بغداد - أ ف ب:
يستعد المنتخب العراقي لكرة القدم للمشاركة في كأس آسيا 2019 بإشراف مدربه الجديد السلوفيني ستريشكو كاتانيتش، الساعي لاستعادة تجربة البرازيلي-البرتغالي جورفان فييرا الذي أحرز مع المنتخب لقبه القاري الوحيد بعد أسابيع على تعيينه. قبل 12 عاما في إندونيسيا، صنع «أسود الرافدين» مفاجأة كبرى في عالم اللعبة، ومنحوا أهل بغداد والموصل والبصرة وأربيل، سببا للفرح في خضم الحرب الطائفية الطاحنة التي شكلت فصلا داميا في كتاب العراق الغارق بنزاعات متتالية منذ الثمانينات. يومها، كان للعراق مدرب محنك هو فييرا، ومهاجم فتاك اسمه يونس محمود سجل هدف النهائي ضد السعودية المتوجة بثلاثة ألقاب قارية. قبل المباراة النهائية بين المنتخبين «الأخضرين»، لم يكن أحد يتوقع أن يتفوق المثخَن بدماء الحرب على منافسه الذي يعد من الأكثر اقتدارا. في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني للاتحاد الآسيوي، قال فييرا عن تلك الحقبة «العديد من اللاعبين كانوا قد خسروا أقاربهم في النزاع. ستة لاعبين فقط حضروا الحصة التمرينية الأولى». وأضاف «أحد أفراد الجهاز الطبي قتل في انفجار ببغداد قبل يومين من سفرنا (...) عندما كان في طريقه إلى وكالة السفر لشراء تذكرته». وتابع «عند وصولنا، أوقف اثنان من اللاعبين لأكثر من ثماني ساعات من قبل مسؤولي الهجرة. اكتشفت أنه لم يكن لدينا تجهيزات لاستخدامها في التمارين، أو حتى زي رياضي. عانينا من مشاكل مع الطعام، مع حجز الفندق... كان الأمر كابوسا».
على رغم الصعوبات الثقيلة بقدر بعد المسافة بين العراق وإندونيسيا، صنع «أسود الرافدين» المفاجأة، بدءا من الدور الأول بتصدرهم لمجموعتهم التي كانت تضم المنتخب الأسترالي القوي في مشاركته الأولى بعد انضمامه للاتحاد الآسيوي، وصولا إلى النهائي بالفوز على المنتخب السعودي. وتحدث اللاعب نشأت أكرم عن تلك الحقبة قائلا «كان لكل منا قميص واحد، كان علينا ارتداء القميص نفسه عندما نخرج لتناول الطعام وخلال التنقل. كان لدينا زي رياضي واحد أيضا للمباريات. كانت مبارياتنا في الدور الأول مقررة في السابع من يوليو و13 و16 منه، وحجزت تذكرة العودة في 17 لأنني توقعت أن نخرج من الدور الأول».
كاتانيتش إيجابي ويبحث عن حظ
«خابت» توقعات أكرم، وحقق العراقيون لقباً يأملون في تكراره هذا العام، ليتوجوا من خلال كرة القدم سلسلة إيجابيات طبعت يومياتهم في الأشهر الأخيرة: إعلان «النصر» على تنظيم الدولة الإسلامية، تراجع أعمال العنف والتفجيرات في بغداد والمدن الكبرى، والأهم كرويا، رفع الاتحاد الدولي (فيفا) الحظر على إقامة مباريات دولية، وإن بشكل جزئي حتى الآن. إلا أن التوقعات والآمال على ضفة، والواقع على أخرى، وبينهما مسافة قد تكون أكبر من تلك الفاصلة بين شطري بغداد، الكرخ والرصافة. حاول كاتانيتش منذ وصوله كبح جماح الرغبة العراقية في تفوق قاري. قال في تصريحاته الأولى في بغداد إنه لا يحمل «عصا سحرية، أحتاج إلى الوقت حتى نتطور. كأس آسيا ستكون محطة إعداد لتصفيات كأس العالم. لم أعد بالفوز بكأس آسيا». وتابع «هدفي الأساسي هنا هو الوصول إلى كأس العالم 2022». يبدو المسؤولون العراقيون على الموجة نفسها مع المدرب السابق للمنتخبين السلوفيني والإماراتي، وإن كانوا يرغبون في أن يسبحوا عكس التيار، ويمنحوا العراقيين فرصة للاحتفال في ساحة التحرير وعلى جسر الجادرية، وفي كل زاوية من بلاد تنشد أي فرصة للاحتفال والرقص. وقال رئيس لجنة المنتخبات في الاتحاد العراقي للعبة فالح موسى لوكالة فرانس برس «نريد أن نشاهد منتخبنا قويا ومتماسكا في البطولة الآسيوية. إذا لم نستطع المنافسة على اللقب علينا أن نظهر بقوة وبأداء متميز».
يجد كاتانيتش نفسه في وضع مشابه تقريبا لفييرا: السلوفيني تولى التدريب قبل أربعة أشهر، وفييرا عيّن قبل نحو شهرين من كأس آسيا 2007. أتى تعيين السلوفيني البالغ 55 عاما، بهدف أساسي هو التحضير لكأس آسيا. حظي المنتخب بفترة استعدادية جيدة، اذ تضمن برنامجه التحضيري ست مباريات ودية، ففاز مرتين وتعادل ثلاث مرات، وخسر مرة واحدة.
في نسخة 2015، بلغ العراق الدور نصف النهائي قبل أن يخرج على يد كوريا الجنوبية. وفي 2019 يخوض المنتخب العراقي مشاركته القارية التاسعة، وسيكون ضمن المجموعة الرابعة مع فيتنام التي يخوض ضدها مباراته الأولى الثلاثاء في أبوظبي، وإيران واليمن.
في مسعى منه لمحاولة سد الثغرة في خط الهجوم، استدعى كاتانيتش في اللحظة الأخيرة مهاجما رابعا إلى تشكيلته هو محمد داوود (18 عاما)، أفضل لاعب وهداف نهائيات كأس آسيا للناشئين دون 18 عاما في 2016، على حساب المدافع مهدي كامل الذي استبعد من القائمة.
في تصريحات خاصة لموقع الاتحاد الآسيوي، قال كاتانيتش قبل أيام ردا على سؤال عن المقارنة بين 2007 و2019، «أنا لا أتحدث عن الفرص لأن كرة القدم لعبة غريبة جدا. مضى على وجودي معهم (اللاعبين) أربعة أشهر. لكن ما أعرفه هو أنهم مجموعة سعيدة وملتزمون بشكل تام». وأضاف «العديد من الناس حتى الصحافيين يسألونني ما إذا سيحرز العراق اللقب. كل ما يمكنني قوله هو إنني هنا لأقدم أفضل ما لدي. النتائج؟ حسنا هي تعتمد على العديد من الأمور. الحظ مهم أيضا».