الذي ينظر إليك وكأنك ثامن عجائب الدنيا السبع..
كأنك مقطوعة لم يعزفها عازف.. يراك بانبهار، وكأنه لأول مرة يرى بشراً، ذلك الذي يتمعنك بالتفصيل، يقيس مدى ابتسامتك..
ويتمتم من همسات عينيك قصائده..
يحاورك بعمق.. يغوص في ثنايا داخلك بأبجديات مختلفة، لا تعرفها اللغات، ولا يترجمها أحد..
تلتقي به في أوج الازدحام كأنه بمفرده..
يعبرك، لا يمرٌ كالبقية من جانبك.. تشعرُ أنه يتخللك.. يتمادى بك حتى تدرك أنك لأول مرة تلتقي نفسَك..
يقاوم الحُزن بك.. يرتب أوقات ضحكاتك.. يجعلك في الصف الأول من الحياة، وأنت الذي كنت قبله لا تعرف أن للحياة صفوفاً..
تتوارى الجروح خلف ابتسامته.. تنقلب المواقيت عند وقته..
تركض له في كل اتجاه أُتيح أو لم يُتَح..
يزرع بين أضلعك بساتين الصُّلح مع كل شيء كان عدواً لك..
ذلك فقط من قسم الأيام في عمرك.. من جعلك تصغر وتكبر حسب مزاجيته.. من جعل منك مخلوقاً من مطر..
ولونك كقوس الرحمن.. جعلك مخلوقاً من فرح.. كل رماديات الحياة
صارت بياضاً..
يقيم في مسمعك سلام الكنائس، ويردد على عينيك ضياء الميلاد.. تكبر به كأنه يملك تقويمك السنوي، وبيده ساعة الأرض.
يبهرك في أتفه الأشياء التي يفعلها تراها معجزات، وكأن لا أحد آخر يجيدها..
مخلوق من مطر، أصابك بعدوى نقائه..
ماء عينَيه ينابيع زمزم.. ترى في ضحكاته ما لم تحط به علماً..
تشعرُ بأنك متعبٌ بقدر حُبك.. تريده بكل مواقيت الزمن على هذه الكرة..
إياك أن تتخاذل عن شيء اختارته ذاتك ذات يوم..
ثم إنك لا تحاسب نفسك كثيرًا.. لا تدع اللوم يأكلها: من الذي قال؟ من الذي بحث؟ من الذي ابتدأ؟ كل هذا لن يزيد قلبك إلا صلابة، وأنت لا تحتاج لها في هذا الحين.
فأنت للتو أدركت أنك أصبحت بخيــر..
عِش الاطمئنان المفرط.. تمتع بحق القرب دون أن تقهر نفسك..
ألا يكفي ما مَرَّ بها من متاهات..
لقد أصبتني منذ أن وضعت يدي على صوتك..
منذ ذلك النهار البنفسجي، وقتها كانت الغيوم كحلوى القطن..
حتى الكلمات كانت على لحن أصيل، لا أذكر لمن كانت..
أصبتني برصاصات رحمة، أماتت كل السوء في عيني، وعاشت الجماليات..
يا سلامي الوطني وانتمائي الروحي، يا شعبي وحلفائي وكل أشقائي..
يا من أعدت رسم البحار واليابسة كيفما تريد في عيني..
كذلك كنت ولا تزال ولن تنتهي..!!
** **
- شروق العبدان