الوساوس في العقيدة وعلاج ذلك
* تراودني وساوس فيها كلام عظيم وفيها شرك، ولا أستطيع دفعها، فهل علي إثم؟ وبماذا تنصحونني؟
- مثل هذه الوساوس إذا كانت في القلب ولم يَتكلم بها الإِنسان فإنها لاتضره -إن شاء الله تعالى-؛ لأنها من حديث النفس، وحديث النفس معفو عنه، وقد اشتكى بعض الصحابة ما يجده في نفسه من كلام يستعظمه ولو نَطق به لنطق بأمر عظيم، فأرشده النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال له: «ذاك صريح الإيمان» [مسلم: 132]؛ لأن الذي منعه من النطق بهذا هو الإيمان، وقوة الإيمان في قلبه، ومع ذلك يسعى جاهدًا أن يَطرد هذه الخطرات، وأن يُحل محلها ما ينفعه في دينه ودنياه، فلا يُفكر في هذه الأمور، بل ينصرف عنها ويذكر الله -جل وعلا- ويستعيذ بالله من الشيطان، وحينئذٍ تنطرد عنه هذه الوساوس وهذه الخطرات.
ولا شك أن القلب وعاء، فإن مُلِيء بذكر الله -جل وعلا-، والتفكر في آلائه ومخلوقاته، وآياته المرئية والمقروءة، حلَّت محل هذه الوساوس وانطردت عنه هذه الخطرات، كما قرر ذلك ابن القيم -رحمه الله- في (الجواب الكافي) وفي غيره من كتبه، وإن خلا قلب ابن آدم من ذكر الله، والنظر في آياته وآلائه، والانشغال بذكره وشكره، فإنه حينئذٍ تحل هذه الخطرات محلها.
التوبة لمن يعصي الله ثم يتوب مرارًا
* هل من توبة لشخصٍ يعصي الله ثم يتوب عدة مرات؟
- باب التوبة مفتوح ما لم يُغرغر الإِنسان أو تطلع الشمس من مغربها، فإذا عصى ثم تاب توبة نصوحًا بشروطها فإن الله يتوب عليه، والتوبة تهدم ما كان قبلها، والذي قتل التسعة والتسعين تاب الله عليه، وعلى كل حال على الإِنسان إذا تاب أن يصدق مع الله، وأن يَفي معه، لكن إن غلبته نفسه وشيطانه على معاودة الذنب، فعليه أن يندم ويُقْلِع من هذا الذنب، ويعزم ألَّا يعود إليه مخلصًا في ذلك لله -جل وعلا-، وباب التوبة مفتوح على ما بُيِّن في النصوص ما لم يُغرغر، فإذا غَرغر وبلغت الروح الحلقوم فإنه حينئذٍ لا تقبل توبته{آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ } «يونس: 91»، المقصود أنه يجب عليه أن يبادر إلى التوبة، وأن يقلع عن الذنب، ويندم على ما فات، ويعزم على ألَّا يعود، ومَن الذي يحول بينه وبين التوبة؟
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء