لدينا في المملكة العربية السعودية: جامعات كثيرة، ونوادٍ أدبية عديدة، ومراكز بحثية متميزة: دارة الملك عبدالعزيز، البحوث في الإفتاء، البحوث في الشؤون الإسلامية، مكتبة الملك فهد، مؤسسة الملك فيصل، مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، رئاسة الحرمين، رئاسة الهيئات، معهد الإدارة، مركز الملك عبدالله العالمي للغة العربية،كراسي البحث ... إلخ
هذه كلُّها لها مطبوعات كثيرة ، تفخر بها بلادنا - ولله الحمد - لكن غالبَها يصعب الحصول عليه شراءً، وهي لا تشارك في معرض الكتاب إلا بجزء يسيرة جداً من مطبوعاتها، والمعارض أيام معدودة في السنة.
لذا ؛ أقترح:
1. إنشاء «وكالة لبيع المطبوعات السعودية» في وزارة الثقافة، تتابع المطبوعات الحكومية كلَّها، وتشرف على مراكز البيع.
2. إنشاء أو استئجار محلات في [المرحلة الأولى]: مكة، والمدينة، وجدة، والرياض، والقصيم، وحائل، والدمام، وأبها؛ تُباع فيها جميع المطبوعات السعودية.
3. يُنتقى المحل التجاري بعناية فائقة، ويُستحسن أن يكون قريباً من المكتبات التجارية التي يرتادها الناس كثيراً.
4. إقامة معرض دائم للمطبوعات السعودية في وزارة الثقافة، يختص بالعرض فقط، ويلحق به خدمات وقاعات للمحاضرات، والدورات في شؤون الكتاب والتأليف والقراءة.
من فوائد هذا المقترح: الحصول على المطبوعات، تنفيق الكتب المكدَّسة في المستودعات دون بارقة أمَل بتسويقها، ترويج الكتب السعودية، فكَم من إنسان لا يستطيع الشراء مباشرة من الجامعة أو المركز أو الرئاسة؛ لتفرقها في بلادنا الواسعة، ولأن البيع فيها - إنْ وُجِد - في وقت الدوام الرسمي فقط، ولا تُعرض جميع المطبوعات في ركن البيع، لكثرتها وصِغَر المساحة، وأحياناً الركن مُغلق، لعدم وجود موظف متفرّغ للبيع...
إنَّ تسويقَ نتاج العقول محلياً ودولياً يُعتبر من أعظم مكتسبات الدولة، ووصولَه لمنافذ البيع هو السبيل الوحيد الموصل للكتاب لمستحقِّه - وليس الإهداء - وحسبك بهذا أنه (ترجمان لرسالة الجامعة والمؤسسة، وهو لسانها في جميع الأحوال) كما عبَّر بذلك د. الدرعان (2/ 955).
وبعد كتابة المقترح السابق بساعات، وجدت في معرض الرياض للكتاب في جناح مكتبة الملك عبدالعزيز هذه الدراسة العميقة الجادة: «نشر الكتاب في جامعات دول مجلس التعاون الخليجي - دراسة تحليلية نقدية - » د. فهد بن محمد الدرعان، طبع في مكتبة الملك عبدالعزيز ، في جزأين، عام 1418ه، وهي رسالة جامعية، جاءت حدود الدراسة من 1406ه إلى 1412ه ، مختصة بالجامعات فقط، وقد ذكر من نتائجها:
أنَّ من عوائق تسويق المنشورات الجامعية: ضعفَ الاتصال بين الناشرين الخليجيين، وعدمَ وجود مؤسسات ذات تخصص عالٍ في التوزيع، ومع وجود بعضها إلا أنها تأخذ نسبة عالية من الأرباح مما يحد من إقبال الجامعات على التعاقد معها، وخوفَ كثير من الجامعات من الإعلان عن مطبوعاتها...، وضعفَ الاتصال بين الجامعات.
وأشار في (2/ 977) إلى مصاعب واجهت المكتبات التجارية عند تعاملها مع الجامعات الخليجية، وقلة اهتمام الجامعات بتزويد المكتبات التجارية بمطبوعاتها، وكثرة وطول الإجراءات والأوراق التخاطبية!
وذكر أن غالب الجامعات تعتمد في النشر على الإهداء فقط.
أقول: والتوزيع دون البيع مضيعة للكتب؛ لدخول الواسطات والمجاملات والمصالح الشخصية، وكثيراً ما تصل إلى غير المختصين بل تصل إلى غير المهتمين بالكتاب أصلاً!
ويوصي د. الدرعان (2/ 983) بإيجاد مؤسسات تهتم بتوزيع الكتاب، تتعاون معها الجامعات الخليجية.
( 2/ 984) زيادة التعاون بين الجامعات والمكتبات التجارية؛ لأن المكتبات تعد قنوات اتصال بين الجامعة والمجتمع.
هذه نظرة سريعة من خلاصة الكتاب وتوصياته، ومما لفت انتباهي في الدراسة أن النشر التجاري لمطبوعات الجامعات ليس على ما يرام، وأظن الآن أن المكتبات التجارية استغنت عن طلب ومتابعة المطبوعات الحكومية جامعية وغيرها؛ لكثرة المعروض عندها من الكتب المحلية والعالمية، وتجدده يومياً، بخلاف الفترة التي درسها د. الدرعان.
ومرة ثانية: إذا كان ضعف التوزيع مع الجامعات اللاتي هي محط الأنظار في البحث والتأليف، وخلية نحل للأساتذة والطلبة والكتب، فكيف الحال مع مؤسسات ومراكز بحثية مستقلة أو ضمن معهد ورئاسة ؟!
أخيراً: لئن جمعَتْ «مكتبة الملك فهد» المطبوعات السعودية؛ لأجل البحث والاطلاع؛ فإنَّ «المكتبة السعودية التجارية» تجمع مثلَها؛ للبيع، والتسويق الداخلي والخارجي. وهي الحل الوحيد.
أسأل الله العظيم أن يخفف عن مستودعات الكتب تكدسها وغبارها، ويحفظها من التلف، وأن يجعل المطبوعات الحكومية في متناول اليدِ شِراءً.
حفظ الله بلادنا وأعزها، ورفع فيها قامات العلم والبحث، وبارك في منجزاتها العلمية ونشرها في الآفاق.
** **
إبراهيم بن عبدالله المديهش - الرياض (9/ 7/ 1440هـ)