تعاقبت أجيال عديدة في العالم منذ عصر النهضة، ساعية لتحقيق الحلم الجميل المسمى «ديمقراطية». وقد استطاع النظام الرأسمالي باقتدار؛ تحويل الديمقراطية من «حلم» يستطيع الشعب من خلاله المشاركة في الحكم، إلى ستار يخفي تفرد السلطات بالقرار..!
بالمفهوم الفلسفي؛ لا يمكن لأي سلطة أن تكون ديمقراطية! لأن السلطة بطبيعتها تستحوذ على الثروة والقوة المسلحة والإعلام والتعليم ومقومات الحياة كلها، وبالتالي مهما كان شكل السلطة؛ رئاسية كانت أم برلمانية؛ منتخبة أم غير منتخبة؛ هي بالضرورة ديكتاتورية! وهذه المقولة الفلسفية ليست تأملية أو سفسطية، إنما مبنية على الواقع. فلو اختصرنا التاريخ والجغرافيا، وتناولنا الولايات المتحدة التي تقدم نفسها كزعيمة للديموقراطية في العالم حالياً، لوجدنا أن الترشيح للانتخابات له شروطه. وهذه الشروط ظاهرها «دستوري»؛ وباطنها استثناء للفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة. أما التصويت؛ فصاحب الصوت الانتخابي المحتاج والجائع، لا يتوانى عن بيع صوته ببضعة دولارات! كيف نفسر إذن احتدام «المعركة» الانتخابية؟ وتدخّل المحكمة الدستورية أحياناً، لفض النزاعات الانتخابية؟
ببساطة شديدة؛ إنها ليست ديموقراطية! إنها «كذبوقراطية»؛ أو كما يقال باللهجة الشعبية «شلخوقراطية»؛ وهي معركة تجري بين عصابات «سلطوية» تحوز على امتيازات لصالحها عندما تفوز! ... الغريب في كل تلك الأكاذيب؛ يوجد من يصدق أنها ديمقراطية!، والأغرب أن بعض من يسمون أنفسهم «ذوي ثقافة»؛ قالوا في 2003: إن العراق يدخل «سنة أولى ديمقراطية»!. كيف يستطيع أن يكون «معلما» من لم يدخل «التمهيدي» في الديموقراطية بعد!؟ وكيف يمنح الديمقراطية لغيره من لا يملكها أصلاً؟
تدّعي الدول «الشلخوقراطية» أن إعلامها شفاف؛ وهو ليس «سلطة» رابعة؛ كما يقول بعض الإعلاميين الغربيين أنفسهم، بل سلطة أولى! وبالإضافة لتلك الشفافية، هناك ساحات في عواصم الدول الصناعية يستطيع أي مواطن أن يقول فيها ما يشاء؛ حتى لو كان كلاماً بذيئاً، تجاه أي مسؤول. ولكن «جوليان أسانج» صاحب «ويكيلكس»، قبع فيما يشبه السجن في سفارة لسبع سنوات. وأفرج عنه لينتقل إلى سجنه في لندن لمجرد أنه كشف عن بعض الحقائق! أين الشفافية إذن؟ ... الغريب أن الإعلام الأميركي يعلن بكل «مهنية وفخر»؛ أن التهم الموجهة لجوليان أسانج في الولايات المتحدة، تصل عقوبتها إلى 175عاماً؛ فهل هذه ديموقراطية؟
** **
- عادل العلي