إلى الله في وقت الشدائد نفزع
وليس إلى غير المهيمن مفزع
في فجر يوم السبت 1-8-1440هـ انتقل إلى رحمة الله وعفوه ومغفرته العم الغالي فضيلة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن ابن الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب.
عُرف لدى الجميع بأنه صاحب رأي رشيد وطرح سديد تعلمنا منه الكثير، كان إذا تحدث عن تاريخ السعودية الأولى والثانية والثالثة أفاد وأجاد وربطها بنصر الله وحفظه لهذا الدين وهذه الدولة ولعقيدة السلف الصالح الذين كانوا على ما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.. ثم يبين أن من تمسك بما جاء في الوحيين منصور مؤيد من الله -عز وجل- بحوله وقوته، ثم كثيراً ما يسهب إذا تحدث عن الإمامين إمام الدعوة وإمام الدولة -رحمهما الله-، سمعته مراراً يقول: إن الله حمى بهما هذا الدين وأيدهما وأنصرهما على كل ضال مبتدع معادٍ لدين الله وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام، ثم يذكر الملك عبدالعزيز وبطولاته وشجاعته وحكمته وحنكته وفراسته وجهاده العظيم الذي بذله لتوحيد هذه الدولة العظيمة وجهود أبنائه الملوك المشهودة وتمسكهم بالمنهج السلفي القويم إلى هذا العهد الميمون وتدمع عينيه وهو يردد الدعوات للأموات بالرحمة والمغفرة وللأحياء بالنصر والتأيد والتمكين.
كنت أحرص أن لا يسكت ولا يقاطعه أحد لا بسؤال ولا بحوار ولا بنقاش لنزداد من معين فوائده القيمة والتي لم تدون في الكتب، ولا أظنها عند غيره من المعاصرين فيما أعلم.
كان يفرح ويبتهج كثيراً كلما ذكرت له أثر هذه الدعوة المباركة على المسلمين في الدول الإسلامية وغير الإسلامية وأنهم ولله الحمد في ازدياد مستمر على التوحيد الصافي النقي وعلى عقيدة السلف الصالح والمنهج السلفي الوسطي المعتدل محاربين بالعلم الشرعي الشرك ووسائله والبدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
عرف عن العم العزيز إتقانه للأنساب وعوائل نجد خاصة أهل العارض وما جاورها وكل ما ذُكرت عائلة أثنى عليها وذكرها بالخير والذكر الحسن.. وقد جمع الله له خصالاً من الخير فمن صفاته الحميدة التي يشهد له الكثير بها فهو في الجود مدرسة، وفي البذل مملكة بكرمه الدائم وحبه لفعل الخير وفاعليه يشفع لكل من طلب منه الشفاعة لا يريد إلا الأجر والثواب من الله العزيز الكريم.
كان (رحمه الله) مثالاً يقتدى به في التواضع وخفض الجناح، يدل على ذلك حرصه على سماع الفائدة دون تفريق بين أحد كبيراً كان أو صغيراً قريباً كان أو بعيداً، كان لين الجانب وقت اللين وحازم وقت الحزم، سماحته في المواقف المناسبة وحزمه في مواقف الحزم والقوة لسان حاله يقول:
وللحلم أوقات «وللغضب» مثلها
ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب
ويشهد له الجميع أنه صاحب شخصية متميزة لا تحمل في القلب إلا الحب والخير للجميع.. هو بالنسبة لي ولكل من عرفه عن قرب من خيرة أحفاد إمام الدعوة الذين عاصرناهم.. شاهدنا غَيرته على الدين لله رب العالمين وبخاصة غيرته على التوحيد وأهله، وحبه الصادق للجميع وبخاصة ولاة أمره والعلماء وطلبة العلم والمتدينين والمجتهدين وأهل الخير وأصحاب العقول السليمة الرزينة، كل من يزوره ويجتمع به في المناسبات من الأسرة ومن غيرها يُحبه ويُعجب بشخصه وشخصيته -رحمه الله وغفر له-..
إيمان عميق.. همة عالية.. خشوع وخضوع
وعندما زارنا صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير الرياض معزياً -جزاه الله خيراً- أثنى على العم ثناءً حسناً وذكره بالخير وبخدمته للدين ولولاة الأمر وللوطن الغالي.. وأخبرت سمو الأمير أن هذا المجلس كان مصدر تعليم لنا ولكل من يحضر فيه؛ تعلمنا منه حماية حمى التوحيد والسنّة ومنهج أهل السنّة وتعلمنا منه تطبيق الموالاة والسمع والطاعة والدعاء لولاة الأمر والدفاع عنهم وأنهم حماة الدين وكان موالياً لولاة الأمر دينا وعقيدة، طاعة لله واتباعاً لرسوله صلى الله عليه وسلم.
كان كثير التحذير من كل ضال عن سواء السبيل امتثالاً لقول الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.. كثير الدعاء لهم بالعون والفلاح والنصر والتأييد والصلاح والتوفيق والسداد..
حاثاً الجميع بالدعاء لولاة المسلمين عامة بالعزة والتمكين وإقامة شرائع الدين.
صفاته ومناقبه كثيرة حميدة حسنة
يطوي الزمان موحداً لله العزيز الجبار،
ويطوي الزمان متبعاً لسنة سيد الأنام،
ويطوي الزمان تقياً ورعاً في كل الفعال،
ويطوي الزمان عابداً قواماً لله الواحد الغفار
ويطوي الزمان بلفظ الجميل من الأقوال،
ويطوي الزمان في الصالح من الأعمال،
ويطوي الزمان والمكان بشمولية الاهتمام،
ويطوي الزمان في رعاية عباد الله أينما حل وأينما كان.
ويطوي الزمان عاملاً للخير دالاً عليه.
(وينتهي به الزمان للقاء ربّ العزة والجلال)
فاجعل يا الله مستقره عالي الجنان.
اللهم يا حيّ يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام ارفع درجته فى المهديين واخلفه علينا وعلى المسلمين.. وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار وارحمه يا كريم يا رحيم.. ارحمه فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض، وقه عذابك يوم تبعث عبادك.
اللهم نور له قبره وآنس وحشته ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة، واغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم منزله ووسع مدخله وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله واحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
** **
- عبدالرحمن بن عبدالله آل الشيخ