لا أعلم كيف أبدأ، ولا أَجِد إجابة شافية لسؤال عريض بحجم: (هل يحقد الإنسان على روحه ؟
هل يقدسها؟
هل تتوه عنه؟)
أسئلة مثل هذه أتتني من قارئ «لدود» جعلتني أصاب بحالة التحديق في الفراغ..
يؤلمني أن يحقد الإنسان على روحه وإن فعل فهو تحت تأثير مكان ما لا ينعم بالطمأنينة.
كإجابة عاطفية أعتقد أن الموضوع محض بيولوجيا، فالإنسان تتقلب عليه كل الانفعالات وتشرق على مجسات روحه جميع المشاعر، وتتلبسه الأحاسيس، فيوماً ما يندم على أصغر فعل، ويوم آخر لا يأبه لأكبر فعل..
حالات غير متناهية من التوهان، شد وجذب بين الإنسان وتلك الروح، مقارعة ومطاردة وسجل حافل من الأحداث وفي النهاية بحر السلام ينتظر أيهما يأتي أولا. الأرواح لها مواسم ومواقيت، يعرض لها الشتاء القارس فيخاف فيه الفرد على روحه، يخاف من ضياعها وتشردها مع الأعاصير المدوية كأن لسان حاله يقول: (إنك أيتها الروح لا تدري كم يخيفني أن أفقدك). يزيد البرد من سرعة هجماته فتلوذ الروح بالقلب يدثرها يجعلها في ومضة دفء فخورة بإحساسها بالعدل وبسخطها النزيه.. يأتي الصيف، فتتقد وتتوهج وأحيانا تموج بلا سبب، تختار اليأس طواعية، تنقاد نحو السكون والصمت تحاول كل شيء في مقدور الروح وفوق مقدورها، تهِب كلها للموت للقيظ ولكن في لمحة ربيع تعود وتزهر وتورق كما كانت.
ربما تُرعبها الحقائق وتخيفها الأمور المطلقة، فتحاول أن تختبئ بين آمال عظيمة ومستويات تخيلية محضة.. هكذا الروح وإنسانها الذي قد يصل إلى الموت وهو قد عاش حياة كاملة يحاول ويجرب ويتعلم ويكتب ويقرأ من أجل أن تكون روحه آمنة مطمئنة، من أجل أن يفوز بلحظة تقديسها، ولكي يتجه إليها كمصدر حيوي وأساسي للحياة، ولأنه يعلم أنه ليس أبشع من أن تتوحش روحه عليه بما فيها من مشاعر وذكريات وأسطر. وربما قد يموت أيضا وهو لا يعرف روحه، قد لا يلتقي بها أبدا، ولم يجري بينهما حوار عميق، أو قد لا يتعرف عليها لأنها مجموعة كبيرة من الآخرين الخالون منه !
قد يظن أنه يقبض عليها بيديه لكنها مثل الزئبق تطير عنه عند أول معرفة.. أقولها بصدق إنني لم أعد أعلم إجابة دقيقة لتلك الأسئلة ..
** **
- رباب محمد