«الجزيرة» - المحليات:
أكدت رابطة العالم الإسلامي تأييدها الكامل لمضامين تصريح المملكة العربية السعودية بشأن استنكارها للموقف الصادر مؤخرًا من مجلس الشيوخ الأمريكي ورفضها التام لأي تدخل في شؤونها الداخلية أو التعرض لقيادتها ممثلةً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي عهده -حفظهما الله- بأي شكل من الأشكال أو المساس من سيادتها أو النيل من مكانتها. وأوضحت الرابطة في بيان صدر أمس عن معالي أمينها العام ورئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أن المملكة العربية السعودية تحظى في عموم الوجدان الإسلامي بالتقدير والإجلال الكبير، مشيرًا إلى أقرب شاهد على ذلك، حيث أصدر مُفْتو وعلماء ودعاة ومفكرو العالم الإسلامي (بمن فيهم الفاعلون في كبرى منصات التأثير الدينية) المجتمعون في رحاب المسجد الحرام بجوار الكعبة المشرفة بمكة المكرمة الأسبوع الفائت، أصدروا في مؤتمر رابطة العالم الإسلامي الجامع لوحدتهم بيانًا صريحًا مُعبِّرًا عن عقيدتهم الدينية التي أكدت على القُدْسية الروحية المحورية والحصرية للمملكة العربية السعودية في عالمهم الإسلامي باعتبارها قبلةَ المسلمين وحاضنةَ مقدساتهم التي تشرّفت بخدمتها ورعايتها، وبوصفها أيضًا الحصنَ الكبير في مواجهة مهددات عقيدتهم ولاسيما أفكار التطرف والإرهاب حيث أنشأت لذلك كبرى المنصات العالمية لمواجهة خطره. وقال البيان: إن سيادة المملكة بعامة والمساس بها وبقيادتها بشكل خاص يُمثل بالنسبة لهم خطًا أحْمَرَ لن يَسمحوا بتجاوزه هم ولا أتباعهم من مئات الملايين من المسلمين، وأن التمادي في أمور قد تم حسمها ببيانات عكست بوضوحها التام صِدْقِيَّةَ المملكة المُؤَكَّدَ عليها بمعطيات الأدلة والحسم والمُعْلَنِ عنها بكل شجاعة وشفافية بما ينسجم مع سِجِل المملكة الحافل وتاريخها المعهود، يُعد تطاولًا يتجاوز المنطق والقيم، فضلًا عن المبادئ والأعراف الدولية، ولاسيما مع الدول ذات العمق والبعد التاريخي والوزن والثقل الكبير عربيًا وإسلاميًا وعالميًا، مع الإشارة إلى أن ذلك التمادي بمبالغاته الواضحة والمكشوفة وفي تحركاته الاستثنائية الصادرة عن بعض أعضائه يُعَدُّ ممارسة لافتة وغير مسبوقة مقارنة بحالات سابقة لا توازي مشهد هذا التوقف الاستثنائي، حيث تخطى حدود السياسة والسيادة بما يخالف حكمة مجلس الشيوخ وتاريخه الوطني العريق. وتبع البيان أن هذا الشعور الذي عبَّر عنه المؤتمرون صدر عن 1200 شخصية من كبار القيادات الإسلامية المؤثرة في العالم الإسلامي ودول الأقليات من 127 دولة يمثلون 28 مذهبًا وطائفة إسلامية في لقاء تاريخي يُعدُّ الأول في عدده ومكونات طيفه المتنوع ومستوى التوافق فيه والعزيمة عليه. وأكد بيان الرابطة أن المملكة العربية السعودية دولة ذات كيان كبير وأنها تتمتع بدور محوري فاعل ومؤثر إقليميًا ودوليًا، وأن محاولات التدخل في شؤونها أو النيل من سيادتها يطال في تبعاته الشعوب الإسلامية كافة التي ترى في المملكة البُعد الروحي والأمل الجامع والحاضن لهم، وأن مثل تلك المجازفات لا تخدم المصلحة الدولية ولا العلاقة الإيجابية بين العالم الإسلامي (من مركزية قيادته الروحية) وبين أصدقائه في كل ما من شأنه تحقيق المزيد من التطلعات، وأن مثل هذا التدخل لا يخدم سوى مصلحة الأشرار الذين يجدون في حكمة المملكة وثقلها السياسي والاقتصادي والأمني مهددًا لأجندتهم ومطامعهم وهم رعاة التطرف وأعداء السلام والوئام العالمي والباحثون في السراب عن دور وهمي لكيانهم الكاره والهش بمحاولاته العبثية لدق إسفين بين الأمم والشعوب وأتباع الأديان والثقافات في ظروف وتحولات تتطلب تضافر الجهود المحبة لخير الأسرة الإنسانية وإسعادها وتحقيق المزيد من وئامها وسلامها، فيما رصدت الرابطة مع بالغ الأسف تصرفات لا مسؤولة من أولئك الكارهين لخير وإسعاد البشرية تعكس مستوى مخاطرتها بمستقبل الوئام والاستقرار المنشود مكرِّرةً رهانات تُعيد لمشهدنا التاريخي أخطاء سياسيةً وفكريةً خَلقت فصولاً تاريخية مؤلمة. وختم البيان بقوله: إنه وحتى لحظات إعداده فإن رابطة العالم الإسلامي من مقرها بمكة المكرمة لا تزال تتلقى رسائل الاستنكار لمحاولات الإساءة والتدخل في شؤون المملكة معبرة في أفرادها ومؤسساتها ولاسيما العديد من الدعاة والأئمة والخطباء في العالم الإسلامي ودول الأقليات عن قلقهم الكبير من الموقف الصادر عن مجلس الشيوخ الأمريكي، مؤكدين أن عالم اليوم يحتاج إلى المزيد من بناء الثقة والتعاون، حيث يتحتم على صناع السلام الروحيين والسياسيين والمفكرين وسائر المؤثرين من جميع المخلصين التضحية من أجل عالم أكثرَ وئامًا وسلامًا، وأن هذا الأمل الإنساني الكبير لا يتم إلا إذا كان قادته المُلْهِمُون أكثرَ مهنية وحكمة، وقد ثمّن الجميع الموقف المتوازن والمتعقل للحكومة الأمريكيةومؤسساتها حيال التطورات الأخيرة.