكيد: معالي الدكتور عبدالله الربيعة، ثم معالي الدكتور بندر القناوي. سخّر كل وقته وجهده في سبيل خدمة الجامعة رغم بعض الظروف الصحية ونُصح الأطباء له بالابتعاد عن الضغوطات قدر الإمكان. أذكر عند بدايات التأسيس كيف كان يقود بكل جَلَد وهمة اجتماعات تستمر ثلاث وأربع ساعات، وتمتد حتى ما بعد صلاة المغرب. وحينما نتذمر نحن الصغار يحفزنا بأنها مرحلة بناء؛ تتطلب مزيدًا من الجهد. كان يقضي الساعات مع مسؤولي الشركة المنفِّذة لمشروع الجامعة، يتابع التفاصيل، ويراجع السير الذاتية للمتقدمين للجامعة، ويشارك في اختيار المعيدين ومقابلات الطلاب، ويراجع التفاصيل المحاسبية.. إلخ. طاقة لا تهدأ، حرص على الدقة، وجهد نرى ثمرته جامعة بمقر وفرعين متكاملة، واثنتي عشرة كلية، وكوادر استثمر في تهيئتها فعادت وبدأ بعضها يتبوأ مناصب قيادية بالجامعة التي التحقوا بها، ولم تكن سوى مقار مؤقتة. كم أنا سعيد بأن أرى بعض قيادات كليتي الجدد من أبنائها وبناتها الذين استثمرت الجامعة في ابتعاثهم وتهيئتهم لمثل هذه المناصب. كان يوسف العيسى يردد حلمه ويحفزني لأحلم معه بمثل هذا اليوم الذي نرى فيه أولئك الشباب والشابات الذين نختارهم معيدين؛ ليكونوا قادة المستقبل لكليتهم وأقسامها المختلفة.
شكرًا سعادة البروفيسور يوسف العيسى على كل هذا الجهد والتفاني والعطاء في بناء الجامعة الصحية. شكرًا لتقبلك بعض اختلافنا، والتجاوز عن بعض حدتنا في الكتابة أو القول. كلانا نتفق في البحث عن الأفضل لجامعتنا، وحرسنا، ووطننا، وبعض اختلاف الرأي حول الوسائل لا يخل بتقديري لجهودك، ولا ينفي حنانك وعطفك على الصغار أمثالنا. شكرًا على ما قدمتَه لي من دعم في تأسيس كليتنا الجميلة، وما أسهمت به في مسيرتي المهنية بصفة عامة داخل وخارج الجامعة. لست أنا ممن ينكرون أفضال الناس عليهم، ولست أنت ممن يسمع كلمة واشٍ، أو يرهقه تقبُّل الاختلاف مع تلميذ مجتهد؛ قد يصيب، وقد يخطئ.