قرطبة - واس:
أطلق مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات يوم الأربعاء الماضي أعمال المنتدى العالمي للتعايش، بمشاركة (21) منظمة دولية، احتفاء باليوم العالمي للعيش معًا في سلام، وذلك في مدينة قرطبة الإسبانية، ويستمر أيامًا عدة.
ويشارك في تنظيم المنتدى كل من مؤسسة قرطبة النموذجية (Paradigma Cordoba)، ومؤسسة نيكولاس بيوتشر (Nicolas Puech)، وسلام للتواصل الحضاري، وبلدية قرطبة سعيًا إلى تبادل الخبرات والممارسات المثلى المستوحاة من قصص نجاح الآخرين، وتنسيق الجهود وتقديم مساهمة ملموسة في عالم يولد الإلهام للتعايش بأمن وسلام، فضلاً عن إيصال رسالة عالمية للعيش المشترك واحترام التنوع وقبول التعددية وتعزيز المواطنة المشتركة الموجهة للإنسانية جمعاء.
وألقى معالي الأمين العام للمركز الأستاذ فيصل بن معمر، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى، كلمة باسم الشركاء المؤسسين لمنتدى قرطبة، عبّر فيها عن ابتهاجه بوجوده في هذا المنتدى العالمي الذي يجمع أكثر من (200) مشارك من نحو (40) دولة من ديانات وثقافات متنوعة في هذه المدينة الاستثنائية (قرطبة)، المكان الذي يمثل كل أشكال التعايش والتسامح والتمازج المثمر.
مشيرًا إلى أنها المنطقة التي نرى فيها بصمات وآثار العديد من الحضارات التي مرت عليها باختلاف أديانها وثقافاتها؛ إذ قدمت للإنسانية أروع أمثلة عملية لنجاح الإنسان في تحقيق العيش المشترك.
وقال ابن معمر: «على الرغم من ندرة الحقب التاريخية المثالية فقد شهدت قرطبة في ظل الإسلام حقبة من التعايش والتسامح، قلّ نظيرها؛ إذ تجانس في أحضانها أديان وثقافات متنوعة، وعاش أتباعها معًا رخاء ورفاهية وازدهارًا؛ فهل هناك مكان أفضل من (قرطبة) للاحتفال باليوم العالمي للأمم المتحدة للعيش معًا في سلام، فضلاً عن الاستفادة من تجارب هذه المدينة التي ضمت مزيجًا من الحضارات المختلفة وأتباع الأديان والثقافات المتنوعة، وتسخيرها لتكوين تصورات تبعث على الأمل في تحقيق مستقبل أفضل للعيش معًا في أمن وسلام».
وأكد الأمين العام للمركز أن أجمل ما قدمته الحضارة الأندلسية للإنسانية ذلك النموذج الفريد الذي عرفه العالم حتى الآن، وإمكانية تعايش أتباع الأديان والثقافات والحضارات، وتعاون الجميع لصنع الامتياز وتطبيقه على أرض الواقع. وعبّر الأمين العام للمركز عن سروره بانطلاق هذا المنتدى العالمي في إسبانيا، إحدى الدول الأعضاء المؤسسة لمركز الحوار العالمي. مثمنًا التزام إسبانيا بالحوار بين أتباع الأديان من خلال دعمها المستمر لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وكشف الأمين العام لمركز الحوار العالمي أن جميع الشركاء العامين في المنتدى يشكلون شخصيات ناشطة قادرة على تحقيق الطموحات، وهم أيضًا نشطاء وبناة سلام في العالم؛ إذ نشط الكثير منهم منذ عقود في حماية الأقليات، ومواجهة الصور النمطية، ومكافحة التطرف والكراهية ودعم العيش في ظل المواطنة المشتركة، وتمكين الناس من التعايش معًا بسلام. وأوضح ابن معمر رؤية مركز الحوار العالمي التي تؤمن بفاعلية الحوار والسعي للتعلم من الآخرين وفهمهم، باعتباره عنصرًا رئيسًا ومهمًّا لتحقيق هذا العمل.
لافتًا إلى تفرد المركز بين المؤسسات الدولية للحوار بكونه المنظمة الدولية الوحيدة التي تقدم تجربة فريدة للمنظمات الدولية في تحفيز الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية والقيم الإنسانية لمساندة صانعي السياسات؛ إذ اختص المركز بهذه التركيبة التنظيمية من بين (350) منظمة حوار بين أتباع الأديان والثقافات في العالم.
وأعرب ابن معمر عن سعادته بمشاركة الشباب، وقناعة شركاء منتدى قرطبة بالحاجة إلى التواصل مع الشباب. مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة قد حثت على زيادة مشاركة الشباب بوصفهم شركاء متساوين ومحترمين في مبادرات بناء السلام. مثمنًا جهود الشركاء في إقامة ندوة للشباب بهدف استقطابهم وجذبهم إلى صميم عمل المركز القائم على التعايش. مشيرًا إلى مشاركة مركز الحوار العالمي في تدريب (30) شابًّا بارزًا، والعديد من المنظمات من عشرين دولة، ومن ديانات وثقافات متنوعة، وتزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لتقديم مبادراتهم بصورة أكثر فاعلية في هذا المنتدى العالمي. معربًا عن فخر المركز بإعداد هؤلاء الشباب والشابات من خلال منصاته المتنوعة.
يُشار إلى أن مركز الحوار العالمي قد استبق فعاليات المنتدى بتنظيم دورة تدريبية لنحو (30) شابًّا وشابة من أكثر من (20) دولة من جميع أنحاء العالم حول كيفية بناء السلام في مجتمعاتهم المحلية من خلال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، على أن يتم تمكينهم لاحقًا على مواصلة العمل من أجل التعايش السلمي باستخدام مهاراتهم الجديدة في الحوار، وتعلمهم من تجارب القيادات الشابة الأخرى.