تعد كسور وتشوهات العظام من أكثر المشكلات التي يواجهها أطباء وجراحو العظام، وبعض هذه الحالات قد تمثل خطورة بالغة على حياة المريض، أو على أدائه العملي والوظيفي.
فمعظم حالات كسور العظام البسيطة يتم علاجها إما عن طريق الجبائر الجبسية المستخدمة في علاج الكسور أو تدخل جراحي عن طريق استخدام صفائح أو شريحة معدنية من أجل تثبيت الكسر.
ولكن عندما تصبح الكسور مفتتة إلى عدة قطع Comminuted Fracture فيكون لدى المريض تشوهًا حادًا في العظام أي أنه يكون هناك قصر في الطرف المصاب فتصبح الحاجة إلى إجراء تدخل جراحي عند طريق عمل مثبت خارجي External fixator.
فمن هذا المنطلق اخترع جراح العظام الروسي غافرييل إليزاروف عام 1951 م جهازًا يعمل كمثبت خارجي حلقي يستخدم في جراحة العظام لعلاج الكسور المعقدة أو المفتتة، ويستخدم أيضًا في عملية إطالة العظام وتقويم تشوهات الأطراف ويعد إليزاروف الأب الروحي لعمليات تطويل وتشوهات العظام.
فالجهاز يتكون من حلقات معدنية مثقبة وأسلاك جراحية، ومفاصل معدنية، مما يسهل استخدامه كجهاز تثبيت خارجي حلقي في علاج العديد من الكسور المعقدة، وغير الملتئمة، وحالات تطويل العظام القصيرة، وإصلاح تشوهات الأطراف والأقدام، وتعويض العظام المفقودة بتقنيه نقل العظام، وتعديل الطرف، أو التئام الكسور والتطويل وتعد إحدى التقنيات الحديثة وذات التأثير العلاجي المناسب والأمثل التي أحرزت تقدمًا طبيًا عاليًا في علاج كسور العظام على مستوى العالم، ولقد أثبتت نجاحها في علاج الكثير من الحالات الخلقية والمكتسبة بفعالية عالية، إضافة إلى مناسبتها لمختلف المراحل العمرية. فحاز العالم الروسي على عضوية في الأكاديمية الروسية للعلوم عام 1991م.
فتعد هذه التقنية فرعًا تخصصيًا في علاج وتقويم العظام، لذلك فهي تتطلب جراحًا متمكنًا ومتمرسًا في استخدام هذه التقنية، ولهذا السبب فهي موجودة في مراكز طبية محددة . فعمل الجهاز يتكون من وضع العديد من الحلقات حول الطرف المصاب، ويتم توصيلها ببعضها باستخدام قضبان تثبت باستخدام براغ قابلة للتعديل على أكثر من مستوى، بينما توصل الحلقات بالعظام عن طريق أسلاك معدنية رفيعة تثبت من إحدى جهات الحلقة، ثم تمرر خلال العظام لتثبت مجددًا بالجهة الأخرى من الحلقة.
فالجهاز مفيد جدًا في حالات العظام القصيرة الناتجة عن قصر خلقي أو مكتسب، إذ يتم بناؤه على الطرف، ثم يعمل قص العظم، وبعد أسبوع يتم التطويل خلال القص بمقدار واحد مليمتر يوميًا.
وبعد إحراز التقدم الهائل في تقنية إليزاروف والنتائج الإيجابية فقد تم تطوير الجهاز بتقنية أمريكية حديثة بجهاز تايلور الحيزي الحلقي Taylor Spatial Frame ، وتعتمد على إدخال إحداثيات التشوه في الأطراف في برنامج حاسوبي دقيق، ويتم تعديل الحلقات بواسطة مساعدات هيدروليكية تعدل التشوهات والكسور المعقدة بطريقة دقيقة، ويستطيع المريض المشي عليها خلال فترة العلاج. فهو يعد أكثر مرونة وسهولة في الاستخدام مقارنة بجهاز إليزاروف.
ففي المملكة لا توجد هناك دراسات حديثة حول استخدام الجهاز، ولكن وجدت هناك دراسة مستعرضة قام بها أحد الباحثين في هذا المجال بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بجدة حول استخدام جهاز تايلور لعدد 10 من الأطفال المصابين بكسور الساق غير الثابتة وكانت تراوح أعمارهم بين (8 - 15 سنة)، وكانت أبرز النتائج التي توصلت إليها: متوسط مدة جبر الكسر باستخدام جهاز تايلور 18 أسبوعًا ومتوسط مدة المتابعة لدى الطبيب 3 سنوات ونشرت هذه الدراسة بمجلة Journal of Pediatric Orthopedics سنة 2006م.
ولما لهذه التقنية من فوائد عظيمة كبرى بالنسبة للمريض فتوجد هناك بعض المضاعفات التي قد تحدث لاستخدام الجهاز وهي:
1 - إصابة الأوعية الدموية أو الأعصاب أثناء تركيب الأسلاك عبر العظام.
2 - حدوث تيبس بالمفاصل المحيطة بالأسلاك.
3 - حدوث التهابات حول منطقه دخول الأسلاك.
4 - العامل والتابع النفسي الناجم عن وجود الجهاز بشكل ظاهر حول أحد أطراف المريض لفترة طويلة.
** **
د. محمد الرميح - قسم جراحة العظام - مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية - الرياض
E-mail : m.h.alrumaih@gmail.com